خطوات عملية للإقلاع عن التدخين

الإقلاع عن التدخين
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

أضرار التدخين عديدة، ويؤثر على العديد من أعضاء الجسم وأجهزته، مسببًا اضطرابًا في عملها وأمراضًا خطيرة، لا سيما الجلطة القلبية والدماغية، وداء الانسداد الرئوي المزمن، فضلًا عن سرطانات متعددة أبرزها سرطان الرئة.

لكن ولحسن الحظ فإن الإقلاع عن التدخين يقلل من احتمالية الإصابة بتلك الأمراض، ويحسّن من صحة المدخن بغض النظر عن الفترة التي استمر بها في التدخين وبغض النظر عن الكمية التي كان يدخنها، وكلما كان وقف التدخين مبكرًا كلما كان ذلك أفضل لصحة الشخص ووقايته من الأمراض، وكذلك فإن الإقلاع عن التدخين يخلص المخالطين للمدخن من مخاطر استنشاق الدخان (التدخين السلبي).

ما المقصود بالإقلاع عن التدخين

الإقلاع عن التدخين (Smoking cessation) يُقصد به عملية التوقف عن ممارسة عادة تدخين التبغ بكل الأشكال (السجائر أو النرجيلة أو الغليون أو غيرها).

وهي عملية معقدة وغير سهلة، يمكن أن تتم باستشارة أحد مهنيي الصحة واختصاصيي الإقلاع عن التدخين أو دونها، وباستخدام أدوية أو دونها.

لماذا يجد المدخنون صعوبة بالإقلاع عن التدخين؟

يعود ذلك إلى حدوث الإدمان على التدخين، وللإدمان على التدخين عوامل عدة تقسم إلى عوامل نفسيّة وإلى عامل جسديّ.

تشمل العوامل النفسية اعتياد الشخص على التدخين في أوقات معينة، مثلًا عند شرب القهوة أو بعد الانتهاء من تناول الطعام أو عند السهر مع الأصدقاء أو لعب الورق أو غير ذلك، وثمة عامل آخر يتمثل في استخدام التدخين وسيلةً لتخفيف الشعور بالانزعاج أو الشعور بالوحدة والملل.

أما العامل الجسدي في إدمان التدخين فينجم عن احتواء تبغ السجائر على النيكوتين، حيث يتم امتصاصه من الرئتين وتجويف الفم فيصل إلى مجرى الدم الذي يحمله ويوصله إلى جميع أنحاء الجسم فيؤثر على الدماغ والكظر:

الدماغ: يفعل النيكوتين منظومة الأحاسيس التي تولـد لدى المدخن إحساسًا بالمتعة والهدوء.

الغدة الكـظـرية: يحفز النيكوتين إفراز الأدرينالين الذي يولـد إحساسًا باليقظة وينشط إفراز الغلوكوز، ما يولد الشعور بالشبع.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجسم يعتاد على كمية معينة من النيكوتين، وتحدث العديد من الأعراض عند انخفاض هذه الكمية، لذلك فإنه يستمر في طلبها.

ما أعراض الإقلاع عن التدخين؟

عند التوقف عن التدخين تحدث لدى الشخص أعراض انسحابية تشمل: صعوبة النوم والأرق، التوتر والغضب والانزعاج، عدم الإحساس بالراحة، صعوبة في التركيز، الشعور بالغضب، الاكتئاب، الرغبة بتناول الطعام وزيادة الوزن، التهيج، انخفاض معدل ضربات القلب، الشوق إلى التدخين، الصداع.

تصل هذه الأعراض إلى ذروتها في الأيام الثلاثة الأولى بعد ترك التدخين، ثم تتناقص بعدها تدريجيًا خلال الأسابيع التالية، ولكن الرغبة في التدخين قد تستمر إلى عدة أشهر، كما يحدث سعال منتج للقشع خلال شهر من ترك التدخين، ثم لا يلبث أن يتراجع خلال ستة أسابيع من الإقلاع عن التدخين.

كيف تتم عملية الإقلاع عن التدخين؟

يمكن أن يتم إيقاف التدخين دفعة واحدة ويمكن إيقافه تدريجيًا:

طريقة إيقاف التدخين دفعة واحدة تعني التوقف الفوري والتام عن التدخين، وهذه الطريقة مناسبة بشكل خاص للأشخاص الذين يدخنون كمية قليلة أو الذين دخنوا لفترة زمنية قصيرة نسبيًا.

طريقة إيقاف التدخين بالخطوات التدريجية تعني الإقلاع عن التدخين بشكل تدريجي، وتتمثل في خفض عدد السجائر التي يتم تدخينها يوميًا، أو تقليل كمية النيكوتين في السجائر (استخدام السجائر الخفيفة)، وطريقة الإقلاع عن التدخين هذه مناسبة بشكل خاص للمدخنين الشرهين الذين يدخنون كميات كبيرة من السجائر يوميًا، أو الذين دخنوا لفترة زمنية طويلة.

وبشكل عام يتطلب الإقلاع عن التدخين التخطيط والدعم والإرادة وربما الأدوية المساعدة، ولذلك فإن الكثير من المدخنين يفشلون في الإقلاع عن التدخين رغم المحاولة عدة مرات، وبشكل عام هناك ثلاث خطوات مهمة للإقلاع عن التدخين:

  1. الخطوة الأولى هي وجود الإرادة وعدم الإحباط أو اليأس من تكرار الفشل، ويجب التذكر أن الرغبة الشديدة الملحة لاستعمال التبغ قد تنتهي في غضون 5 إلى 10دقائق رغم شدتها، سواء تم تدخين سيجارة أم لم يتم.
  2. الخطوة الثانية هي التغلب على العادات المصاحبة للتدخين، وكسر تلك العادات التي تزيد من الرغبة في التدخين أوتوماتيكيًا، مثل سيجارة ما بعد تناول الطعام، أو سيجارة مصاحبة للشاي أو القهوة، أو ما شابه، وينصح بالانشغال بشيء بديل مثل مضغ علكة خالية من السكر أو النعناع أو المصاصات أو ما شابه.
  3. الخطوة الثالثة تتعلق بـالنيكوتين، فيمكن التخلص من الأعراض الجسدية الناجمة عن انخفاض مستوى النيكوتين عن طريق استعمال بدائل له يمكن الحصول عليها بشكل لصاقة، أو علكة، أو كريات صغيرة للمص، أو سجائر كهربائية، أو بخاخ للأنف، أو إرذاذ.

كما تتوفر في الأسواق أدوية لا تشكل بديلًا للنيكوتين، لكنها تقلل من صعوبة الإقلاع عن التدخين، وهي تعمل على مستقبلات النيكوتين في الدماغ، ومن هذه الأدوية:

  • فارنيكلين: يعد من الخيارات الأولى لترك التدخين، حيث يكبح الرغبة الشديدة بالتدخين ويقلل الأعراض الانسحابية.
  • بيوبروبيون (زيبان): وهو دواء يساعد على تقليل الرغبة الشديدة بالتدخين وتقليل الأعراض الانسحابية للنيكوتين.
  • نورتريبتيلين، سايتيسين، كلونيدين.

ويجب أن يستمر العلاج بها عادة نحو 60 يومًا، كما أن الجمع بين أكثر من دواء يزيد من الفعالية العلاجية.

ما الخطوات العملية للإقلاع عن التدخين؟

  • تحديد تاريخ معين للإقلاع عن التدخين، وإبلاغ الأصدقاء والأهل بهذا الموعد.
  • التخلص من جميع السجائر والولاعات، ومنافض التدخين.
  • غسل جميع الملابس للتخلص من رائحة الدخان العالق بها.
  • كسر العادة، على سبيل المثال إذا كان الشخص مُعتادًا على التدخين بعد الوَجبات بإمكانه إشغال نفسه بممارسة رياضة المشي، أو محادثة صديق.
  • استبدال السيجارة بالعلكة الخالية من السكر، أو النعناع، أو المصاصات، أو أيّ بديلٍ آخر عند الشعور بالرغبة بالتدخين.
  • طلب المساعدة والدعم من قبل المُحيطين بالمُدخّن، كالأهل والأصدقاء، كما يُمكن الانضمام إلى جماعات الدعم المتوفرة بكثرة على الإنترنت.

ما نتائج الإقلاع عن التدخين؟

هناك فوائد عظيمة منذ الساعات الأولى للتوقف عن التدخين، فبالنسبة لشخص يدخن باكيت تقريبًا (20 سيجارة) يوميًا، تحدث في جسمه التغيرات التالية عند إقلاعه عن التدخين:

في غضون 20 دقيقة..

يحدث هبوط بمعدل ضربات القلب وضغط الدم.

بعد 12 ساعة..

يكون أول أوكسيد الكربون قد غادر تمامًا أجهزة الجسم المختلفة، فيصبح الدم يحمل الأوكسجين بشكل أكثر كفاءة.

خلال أسبوع واحد..

تزداد حدة الإحساس الطبيعي بالطعم وبالرائحة، وتتحسن الدورة الدموية، ويكون كل النيكوتين قد تلاشى من أجهزة الجسم، مع تلاشي أعراض الانسحاب.

خلال شهر واحد..

تبدأ الشعيرات الرئوية بالتعافي والتخلص من المخاط بكميات أكبر، ففي البداية سوف يحدث سعال منتج للمخاط الذي يخرج من الرئتين، فتقل أخطار الإصابة بالمرض، وسرعان ما يصبح السعال أقل، ثم يقل أيضًا احتقان الجيوب الأنفية والشعور بالتعب وضيق التنفس.

بعد سنة واحدة..

يقل خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، ويستمر الخطر في التقلص بشكل كبير على مدى الأعوام الأربعة الأولى، كما يقل أيضًا خطر الإصابة بسرطان الرئة ولكن ببطء أكثر، ويصبح خطر الإصابة بأمراض القلب نصف ذلك الخطر الذي يتعرض له الشخص المدخن.

بعد خمس سنوات..

يصبح مستوى خطر الإصابة بالسكتة الدماغية هو نفسه كما عند غير المدخن.

بعد عشر سنوات..

يقل خطر الوفاة من جراء سرطان الرئة إلى النصف، بالمقارنة مع مستواه لدى الشخص المدخن.

بعد 15 عامًا..

يصبح خطر الإصابة بأمراض القلب هو نفسه لدى الشخص غير المدخن.

أخيرًا نذكر بأن شهر رمضان يشكل فرصة ذهبية للمدخنين للإقلاع عن هذه العادة السيئة، ففي نهار رمضان يمتنع الصائم عن التدخين حتى لا يفطر، وفي ليل رمضان تأتي الزيارات الاجتماعية والطقوس الدينية كصلاة التراويح وقيام الليل لتشغل المدخنين عن هذه العادة وتكون عونًا لهم في الإقلاع عنها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة