لؤي كيالي.. الذي مات محترقًا كما عاش محترقًا

tag icon ع ع ع

عاش الفنان التشكيلي لؤي كيالي في نار حرب داخل ذاته حول من هو ولمن يعمل ويرسم، واليوم وبعد مضي 86 عامًا على ميلاده يحتفي محرك البحث الأشهر والأوسع انتشارًا “جوجل” بذكرى ميلاده في 20 من كانون الثاني من عام 1934.

كيالي لم يترك حياته تستمر فقضى عليها بيديه، إذ وجد ميتًا في غرفته حرقًا في ليلة من ليالي أيلول سنة 1978.

كيالي قبل أن يحرق جسده حرقته أسئلة وجودية، كآبة قاتلة، واتهامات بالجنون فكانت عائلته وراء ارتياده المشافي لعلاج أراض عصبية وعقلية.

تضاربت الأحاديث حول نهاية الفنان لؤي كيالي بين من قال إنه انتحر وبين مؤكدٍ أن لؤي لا يمكن أن يقدم على هذا الفعل.

يقول ممدوح عدوان عن لؤي كيالي في كتابه مقدمات عن الجنون، إن لؤي كان إنسانًا سعيدًا ناعمًا له علاقات ممتازة مع أواسط مريحة، فنانًا ذا شهرة تباع لوحاته بأسعار غالية.

كيالي المولود في مدينة حلب السورية سنة 1934، شهدت حياته منعطفًا خطيرًا أثر على كل ما فيها، وفي المقدمة فنه.

حياة كيالي كانت بين إيطاليا وسوريا، فبعد دراسته الفن في سوريا درسه في إيطاليا وتخرج في أكاديمية الفنون الجميلة هناك.

وفي أواسط الستينيات ظهرت موجة إعلامية ثقافية انعكاسًا لوضع سياسي، تؤكد هذه الموجة على الصراع الطبقي والكادحين والفقراء والالتزام بالجماهير.

نالت هذه الموجة من لؤي كيالي الذي بدأ بالانتباه إلى واقع غير الذي كان يعرفه وتعود عليه، حاول اكتشاف العالم الذي أرهقوه بالحديث عنه، فاكتشف الفقراء والجائعين، والصيادين، والحصادين، وأطفالًا مشردين.

اكتشف كيالي قضايا يموت الناس لأجلها، واكتشف عذابات يعيشها الناس كل يوم.

كيالي الذي درس الفنون في أكاديمية الفنون الجميلية في مدينة حلب عرض أول أعماله سنة 1952، ولكن وبعد الانتقال النوعي الذي طرأ على حياته المعرفية في محيطه أقام معرض “في سبيل القضية”، في أيار 1967.

ووصف لؤي كيالي معرضه هذا بأنه “تجربة مر بها من أجل اكتشاف القضية”، التي كانت فيما يبدو مفزعة وكابوسية، ووفق ممدوح عدوان، قدمت لوحاته أناسًا مذعورين من هذا الوضع، وأظهرت هؤلاء الناس أجلافًا غلاظًا وأقوياء يحملون أعباء داخلية مضنية وخارجية مرهقة يسحقهم واقع سيئ ولكنه لا يخضعهم.

يقول عدوان في كتابه إن لؤي بعد معرضه قدم تنازلًا مهمًا وخطيرًا فتنازل عن جمهوره السابق (من طبقة الأغنياء والمترفين) وسمعته السابقة ومرابحه السابقة، ففقد راحته الداخلية وانسجامه مع العالم.

لم يشترِ الجمهور أي لوحة، لأن الجمهور الذي توجه له لا يهتم بشراء أي من هذه الأعمال ولا يستطيع أن يشتري.

وفي محاولاته لتقديم الإجابات حول انتقاله إلى اتجاهه الجديد، قال كيالي، “إنني أرسم الفقراء في لوحات يشتريها الأغنياء وهكذا أدخل الفقراء إلى بيوت الأغنياء”.

ولخص الدكتور سلمان قطايا الهجمة التي تعرض لها لؤي بعد المعرض بقوله “إن تلك الضجة هي سوء تفاهم يقع فيه كثيرون من الفنانين (…) لؤي يؤكد أن لوحاته تدافع عن القضية، ولكن خلال المناقشة ظهر للقضية عنده مفهوم خاص جدًا وباهت، وأصر المناقشون على البحث في لوحاته عن هذه القضية كما أصروا على عدم وجودها”.

عاش كيالي حياة صعبة بين فترتي هزيمة حزيران سنة 1967 وسنة 1973، حين شفي من الأزمة التي أصيب بها، تعرض خلالها للكثير من الهجمات والنقد اللاذع ولكنه لم يصمد كثيرًا بعد شفائه فـ”مات محترقًا كما عاش محترقًا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة