tag icon ع ع ع

عنب بلدي – روزنة

مرت خمس سنوات منذ حمل “قيصر” صوره، التي وثقت قتل 11 ألف معتقل تحت التعذيب في سجون النظام السوري، متجهًا للبيت الأبيض الأمريكي باحثًا عن “العدالة” للضحايا، وداعيًا لإيقاف الانتهاكات التي يعانيها أهل سوريا.

“العدالة” والسعي لإنهاء الانتهاكات هي الصفات الأولى التي حملها مشروع القرار، الذي سمي باسم المصور العسكري المنشق، والقاضي بفرض العقوبات على النظام السوري وحلفائه، والذي دار بين صناع القرار الأمريكيين حتى إقراره، في 20 من كانون الأول الحالي، من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

فهل سيشهد النزاع السوري تحولًا جذريًا بفضل القانون الذي طال انتظاره؟ أم هل سيكون مجرد حبر على ورق، مثلما وُصفت بقية القرارات الدولية السابقة التي أُصدرت ردًا على العنف والقمع الذي مارسه النظام بحق شعبه؟ وما مصلحة أمريكا وهدفها منه؟

أسئلة طرحها برنامج “صدى الشارع“، المذاع عبر راديو “روزنة”، على اختصاصيين ومتابعين للشأن السياسي، في محاولة إيضاح أثر القانون وفائدته المتوقعة في سوريا.

الهبة الأمريكية ليست مؤذية بالضرورة

تهتدي الولايات المتحدة في خطواتها القانونية والعسكرية ببوصلة مصالحها الخاصة، وفي ما يتعلق بقانون العقوبات “الأكبر” الذي سيفرض على النظام السوري، لم يحد البيت الأبيض عن تلك الاستراتيجية، إلا أن المصالح الأمريكية “ليست بالضرورة غير مفيدة للشعب السوري”، بحسب رأي اختصاصي إدارة النزاعات ومدير “مجموعة البحث والإدارة”، بسام قوتلي.

انعكس تشاؤم الشعب السوري من خلال استطلاع الرأي الذي أجراه برنامج “صدى الشارع” عبر حساب راديو “روزنة” في “فيس بوك”، والذي اصطف فيه 86% من المستخدمين مع خيار أن القانون لن يكون له أثر في إنهاء النزاع السوري، و14% فقط رأوا أنه سيدفع نحو الحل.

ولكن قوتلي اعتبر أن القانون، الذي تستخدمه الولايات المتحدة لإدارة النزاع مع النظام السوري والقوى المؤيده له، يملك نواحي “مفيدة”، وإن لم يكن دوره المباشر هو حل النزع السوري، الذي يتطلب أدوات ووسائل أخرى ضمن القضية السياسية.

ينص القانون على فرض عقوبات على كل الأجانب، من أشخاص وشركات ودول، الذين يقدمون الدعم العسكري والمالي والتقني للنظام السوري، ويمتاز بسرعة إجراءاته مقارنة بقوانين العقوبات السابقة، ما يجعله “وسيلة ضغط” قد تحقق نتائج “كثيرة”، حسبما قال قوتلي لـ”صدى الشارع”.

وأشار قوتلي إلى أن المصالح الأمريكية قد “تتقاطع” مع مصالح الشعب السوري من خلال ما ينص عليه القانون من ربط التقدم بحقوق الإنسان ووقف الانتهاكات والقصف وفتح المعابر الإنسانية برفع العقوبات، مع ما توفره ضغوطها من الدفع لتقدم العمل السياسي في صياغة الدستور ضمن أعمال اللجنة الدستورية، التي عانت من عرقلة في جولة اجتماعاتها الأخيرة في تشرين الثاني الماضي.

وفي حين أن البيت الأبيض “ليس مؤسسة ثورية”، حسبما قال الكاتب والصحفي درويش خليفة لـ”صدى الشارع”، إلا أن قانون “قيصر” سيكون “ضربة قاسمة” للنظام السوري، حسب رأيه.

وبرر خليفة تشاؤم الشعب السوري بـ”مللهم” من القرارات الدولية والاتفاقيات السابقة، التي لم يكن لها أثر واقعي على حياتهم، إلا أن سمعة القانون الأخير، الذي أجلته الخلافات والتوازنات في الكونغرس الأمريكي حتى أدرج مع قانون موازنة وزارة الدفاع الأمريكية، تستحق “التفاؤل”، حسب قوله.

إيران “الخاسرة” وروسيا “المستهدفة”.. ماذا ستربح أمريكا؟

اعتبر اختصاصي إدارة النزاعات، بسام قوتلي، أن سبب تأخر قانون “قيصر” وممانعة إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، له، تتعلق بمفاوضاتها مع إيران، ومحاولتها تمرير صفقة السلاح النووي، التي انسحب منها الرئيس الحالي، دونالد ترامب، في أيار من عام 2018، وأتبعها بحزم متلاحقة من العقوبات التي استهدفت كيانات وشخصيات ومؤسسات إيرانية ومختلف القطاعات الحيوية في اقتصادها.

ورغم ما عاناه الاقتصاد الإيراني من تبعات تلك العقوبات، إلا أن نشاطها في التدخل الإقليمي بقي حاضرًا، واستمرت بدعم النظام السوري عسكريًا واقتصاديًا، كما فعلت منذ بداية النزاع.

ومع ما يمثله قانون “قيصر” من حزم جديدة، إلا أنه “لن يؤثر فعليًا” على إيران، حسب رأي القوتلي، كونها تعاني بالفعل من الحد الأقصى “تقريبًا” من العقوبات، ولكن أثره “الأخطر” موجه لروسيا، التي لم تصل العقوبات عليها إلى الحد الأعلى بعد.

ومع غياب التنافس الروسي- الأمريكي في سوريا، حسبما قال قوتلي، مشيرًا إلى تدني اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط وتكاليف الحروب الخارجية مع محاولتها إمساك الخيوط والتحكم بالنفط وإعادة الإعمار وإدارة الصراع، تحاول روسيا مع النظام السوري “استباق تنفيذ العقوبات”، على حد تعبيره، من خلال عملياتهما العسكرية المتصاعدة في شمال غربي سوريا

ورغم أن فرض العقوبات على دولة بحجم الدولة الروسية لن يكون “أمرًا سهلًا”، على حد قول قوتلي، إلا أن البعض يشيرون إلى أن قانون “قيصر” قد يفيد الدعاية الانتخابية للرئيس الأمريكي، الذي اتهم بالتعامل مع روسيا مسبقًا.

واستبعد الكاتب والصحفي درويش خليفة أن تكون الغاية الأمريكية هي دفع روسيا إلى مواجهة مباشرة، مع اختلافها عن إيران وميليشياتها الحليفة التي استُهدفت عسكريًا بشكل “دائم” في سوريا، من قبل إسرائيل التي وجهت مئات الضربات والغارات لمواقعها المختلفة، وهو ما لم يكن في الحالة الروسية، حسب قوله.

وأشار خليفة إلى أن الولايات المتحدة تتعمد الضغط الاقتصادي على روسيا لتعديل سلوكها، ولكنها لا تنوي زيادته إلى حد كبير مع أخذها بعين الاعتبار التوازانات الاقتصادية والتحالفات العالمية ذات الأثر وسعيها للتوازن بعلاقتها مع الروس.

وأضاف أن قانون “قيصر” قد يدفع روسيا إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، وقد يفضي إلى اتفاق حول صيغة معينة لإنهاء النزاع السوري، وسط التشابكات الدولية والإقليمية الحالية، ووفق أولوياتها في المنطقة.

ويبقى على الناشطين السوريين، حسب رأي خليفة، أن يساعدوا الحكومة الأمريكية على الوصول إلى المعلومات حول من يساعد بشار الأسد بالمال والسلاح والوقود والطاقة، ليشمل في جملة القانون وينال عقوباته.

أعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة

مقالات متعلقة