الطفل الذي لديه والدان يقومان بأداء كل أموره سوف يبقى صغيرًا

دور الأهل في تعليم الطفل الاعتماد على نفسه

tag icon ع ع ع

أحمد، طفل عمره سبع سنوات، لا تزال والدته تقوم بإلباسه ثيابه، وتحضير حقيبته وربط حذائه قبل ذهابه إلى المدرسة، تقول إنه “لا يزال صغيرًا”.

الكثير من الأمهات يصررن على القيام بنفس الأشياء لأطفالهن حتى مع تقدمهم بالعمر وقدرتهم على القيام بها بأنفسهم. مع العلم أن الطفل خلال السنة الأولى من حياته مثلًا يكون قادرًا على توضيب لعبتين من أصل عشرة من ألعابه، وخلال السنة الثانية يصبح قادرًا على توضيب كل الألعاب، أما بعمر الثلاث سنوات فهو قادر على حمل صحنه بعد انتهائه من الطعام ووضعه في المكان الخاص في المطبخ، وخلال السنة الرابعة يصبح قادرًا على لبس حذائه وربطه لوحده.

من خلال فهم حقيقة أن الطفل يكبر وينمو، وأنه من غير الصحيح الاستمرار بالقيام بتلبية نفس طلباته عندما يكبر، يجب العمل على مساعدته لفهم فكرة أنه يتقدم بالعمر، وأنّ الأشياء التي لم يكن قادرًا على القيام بها بعمر مبكر، هو الآن قادرٌ على القيام بها بنفسه. ولكن السؤال هنا: كيف أتمكن من معرفة أن طفلي الآن لا يحتاج مساعدتي وهو قادر على فعل حاجاته بنفسه؟

دور الأهل هو متابعة نضج ونمو ابنهم، ومن الضروري فهم مراحل نمو الطفل، كما أن القراءة عما يمكن أن يقوم به الطفل في مثل سنه تساعد الأهل على ضبط توقعاتهم من طفلهم، كما تساعدهم على تعليم الطفل الاعتماد على نفسه، والاستقلال عن أهله بشكل تدريجي. مثلًا، من المتوقع أن الطفل بعد بلوغه السنة الأولى قد يتمكن من صعود الدرج ولكنه يحتاج للمساعدة، وهو بعمر السنتين قادر على أن يصعد ولكن بمساعدة أقل، ومن ثم يصبح قادرًا على الصعود لوحده.

في الكثير من الأوقات، نقوم بأداء الأشياء لطفلنا بالرغم من قدرته على القيام بها بنفسه، والنتيجة لذلك سوف تكون بقاء هذا الطفل صغيرًا معتمدًا على والديه لقيامهم بكل أموره. ولكن عندما يكون هدفي هو مساعدة طفلي على أن ينمو بكل نواحي حياته، يتعلم كيف يغسل وجهه لوحده، يرتب ألعابه، يستحم لوحده، هنا يتجلى دورنا كأهل في مساعدته على الانتقال إلى مراحل متقدمة من حياته كإنسان مستقل.

طبعًا ليست الفكرة من تعليم الطفل الاعتماد على نفسه فقط الارتياح من تلبية ضروراته، وإنما مساعدته لكي يكون قادرًا على العيش لوحده ومتمكنًا من تلبية احتياجاته لوحده. هناك أشخاص كبار في العمر لا يزالون يحتاجون إلى المساعدة في تحضير طعامهم ويشعرون بالانزعاج إذا اضطروا إلى تحضير طعامهم بأنفسهم، بالرغم من أنهم قد يكونون تجاوزوا العشرين عامًا من العمر ويمتلكون كل الإمكانات الجسدية والذهنية التي تسمح لهم القيام بذلك، فلماذا لا يقومون بها؟

هنا نرى كثيرًا من الأمهات اللاتي يخلقن أعذارًا لأبنائهن من قبيل: الآن قد وصل للتو من المدرسة فمن المؤكد أنه يشعر بالتعب والإجهاد، أنا في البيت مرتاحة فليس هناك مشكلة في سكب الطعام له. القضية هنا ليست قضية أنه متعب أو مرتاح، القضية هي مساعدته على أن يصبح كبيرًا وأن لا يبقى صغيرًا اعتماديًا على الآخرين.

الأطفال لا يكبرون لوحدهم، وإنما ينمون ويتطورون عندما نرفع أيدينا عنهم ونتيح لهم الفرص. فعندما أقول لطفلي وهو بعمر عشر سنوات: “بإمكانك ترتيب غرفتك ويجب عليك القيام بذلك”، يضطر الطفل أن يكبر. ومن المفيد أن نضع في بالنا وخلال تربيتنا لأطفالنا ما هي المهام التي نطلبها منهم هذا العام والتي يجب أن تزيد في العام المقبل.

ولا يجب أن يحبط الأهل إن لم يستطع الطفل تنفيذ الأشياء لوحده من أول محاولة، فالأشياء التي يتمكن طفلي من القيام بها بطريقة غير دقيقة أو غير كاملة أو حتى يفشل بشكل كامل بتطبيقها اليوم، سوف يتعلم غدًا كيف يفعلها بشكل جيد.

يجب أن نفهم أن دورنا كآباء هو أن نتحلى بالصبر حتى يتمكن الطفل من أداء حاجاته لوحده، فالطفل الذي لديه والدان يقومان بأداء كل الأمور له، سوف يبقى صغيرًا حتى لو تقدم بالعمر. والأمثلة على هذا حاضرة وموجودة في مجتمعنا، فقط انظروا إلى بعض الشباب من حولنا وهم في أعمار الثلاثينات والأربعينات، وقد تعودوا خلال مراحل حياتهم أن تقوم أمهاتم بتلبية كل أمورهم وحاجاتهم إلى درجة أمور بسيطة كجلب كأس الماء، وعند زواجهم يتوقعون نفس الشيء من زوجاتهم وهنا تبدأ المشاكل.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة