اللغة العربية في تركيا.. الضاد على ألسنة شباب أتراك

طالب يتدرب على الخط العربي في اسطنبول التركية - 27 حزيران 2018 (صالون مرحبا الثقافي)

camera iconطالب يتدرب على الخط العربي في اسطنبول التركية - 27 حزيران 2018 (صالون مرحبا الثقافي)

tag icon ع ع ع

فاطمة الحميد – برنامج مارس التدريبي

“هل تتصورون أن الإنسان يمكن أن يتنفس دون أن يحب اللغة العربية؟ إن اللغة العربية تمسك بنا من أعمق فكرة في عقولنا وتجبرنا على الوقوع في حبها”، تقول الطالبة التركية أمينة يشار في مستهل مقطع فيديو نشرته عبر قناتها في يوتيوب، تحت عنوان “لماذا أحببت اللغة العربية؟”.

تعلمت أمينة اللغة العربية في الجامعة لدراستها في فرع الإلهيات، حسبما تقول في المقطع المنشور في شباط الماضي، ما جعلها تتحدث العربية الفصيحة بطلاقة، وتحسن استخدام المعاني والالفاظ الجزلة التي لا يستخدمها الكثير من العرب في حياتهم اليومية.

تضم تركيا العشرات من الجامعات الحكومية والخاصة، التي تحوي أقسامًا لتعليم اللغة العربية، ووصل عددها في 2012 إلى 170 جامعة، وهي لغة إجبارية في الثانويات الشرعية وفي كليات الإلهيَات (الشريعة الإسلامية).

وكنقلة نوعية لدعم العربية، بدأ تدريس اللغة ابتداءً من العام الدراسي 2016 – 2017 في صفوف المرحلة الابتدائية في مدارس إمام خطيب الحكومية التركية، بعد أن كانت العربية مادة اختيارية في المرحلتين الإعدادية والثانوية.

ومع الإشارة إلى أن مدارس “إمام خطيب” ذات طابع إسلامي، يمكن القول إن الإسلام الذي يدين به 99.2% من الأتراك، بحسب إحصائية صادرة معن وزارة الشؤون الدينية، هو البوابة الأكبر التي تعبر منها الأحرف العربية إلى قلوب وألسنة الأتراك.

نور الله جارشك، طالب في جامعة إسطنبول يبلغ من العمر 19 عامًا، بدأ بتعلم اللغة العربية خلال طفولته، نظرًا للطابع الإسلامي الذي يسم عائلته.

يقول نور الله لعنب بلدي، “بدأت بتعلم اللغة العربية منذ صغري، بدافع قراءة وفهم القرآن الكريم، بالإضافة إلى أنني الآن أدرس الصحافة فمن المهم أن أتعلم لغات إضافية”.

أما أمينة أونجل، وهي زميلة نور الله في الجامعة فترغب بتعلم اللغة العربي، مبررة ذلك بأن “السياح العرب موجودون بكثرة في أماكن مختلفة، وتريد تعلم اللغة العربية لتصنع معهم جسرًا للتواصل”.

وتؤكد كلام نور الله قائلة إنها تريد تعلم اللغة العربية من أجل قراءة القرآن وفهمه، كما ذكرت لعنب بلدي أنها اختارت دراسة اللغة العربية في المدرسة الثانوية، التي كانت مادة لغة إضافية متاحة للطلاب.

لكن أمينة يشار، التي بدأت بتعلم العربية بشكل إجباري لدراستها في كلية الإلهيات، سُحرت بجمال اللغة العربية التي تقول عنها “مرة كنت أجلس وحدي وأنا أحاول أن أتحدث مع نفسي باللغة العربية، الصورة فجأة بدأت تتغير امامي، اللغة العربية بدت لي بصورة جسمانية لا تحيط بها الكلمات لوصف جمالها”.

قبل عام 2002 كان الاهتمام بتعليم اللغة العربية في تركيا مقتصرًا على بعض الجمعيات والأوقاف الإسلامية وكان الهدف الأساسي هو مساعدة الدارسين على قراءة القرآن الكريم.

ومع تولي حزب “العدالة والتنمية” الحكم في تركيا وبدء التقارب مع المنطقة العربية، ظهر نوع من الاهتمام من جانب الأتراك بتعليم اللغة العربية، عبر إنشاء مراكز خاصة أو حكومية.

ووظفت هذه المراكز بعض العرب بهدف لغتهم للأتراك، ومنهم هبة الله نعساني، وهي مدرسة لغة عربية في مركز “أكاديمية إسطنبول” التركي الذي يقدم الدورات والخدمات الطلابية.

تقول هبة لعنب بلدي إن الأتراك يتعلمون اللغة العربية لسببين: الأول يكمن في حبهم وتعلقهم بها، والآخر يتعلق بكونها لغة إجبارية في بعض المدارس والمعاهد.

وأضافت هبة أن أهدافًا تجارية أيضًا تدفع الأتراك لتعلم اللغة العربية، “إذ يوجد الكثير من العرب في تركيا، ما جعل اللغة العربية مطلوبة لمن يرغب بإقامة عمل مع العرب، أو ضمن الشركات السياحية”، موضحةً أن “بعض الأتراك من صاحبي الأعمال يرغبون في تعلم اللغة العربية في أوقات فراغهم للاعتماد على أنفسهم في التعامل مع الزبائن العرب”.

بينما يتعلم آخرون اللغة “قبل زيارة إحدى الدول العربية، بهدف السياحة أو بهدف القيام بالعمرة أو الحج”، وفق ما ذكرته هبة لعنب بلدي.

وإضافة إلى المعاهد التركية، أنشا العرب بعض المراكز أو المشاريع التي تهتم بتعليم اللغة العربية، ومنها “صالون مرحبا” الثقافي العربي؛ وهو منصة طلابية شبابية تعنى بتعزيز العمل الثقافي ما بين الشباب العرب المتواجدين في اسطنبول والمساهمة في دمجهم بالمجتمع التركي.

نعيم أبو راضي، طالب جامعي سوري وعضو مؤسس لفكرة “صالون مرحبا”، تحدث لعنب بلدي عن الأنشطة التي يقدمها المركز “قدمنا العديد من النشاطات، منها مخيم لغة الضاد بالتعاون مع جامعة مرمرة، والذي هدف لتعليم العربية للأتراك من خلال الممارسة والأنشطة الترفيهية، عبر دمجهم بشركاء لغويين من الطلاب العرب المقيمين بإسطنبول”.

ويضيف نعيم، “من أهدافنا الأساسية الدمج ما بين الشباب الأتراك والعرب، لذا اخترنا اسمًا مشتركًا وهو لفظ التحية عند العرب والأتراك، وما يميز الصالون، أنه منصة شبابية بعيدة عن أي أفكار سياسية أو دينية”.

“مرحبا” ليست الكلمة الوحيدة المشتركة بين اللغتين العربية والتركية، وكان الكاتب سهيل صابان حقي أحصى في معجمه الذي يحمل اسم “معجم الألفاظ العربية في اللغة التركية” 2074 كلمة عربية مستخدمة في اللغة التركية.

رغبة العرب في تعليم العربية لتكون صلة بينهم وبين المجتمع المضيف، تقابلها رغبة مماثلة من قبل الأتراك جسدتها أمينة يشار، التي تواصل تقديم دروس العربية عبر يوتيوب.

كما تقول أمينة في إحدى المقاطع التي نشرتها على قناتها بمناسبة تخرجها من الجامعة إنها بوساطة اللغة العربية تعرفت على الكثير من الأشخاص العرب والأتراك الذين أضافوا إليها معارف ومعلومات كثيرة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة