سوريات يهزمن معاناة اللجوء في لبنان

camera iconلاجئة سورية في عين بعل قرب صور جنوبي لبنان - 27 تشرين الثاني 2017 (رويترز)

tag icon ع ع ع

هنادي العلواني – برنامج مارِس التدريبي

الثامن من آذار 2015، يوم المرأة العالمي، اجتمعت جماهير من كل الجنسيات في أحد المسارح في بيروت، لحضور فعالية تكريم نساء فاعلات في المجتمع.

كانت فاتن سيد سليمان، السيدة السورية العشرينية تجلس بين الحضور محدقة بالمشاركات الواحدة تلو الأخرى، وتلمع في عينيها نظرات الحب والفخر بما صنعن، رغم أن أحدًا لم يلتفت إليها، ولم تصعد كغيرها إلى منصة التكريم.

فاتن، معلمة الروضة المجدة، المقيمة في لبنان، كان خيارها التحدي والصمود في سبيل العيش الكريم، ليست ممن ذاع صيتهن ولمع اسمهن في عالم النساء، لكنها مثال للتضحية والمثابرة والإصرار والطموح.

“التاسع من كانون الثاني 2013، استشهد زوجي، وفجأة أصبحت مسؤولة عن ثلاثة أولاد، لم يكن الأمر سهلًا، ولا سيما أنني أعيش في غربة، وبالتالي أعيش صراعًا يوميًا كي أحافظ على المستوى المعيشي نفسه لأولادي وكذلك المستوى التعليمي”، تقول فاتن لعنب بلدي.

رغم ذلك لم توقف الظروف فاتن عن السعي، بل أصرت على تحدي ظروفها المعيشية والاجتماعية في سبيل توفير حياة كريمة لها ولأطفالها.

“درست أنا وأولادي بنفس المدرسة”، تضيف فاتن، ليتبيّن من خلال تتمة حديثها أنها عملت ودرست وربت وأعالت أطفالها، كل هذه الأمور فعلتها بالوقت نفسه، لتتخرج بعدها من الثانوية العامة بفرعها الأدبي وتعمل في مجال التعليم (رياض الأطفال).

ودفعت الظروف الاقتصادية السيئة سيدات سوريات في دول الجوار السوري للتوجه إلى سوق العمل، تحت ظروف صعبة وانتهاكات وظروف عمل سيئة، بعد أن فقدن أزواجهن وآباءهن في الحرب، وذلك بحسب تقرير نشر على موقع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحت عنوان “نساء بمفردهن”، يقول إن أكثر من 145 ألف لاجئة سورية يدرن بيوتهن بمفردهن، ويعملن على تأمين أجرة البيت وتكاليف إعالة الأسرة.

وبحسب تقارير صدرت عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في لبنان فإن 80.9% من اللاجئين السوريين في لبنان، والبالغ عددهم 1.5 مليون، هم من النساء والأطفال.

رنا سيد سليمان، وهي قريبة فاتن، قالت لعنب بلدي “عشت مع فاتن في البيت نفسه بحكم صلة القرابة التي تجمعني بها وكنا المعيلات الوحيدات لسبعة عشر شخصًا يقطنون البيت نفسه”.

وتضيف رنا، “في لبنان، حاولت جاهدة تحويل مرحلة اللجوء التي مررت بها إلى مرحلة تعلم وإنجاز، فأتقنت فيها فنونًا مختلفة من خياطة وتطريز وتجميل، والتحقت بالعديد من الدورات التدريبية كالتمريض واللغات، فقوتي في تلك المرحلة كانت ضرورة فأنا الأم والأب والسند لأهلي ولأطفالي”.

تلك الظروف التي تعيش في ظلها نساء سوريات في لبنان، كانت محل دراسة واهتمام من جمعيات ومنظمات عدة، ورغم ذلك فإن واقعهن لم يشهد تحسنًا، بل احتاج إلى تحركات فردية من كل امرأة على حدة لتطوير نفسها.

ويرى مدير مركز “بصمات” الاجتماعي في بر الياس بلبنان، محمود المصري، أن النساء السوريات تحملن مسؤوليات أكبر من القدرة الممكنة، في ظل العنف الأسري والاكتئاب المتواصل، بالإضافة إلى عدم قدرتهن على الوصول إلى حق الإنصاف من السلطات والنظام القضائي اللبناني، ما يؤدي بهن إلى فقدان الأمل، والأفكار الانتحارية”.

ويعتبر المصري أن التغطية الإعلامية الموجهة لقضايا النساء السوريات اللاجئات “مقصرة وناقصة ومتحيزة”، وفق ما قاله لعنب بلدي.

ورغم الأعباء الاقتصادية والأسرية التي تحملتها بعض السوريات اللاجئات في لبنان، لا تزال النظرة الاجتماعية للمرأة العاملة تشكل عبئًا إضافيًا.

تقول فاتن لعنب بلدي، “تعرضت لنظرات مجتمعية مختلفة، فبعض الأشخاص استهجنوا فكرة وجودي ضمن المدرسة وأنا بهذا العمر برفقة أولادي الثلاثة، ومنهم من كان يدعمني ويشجعني على الاستمرار”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة