التهتهة..

قلق الأهل ومخاوفهم تساهم في تكريس اضطرابات الكلام عند الأطفال

tag icon ع ع ع

كثيرٌ من الأمهات يقلن أن أبناءهن كانوا يتكلمون بشكل طبيعي ثم أصبحوا يتهتهون، أو عندما يبدأون الكلام تظهر معهم هذه المشكلة.

والتهتهة هي من المشاكل اللغوية الشائعة التي تحدث عند الأطفال، وغالبًا ما تنشأ عن حالات نفسية عرضية أو مزمنة، فهنالك حاجات تحدث بداخل الأطفال ولكنها تظهر بتصرفاتهم.

أسباب نشوء الظاهرة عند الطفل

قد تكون في داخل الطفل حاجة تسبب الإزعاج، أو من الممكن أنه يعاني من خوف أو قلق، والأهل غير قادرين على فهم ما يعانيه، أو حتى الطفل نفسه قد يكون غير قادر على التعبير عما بداخله، إما لصغر سنه وعدم قدرته على التعبير، أو عدم امتلاكه للأدوات والمفردات التي يحتاجها، أو بسبب طبيعة الأهل الصارمة وعدم تقبلهم لما قد يقوله.

هناك عامل أساسي من أسباب التهتهة، وهو ردود أفعال الأهل، فليس من المقبول أن نطلب من الطفل التوقف عن التكلم ونظهر انزعاجنا في كل مرة يحاول فيها، لأن قلق الوالدين، وخاصة الأم، تجاه هذه المشكلة قد يكون السبب في تفاقمها وتعقيدها عند الطفل، فعبارات الأم المتكررة التي تنهر الطفل تؤدي إلى استمرار المشكلة لدى الطفل وازديادها.

وبالرغم من أن هناك بعض الأمهات قد لا تظهر هذا القلق بشكل مباشر للطفل، إلا أنها تعاني بداخلها من قلق وتفكر برعب من أن طفلها سيبقى طوال حياته يعاني من هذه المشكلة، أو قد تشعر بالذنب معتقدة بأنها السبب بما يمر به طفلها؛ هذا القلق غالبًا ما يصل إلى الطفل ويصبح مقتنعًا بعدم قدرته على تجاوز هذه المشكلة.

ما الذي يجب أن نقوم به لتجاوز المشكلة؟

بدايةً، يجب أن نفهم أن الطفل يمر بمشكلة، وأول خطوة نقوم بها هي فحص التغيرات التي يمر بها والأسرة بشكل كامل.

قد يكون التغيّر في البيت: مولود جديد، حادثة طلاق، الانتقال لمكان آخر، وفاة أو غياب أحد الوالدين، التعرض لحوادث قاسية مثل هدم المنزل… إلى آخره.

وقد يكون التغير في المدرسة، كتغيير الآنسة أو الأستاذ، أو ربما ترتبط التهتهة بالرعب من الفشل في الامتحانات، وذلك بسبب طموح الأهل الزائد الذي يشكل عبئًا على الطفل، لذلك قد تبدو التهتهة وكأنها توتر نفسي مصاحب لقلق أو خوف وفقدان الشعور بالأمن أو الشعور بالنقص.

بعد فهمنا لسبب المشكلة، تأتي مرحلة الهدوء من قبل الأهل وتقبل فكرة أن الطفل يمر بها، والصبر من قبل الأهل عندما يحاول الطفل قول شيءٍ ما وانتظاره حتى ينهي جملته، والابتعاد عن الصراخ والتوقف عن نهره والتذمر من طريقة كلامه، والعمل على تطمينه بأن ما يمر به يمكن تجاوزه والتغلب عليه؛ لأن الطفل أساسًا يعاني من مشكلة، فليس من الحكمة إضافة قلق الوالدين عليها.

عندما يرى الطفل والده أو والدته وكلهما ثقة في قدرته على التغلب على المشكلة، فسيصله هذا الإحساس بالثقة، وبالتالي فدور الوالدين هنا محوري وأساسي عندما يستطيعون ضبط قلقهم وعدم المساهمة في تفاقم المشكلة.

من الأفضل أن يتكلم الأهل مع الطفل بشكل واضح بأنه يعاني من هذه المشكلة، وذلك من خلال حكاية أو قصة، أو من خلال دمى حيوانات محببة له (حسب عمر الطفل وقدرته على الفهم)؛ مثلًا: هذه الدمية كانت تتكلم بشكل طبيعي وفجأة بدأت تعاني من مشكلة ما، وضحك أصدقاؤها عليها في المدرسة، فتأثرت بذلك.

مثل هذه القصص من الممكن أن تساعده على شرح مشكلته؛ وهذه الإجراءات توصل رسالة للطفل بأن والديه، وأمه خاصة، متقبلة لمشكلته وأن هناك شخص ما على دراية بما يعانيه، مما قد يدفعه إلى التكلم عما يشعر به، و يعطيه الدافع ليتخذ قرارًا بتجاوز المشكلة.

يفضل أيضًا تشجيع الطفل على الكلام باستمرار وتجاهل أي تهتهة في كلامه، مثلًا يمكن أن يخصص الأهل وقتًا معينًا يوميًا للتكلم بأي شيء، وذلك في جو مشجع لمدة نصف ساعة على الأقل، ويمكن استعمال أدوات التعزيز والمكافآت لمساعدته وتشجيعه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة