تعا تفرج

تعا تفرج عَ الكاتب الحشاش

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

أتوجه بالشكر إلى قراء صحيفة “عنب بلدي” الذين يتحملون زاويتي الأسبوعية بصبر واحتساب، ويقرؤونها حتى ولو على مضض.. المشكلة، يا أصدقاء، أن هناك أناسًا معجبين بكتاباتي، منهم الصديق جواد شربجي رئيس تحرير عنب بلدي الذي تعرفتُ إليه في سنة 2017، ودعاني لكتابة زاوية أسبوعية في الصحيفة، واتفقنا على أن تكون الزاوية قصيرة (400 كلمة)، اخترتُ لها عنوانًا احتفاليًا “تعا تفرج”.. وهذا، أعني إعجابَهُ بكتاباتي، كان السبب في ابتلائكم برؤية صورتي وأنا ضحكان، صباحَ كل يوم أحد، وقراءة زاويتي التي تسببت بوقوع بعض المشاكل.

أنا، حقيقة، لم أكن أعرف بوجود هذه المشاكل. فـ “جواد” لم يخبرني بها، لأنه يتعامل مع كُتَّاب الرأي عمومًا، بطريقة حضارية، وهي أن الكاتب يعبر عن رأيه الشخصي، وليس عن رأي الصحيفة، ويتعامل معي أنا خاصة بأكابرية مضاعفة لاعتقاده (وهذا اعتقاد خاطئ بالطبع) أنني كاتب كبير!

مفهوم “الكاتب الكبير” في الأساس ملتبس، فهناك كتاب كبار من حيث الأهمية، وهناك كتاب كبار (بالسن) فقط، وهؤلاء لا بد أن يدب فيهم “الخَرَف” فتزداد كتاباتهم سوءًا على سوء.

كنت أسهر، ذات مرة، مع مجموعة من الأصدقاء في منطقة “رأس شمرا” بريف اللاذقية، وأنا يومئذ في سن الـ 55، وطرحتُ مشكلة تقدم الكاتب بالسن، واحتمال أن يدب فيه الخرف، ويصبح من واجب أصدقائه وذويه إيقافه عن الكتابة.. وبينما أنا مستمر في شرح فكرتي إذ قال لي صديقي الأستاذ غازي أبو عقل، مستخدمًا طريقته العجيبة في المزاح: يا خطيب أنت وَقِّفْ عن الكتابة من هَلَّقْ.. شو بدك بغيرك؟!

بصراحة، لم أمتثل لنصيحة الصديق غازي، وبقيت أكتب حتى وقعنا في هذه المشاكل، وهي، بحسب ما أعلمني جواد، أنني أطرح أفكاري وآرائي بمنطق ساخر، وأما الصياغة فتوحي بأن الموضوع جاد مما يجعل الموضوع ملتبسًا لدى القراء. وضرب لي مثلًا بزاويتين كتبتُهما وزعمتُ فيهما أنني كنت أجالس مجموعة من الحشاشين، ونتحدث في السياسة، وكاد نفسه أن يصدق بأنني أحشش! وأنا أعتبر هذه النقطة لصالحي، وتعني أنني قادر على تخيل عوالم لم أتعرف إليها قط، وهذا حصل مع قارئ قرأ لي موضوعات تدور أحداثها في السجون، فاعتقد أنني سُجنت سنوات طويلة.

في جريدة “المضحك المبكي” السورية التي كان يُصدرها الأديب الساخر حبيب كحالة كانت هناك فقرة دائمة عنوانها “حكمة الحمار”.. يتقمصُ أحدُ محرري الصحيفة شخصية الحمار ويكتبها، وحينما أصدرتُ -أنا محسوبكم- مجلة “كش ملك” الإلكترونية، أحدثتُ زاوية عنوانها “حديث الحشاش” كنتُ أكتبها بشكل دائم، متخيلًا الأجواء التي تضم الحشاشين، وفي وقت لاحق اخترعت شخصية “الكلب أبو دومان” وصرت أكتب أفكاره، وأسمي كل فكرة منها “التعواية”.

خلاصة: إن كل ما أكتبه في زاوية “تعا تفرج” ينتمي إلى الصحافة الساخرة، وكلُّ تَعَامُلٍ جِدِّيٍّ مع الزاوية سينتج عنه التباس يجعل رَدَّ فعل بعض القراء يصل إلى حد أن يتركوني أنا، ويسبوا على المرحومة والدتي وزوجتي وأخواتي وبناتي، مثلما حصل مع آخر زاوية نشرتها الأسبوع الفائت!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة