هل يتحول حزب “الشعب الجمهوري” التركي من معاد للاجئين إلى نصير لهم؟

camera iconأطفال سوريون (Getty)

tag icon ع ع ع

يعيش قرابة ثلاثة ملايين سوري في تركيا، وبالرغم من أن المسؤولين الأتراك كانوا يطلقون دائمًا اسم “الضيوف”، لم يحدد وضعهم القانوني أنهم لاجئون.

تحديد وضع السوريين القانوني انعكس على خلافات الأحزاب السياسية، إذ اعتبرهم حزب “العدالة والتنمية” ضيوفًا، وأشارت كوادر الحزب إلى المسؤولية الدينية عنهم مطلقين عبارات من قبيل “المهاجرين والأنصار”.

وأنشأت الحكومة نظامًا لتأمين الخدمات لهم وحمايتهم تحت مسمى “الحماية المؤقتة”.

حزب “الشعب الجمهوري” كان ينادي بضرورة الاعتراف بالسوريين الموجودين في تركيا بأنهم لاجئون قانونيًا، وبهذا سيحصل السوريون في تركيا على حقوقهم بناءً على اتفاقية جنيف 1951 الخاصة بوضع اللاجئين والتي تنص على تأمين المجتمع الدولي الحماية للاجئين الذين لم يعودوا يتمتعون بحماية حكوماتهم.

روح جديدة يحملها إمام أوغلو

إمام أوغلو و بن علي يلدرم (Habertürk)

الحزب كان على مدى ست سنوات يهدد بترحيل السوريين منتقدًا الحكومة التركية التي سمحت بدخولهم، إلا أن الموقف الحديث للحزب جاء مع انطلاق حملات رئيس بلدية اسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي قال في المناظرة التي جرت في 16 من حزيران، إن “تركيا لم تدر هذه القضية بشكل جيد، لا يمكن النظر للأمر بشكل عاطفي”.

وأردف إمام أوغلو، “سنقوم بحماية نساء وأطفال السوريين وسننقل قضيتهم إلى المحافل الدولية”.

رئيس بلدية بولو (Artı Gerçek)

وانتقد أكرم إمام أوغلو سياسات أعضاء حزبه الذين منعوا السوريين من دخول الشواطئ، مؤكدًا أنه لن يقوم بأي خطوة غير إنسانية تجاه السوريين.

توصيات تدعو لمساعدة السوريين

المجلة العلمية لحزب “الشعب الجمهوري” أصدرت توصيات، في آذار 2019، انتقدت فيها سياسات الحزب الحاكم تجاه اللاجئين السوريين، كما انتقدت موقف حزب “الشعب الجمهوري” نفسه من عدم تقديم الحلول في موضوع السوريين في تركيا، داعية كوادر الحزب لمساعدتهم.

وجاء في التوصيات أن حزب العدالة والتنمية استخدم اللاجئين “سياسيًا”، ولم يتخذ الاستعدادات اللازمة لمساعدتهم.

وبما يخص الإنفاق الحكومي على قضايا اللاجئين، اعتبرت المنصة أنه يجب أن يوجه إلى المقيمين في المخيمات، والذين انخفض عددهم إلى 142 ألفًا، بينهم من يعانون من أمراض مزمنة ويهددون الأمن.

أطفال سوريون
وبحسب تقرير “آفاد” السنوي عن أوضاع السوريين المقيمين في تركيا في العام 2018، فإن نصف السوريين خارج المخيمات لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية وإن عدد وجباتهم انخفص وتقلصت كمية طعامهم.

وأوضح التقرير أن سوريًا واحدًا من بين ثلاثة لا يستطيعون تأمين قوتهم اليومي.

أما عن التوصيات التي قدمتها المنصة العلمية في حال وصول حزب “الشعب الجمهوري” إلى الحكم، فهي تطبيق سياسة السلام وعدم تعطيل دور الأمم المتحدة في المناطق الآمنة داخل سوريا.

كما توصي بمواصلة تطبيق الاتفاقات الدولية الخاصة بسوريا مثل اتفاقية “أضنة 98” واتفاقية “أستانة” بين روسيا وتركيا وإيران و”جنيف” لحماية اللاجئين، وهو ما يعتبر عائقًا أمام الحزب لأنه يعارض موضوع التحفظ الجغرافي الذي تنص عليه النسخة الأولى من قانون جنيف 1951.

ماذا يعني التحفظ الجغرافي

النسخة الأولى لاتفاقية حماية اللاجئين كانت في العام 1951 وكانت تمنح حق اللجوء للأوروبيين عقب الحرب العالمية الثانية.  وأقرت في العام 1967 نسخة ثانية من الاتفاقية أزيلت فيها الحدود الجغرافية والزمنية الواردة في نص الاتفاقية الأولى.

تركيا كانت من أوائل الموقعين على النسخة الأولى من هذه الاتفاقية لكنها لم توقع على النسخة الثانية منها، وبناءً على هذه الاتفاقية تمنح الدول الأوروبية حق اللجوء للقادمين إلى أوروبا من أي دولة أوروبية ثانية.
وهذا ما يشجع القادمين من من إفريقيا وبنجلادش واندونيسيا وإيران والمعارضين السياسيين على التوجه نحو تركيا التي لا تمنحهم صفة رسمية كلاجئين وبالتالي يعكفون على الهجرة غير الشرعية عبر البحر.

وتطالب كل من مفوضية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تركيا الانضمام لهذه الاتفافية لكنها لم تحقق أي نتائج في هذا الإطار، ولا يبدو أنها ستحقق في المستقبل لأنها ستتسبب لتركيا بمشاكل قانونية.

تركيا ناقشت الأمر مع الوزارات المعنية والبرلمان خلال السنوات الماضية ولم يتم التوصل إلى نتيجة بسبب مخاوف من أعباء مالية بعد منح اللاجئين الحقوق من ضمان اجتماعي وتعليم وصحة.

وطالبت بلغة أكثر اعتدالًا تجاه اللاجئين من قياديي الحزب، وبتسهيل عودة السوريين ومنح من بقي منهم وضعًا قانونيًا يمنحهم الحقوق وينهي تقوقعهم ويقدم البرامج لدمجهم.

ودعت إلى عدم استخدام السوريين كأداة سياسية، وتشديد الإجراءات داخل الحزب للمعاديين للاجئين، حتى تجاه أعضاء الحزب، في إشارة إلى رئيس بلدية بولو الذي قطع المساعدات عن السوريين هناك.

أما عن منح الجنسية للسوريين بعد العودة فهو أمر إشكالي، ولا ترى المنصة حلولًا قريبة له.

ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و605 آلاف و615 سوريًا في مختلف الولايات حسب بيانات دائرة الهجرة التركية في العام 2019.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة