يوم الصحفيين السوريين.. العيد الذي تنتهي صلاحيته برحيل الأسد

camera iconوزير الإعلام السابق في حكومة النظام السوري، رامز ترجمان، يشارك في احتفالية عيد الصحفيين السوريين 15 آب 2017 (إنترنت)

tag icon ع ع ع

قبل 12 عامًا بالضبط، احتفل المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين بحلول “السيد الرئيس” ضيفًا “عفويًا” في الندوة التي أقيمت احتفالًا بـ “انتصار المقاومة اللبنانية على إسرائيل”، فجعل من تلك الندوة “عيدًا”.

ورغم أن اعتماد الأعياد والمناسبات الرسمية غالبًا يرتبط بأحداث أو إنجازات مهمة، لكن اتحاد الصحفيين السوريين لم يجد أهم من زيارة بشار الأسد، الذي كان يقضي سنته السادسة كرئيس، لتحويل يوم صيفيّ حار إلى عيد يستدعي الاحتفال في كل يوم 15 من آب منذ عام 2006.

المفارقة هي أن العام ذاته شهد بوادر صراع خفيّ بين الصحافة السورية والسلطة، إذ كانت بعض الصحف الخاصة والمواقع الإلكترونية قد بدأت بالانتشار بعد عام 2001، لتأخذ حيّزًا أكبر في التطرق إلى قضايا الفساد والخدمات وتسليط الضوء على معاناة المواطنين، وهو ما خلق حالة من “العداء الحكومي” للإعلام الخاص، وفق وصف دراسة صادرة عام 2006 عن “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”.

كما تعرض الصحفيون السوريون آنذاك إلى منع حكومي متعمد من الحصول على المعلومات، بحسب التقرير ذاته، وسط حالة من الدهشة والتخوف لدى المؤسسات الحكومية من انتشار إعلامي سريع، وفر منصات جديدة لإعلاميين يرابطون حول المؤسسات ويتربصون بمواضيع صحفية كان محظورًا التفكير بها في السابق.

“العقد الضائع”: في محكمة أمن الدولة

وأخذ ذلك الصراع بالتصاعد خلال الأعوام الخمسة اللاحقة، مع انتشار وسائل إعلام جديدة بنكهة شبابية تحمل روحًا من التمرد على “الممنوع”.

وبحسب تقرير لمنظمة “هيومان رايتس ووتش” عن حالة حقوق الإنسان في سوريا خلال السنوات العشر الأولى من حكم بشار الأسد، تحت عنوان “العقد الضائع”، فإن النظام السوري أقدم على اعتقال ومحاكمة عشرات الصحفيين السوريين الذين تجرأوا على انتقاد السلطة.

وفي عام 2009، صنفت “لجنة حماية الصحفيين” سوريا في المرتبة الثالثة في قائمة أسوأ عشرة بلدان للمدونين، نتيجة الاعتقالات والمضايقات والقيود التي تفرض على الكتاب على الإنترنت في سوريا.

ولم يلعب اتحاد الصحفيين السوريين، الذي يضم أغلبية من أعضاء “حزب البعث” أي دور في دعم أو حماية الصحفيين، أو منع تعريضهم للمحاكمة بتهم فضفاضة وتنصب غالبيتها حول “تهديد أمن الدولة” أو “التخابر مع جهات أجنبية”، وفق تقرير منظمة العفو الدولية.

بل اكتفى الاتحاد بتنظيم ندوات دورية لتمجيد الحزب وقائده وعقد اجتماعات دورية، والاحتفال بالمناسبات الرسمية الكثيرة، وعلى رأسها عيد ذكرى “الزيارة المجيدة”.

العقد الثاني: العنف الممنهج

عقب الثورة السورية، تضاعف عدد الصحفيين السوريين مرات عدة، وتوسعت دائرة استهدافهم من قبل النظام السوري، الذي استخدم مبررات عدة في اعتقال وقمع الصحفيين في مناطق سيطرته، وفي استهدافهم وتعريض حياتهم للخطر في المناطق التي خرجت عن سيطرته منذ عام 2011.

حتى عام 2017 وصل عدد الصحفيين الذين قتلوا في سوريا إلى أكثر من 634، بمعدل صحفيَين كل أسبوع، وفق تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تشرين الثاني من العام الماضي، إضافة إلى ذلك اعتقل النظام مئات الصحفيين السوريين، وقضى عشرات منهم تحت التعذيب.

واحتلت سوريا المركز الأخير في مؤشري حرية الصحافة لعامي 2017 و 2018، بالنظر إلى العدد الكبير من الصحفيين الذين قتلوا واعتقلوا على الأراضي السورية.

الصحفيون الموالون، والذين يواظبون على الاحتفال بعيدهم كل عام، يتعرضون أيضًا لمضايقات عدة تشمل التوقيف بتهم مثل “المساس بهيبة الدولة”، بموجب قانون خاص بالمحاسبة على جرائم المعلوماتية، أقرته وزارة الداخلية في حكومة النظام في آذار من العام الماضي، وأحدثت عقبه محاكم خاصة وعينت 85 قاضيًا للنظر بتلك الجرائم، بعد توقيف مرتكبيها لدى فرع الجرائم الإلكترونية في وزارة الداخلية.

زارت قبضة الأسد وصواريخه مئات الصحفيين السوريين، لكن زيارته “التاريخية” لمقر اتحاد الصحفيين لا تزال تقليدًا رسميًا في سوريا، و”عيدًا”، كغيره من أعياد “البعث”، من المفترض أن تنتهي صلاحيتها برحيل بشار الأسد عن السلطة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة