سيول دمشق.. تغير مناخي أم سوء تصريف؟

camera iconأجواء مطرية في العاصمة السورية دمشق - 14 تشرين الثاني 2018 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – دمشق

“عندما هطلت الأمطار في شهر تشرين الأول استبشرنا خيرًا، وذلك لتأخرها في السنوات الماضية لما بعد كانون الأول، لكن ما لم يكن متوقعًا أن يكون هذا المطر مصدر ضرر بالناس والأبنية والشوارع” بهذه الكلمات لخص أبو جمال، وهو صاحب محل تحف وسط دمشق، لعنب بلدي، حال س

المشهد تطابق إلى حدّ كبير مع ما حدث نهاية موسم المطر الفائت، إذ شهدت مناطق سورية عدة في شهر نيسان من العام الحالي سيولًا تسببت بوفاة طفلة في دمشق، إلى جانب الخسائر المادية الكبيرة والمحاصيل الزراعية التي أتلفت.

لكن الأضرار تطورت مع بداية الموسم الحالي، وارتفع عدد الضحايا إثر السيول التي اجتاحت مناطق في العاصمة وريفها، وسط تساؤلات عن الجهود التي تبذلها الحكومة للحد من تكرار الحوادث.

يقول أبو جمال (رفض كشف اسمه الحقيقي لمخاوف من الملاحقة الأمنية)، “لا ندري من المسؤول هل هي المحافظة، أم أن الأمر طبيعي في ظل ما نسمع عنه من تغيرات مناخية تطال العالم أجمع”.

موسم مبكر لم تحسب عواقبه

خلال فصل الشتاء الحالي أصبح هطول الأمطار أمرًا مربكًا بالنسبة لأهالي دمشق بسبب الفيضانات والانجرافات، ففي شهر تشرين الأول الماضي توفيت طفلتان في وادي بردى جراء السيول التي اجتاحت القرية، بينما أدت الأمطار إلى قطع عدد من الطرق الرئيسية في دمشق.

تقول ريم وهي طالبة جامعية (رفضت نشر اسمها كاملًا لأسباب أمنية)، “لم تكن الأمطار يومًا مصدر قلق لنا، لم أتخيل للحظة أن تسبب لي هذا الإرباك إذ امتنعت عن الذهاب إلى جامعتي بسبب السيول التي اجتاحت الشوارع”.

بعض المناطق بدت أكثر تأثرًا بالأمطار، وخاصة العشوائيات والأحياء التي تتوزع على جبل قاسيون، ومنها منطقة الشيخ خالد بحي ركن الدين.

إحدى السيدات اللاتي يقطنّ منطقة الشيخ خالد أكدت لعنب بلدي أنها اضطرت لإزالة جميع الستائر والسجاد في المنزل بسبب المطر، وأضافت “أصبح منزلي يسبح بمياه الأمطار بشكل رهيب، ولم أستطع القيام بأي شيء”.

وتابعت السيدة التي رفضت كشف اسمها لدواعٍ أمنية، “كان أطفالي خائفين من انجراف المنزل فنحن نسكن في أعلى الجبل ونرى انجرافه بأعيننا، والداي يقطنان في شارع الثورة يريان الطوفان الذي يحدث”، ملقيةً باللوم على “الدفاع المدني الذي يتباطأ في الحضور لإيجاد حل أو سحب المياه فقط من الشوارع”.

بينما يرى أبو أحمد، وهو صاحب محل تجاري، لعنب بلدي أن سبب حدوث هذه الفيضانات والسيول يعود إلى قيام قوات النظام سابقًا بإغلاق شبكات الصرف الصحي “الريجارات” بحجة منع عناصر فصائل المعارضة من الوصول إلى العاصمة عبر “جوبر”، من خلال الأنفاق.

ومع مرور قرابة عشرة أشهر على خروج فصائل المعارضة من محيط دمشق، يستغرب أبو أحمد “عدم  فتح المصارف الصحية في الطرقات التي أغلقت سابقًا للتخفيف من مياه الأمطار التي تتجمع عند الأنفاق”.

حلول تقدمها المحافظة

تنفي محافظة دمشق وجود تقصير في الاستعدادات لفصل الشتاء، وترجع سبب الفيضانات إلى كميات الأمطار الكبيرة التي فاقت قدرة شبكات الصرف الصحي على التصريف، وفق ما نقلته صحيفة الوطن المقربة من النظام، في تشرين الأول الماضي.

رغم ذلك تحركت اللجنة الوزارية برئاسة وزير الداخلية في حكومة النظام، محمد الشعار، لإيجاد حلول لمعالجة الفيضانات في محافظة دمشق وإعداد دراسة جغرافية دقيقة لكيفية تحويل المياه والسيول إلى نهر بردى، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) في 21 من تشرين الأول الماضي.

واقترحت اللجنة تنفيذ خطوط مطرية من جهة المزة والربوة بالنسبة لنفق الأمويين وسط دمشق، وتركيب مضخات احتياطية للنفق ولأوتوستراد الفيحاء ونفق الثورة ونفق 17 نيسان وتنفيذ خط مطري على أوتوستراد المزة، وبدأ العمل في نفق 17 نيسان اعتبارًا من 22 من تشرين الثاني الحالي.

التغير المناخي يطال الشرق الأوسط

تجتاح قضية التغير المناخي أجندات اللقاءات العالمية والمؤتمرات السياسية لزعماء العالم، وسط تحذيرات وإنذارات خطر يطلقها علماء وباحثون حول العالم.

وتتأثر منطقة الشرق الأوسط بهذا التغير على نطاق واسع، وفق ما ذكره تقرير لمعهد “ماكس بلانك” للكيمياء في ألمانيا، نقلت مجلة “الإكونميست” البريطانية تفاصيله في 31 من أيار الفائت.

ويتوقع المعهد أن ترتفع درجات الحرارة في الصيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعدل ضعفي سرعة المتوسط ​​العالمي، مع زيادة في كميات الأمطار في المناطق الساحلية.

لكن بالمقابل أشار التقرير إلى أن تلك الزيادة يقابلها ارتفاع في مستوى التبخر، وحالات جفاف في بعض البلدان في المنطقة.

خلال العام الحالي ظهرت الأعراض التي تحدث عنها التقرير في سوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، إذ شهدت الأردن سيولًا جارفة أدت إلى عشرات الوفيات، إضافة إلى سيول اجتاحت دولًا أخرى في الخليج العربي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة