شيراز.. من حلمها كطبيبة إلى معيلة لأسرتها في شوارع لبنان

«بكرا بس يطلع بابا من السجن بدي ارجع عالمدرسة»

tag icon ع ع ع

«بتمنى يطلع أبي من السجن مشان بطل اشتغل»، بهذه الكلمات الجارحة أجابت شيراز، وهي طفلة تبلغ من العمر 11 عامًا، عندما سألتها عن أمنيتها، وبدأت بالبكاء، كما تفعل كلما سألتها عن نفسها.

شيراز تنتمي إلى عائلة إدلبية من بين مئات العائلات التي شردتها الحرب والقتل ليلقيها الظلم والفقر والتشرد في إحدى بلدات البقاع الأوسط، مع عائلتها المؤلفة من 8 أشخاص وأبٍ يقبع في سجون لبنان منذ أكثر من سنة بسبب مشكلة مع رب العمل.

كان سجن الأب وظروف المعيشة القاسية سببًا وراء ترك شيراز لدراستها والخروج إلى الشارع لبيع البسكويت والعلكة، كحال عددٍ كبيرٍ من أطفال سوريا اللاجئين، وحال أخوتها من قبلها محمد وشهد.

تقول والدة شيراز بحرقة «بعد سجن زوجي لم يعد لنا معيلٌ في هذه الحياة القاسية، فاضطررت للبحث عن عمل، وكوني لا أتقن أي مهارة لم أحظ بعملٍ مناسب، فجلست على أبواب المساجد وفي الأسواق أرجو مساعدة هذا وذاك كي لا ينام أطفالي في الشارع».

وبقيت الأم على هذه الحال حتى بدأ ابنها محمد بالعمل في كل مكان يبيع البسكويت والمحارم، وفق تعبيرها، مردفةً أن مساعدات الأمم المتحدة وأهل الخير مكنّت العائلة من «إكمال بعض من هذه الحياة».

أما الفتاة الرقيقة شيراز، التي تبدو بتحمّل المسؤولية أكبر من عمرها، فلحقت بأخيها تجوب شوارع البقاع من الصباح حتى المساء، وتلتقي مع أخوتها من حين لآخر في الشوارع التي امتلأت بالأطفال السوريين الذين يكافحون لعيشهم محرومين من حقوقهم في التعليم والأمان والراحة.

وكشفت دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة إنقاذ الطفل الدولية أن نحو ثلثي الأطفال في شوارع لبنان هم من الفتيان السوريين، وتتراوح أعمار أكثر من نصفهم بين 10 و14 عامًا.

تقول شيراز ببراءة «بعدما خرج محمد للعمل وأبي سُجن وجب عليّ أن ساعد أمي، وتركت المدرسة لأننا لا نملك نقودًا»، مكملةً «أنا أحب التعليم وكنت أريد أن أصبح طبيبة، لكن ربما لن أستطيع».

«بكرا بس يطلع بابا من السجن بدي ارجع عالمدرسة»، تكمل شيراز لتذكّرنا بآلاف الأطفال الذين أطاحت الحرب بطفولتهم وحقهم في التعليم، ففي عام 2014 بلغ عدد الأطفال السوريين الملتحقين بالمداراس أقل من 25 بالمئة.

ووفقًا لمديرة منظمة اليونيسف ماريا كاليفينس «إن أكبر مشكلة تواجه الطفل السوري في لبنان هي بلا شك التعليم».

تشيح شيراز بوجهها حين نسألها عن أمنيتها ثم تقول «بتمنى يطلع بابا من السجن مشان بطل اشتغل و روح عالمدرسة، وبتمنى ما حدا يزعل أخواتي».

ها هم أطفال سوريا في أتون حرب قاتلة وأوضاع متردية يقفون على هاوية الضياع، لعل يدًا رحيمة تنقذهم من الحرمان والمستقبل المجهول وسط دعوات ونشاطات مختلفة تتفاوت في جديتها وقدرتها على التأثير.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة