ملفات تؤثر بالحرب الاقتصادية التركية- الأمريكية

camera iconالرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأمريكي دونالد ترامب (Getty Images)

tag icon ع ع ع

شهدت الليرة التركية هبوطًا تاريخيًا مع تصاعد التوترات الاقتصادية والسياسية بين الحكومة التركية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي أدت لارتفاع معدلات التضخم في البلاد.

وهوت العملة التركية إلى مستوى قياسي، اليوم الجمعة 10 من آب، وسجلت 6.02 مقابل الدولار الواحد، تزامنًا مع عرض المخطط الاقتصادي الجديد لوزير الخزانة والمالية التركي، بيرات البيرق، لتهدئة مخاوف الشارع التركي وطمأنة المستثمرين.

وفقدت العملة خُمس قيمتها هذا العام بفعل زيادة التضخم والمخاوف المتعلقة باستقلالية البنك المركزي في مواجهة مطالب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بخفض أسعار الفائدة.

وكانت الليرة التركية شهدت تذبذبًا في قيمتها قبيل الانتخابات الرئاسية، في حزيران الماضي، قبل أن تعود للاستقرار.

ويطالب أردوغان بخفض معدل الفائدة في تركيا معتقدًا أن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم.

العقوبات الاقتصادية

الخلافات السياسية بين واشنطن وأنقرة بدأت باعتقال القس الأمريكي أندرو برانسون من السلطات التركية، المتهم بالضلوع بمساندة منظمة “غولن”، المصنفة إرهابية في تركيا.

وأسفرت تلك الخلافات إلى فرض عقوبات من الإدارة الأمريكية على وزير العدل، عبد الحميد غل، ووزير الداخلية سليمان صويلو، التركيين.

وبعد رفض أنقرة الإفراج عن القس الأمريكي، زادت الإدارة الأمريكية من ضغوطها على أنقرة، وأعلنت عن تراجعها عن الإعفاءات الجمركية على الواردات التركية.

وتقدر قيمة الواردات التي ستعاد فرض الرسوم الجمركية عليها، من الصلب والألمنيوم من قبل واشنطن، بنحو 1.66 مليار دولار.

وكانت تركيا أعلنت في حزيران الماضي، فرض رسوم جمركية على منتجات أمريكية، ردًا على التعريفات الجمركية المفروضة من واشنطن.

وقال وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبتشي، إن التعريفة الجمركية المفروضة ستشمل 20 منتجًا أمريكيًا، وتبلغ قيمتها 266.5 مليون دولار، وذلك يتناسب مع التعريفة المفروضة من واشنطن على استيراد الصلب والألمنيوم.

وتقدر قيمة المنتجات التي تصدرها الولايات المتحدة إلى تركيا بـ 1.8 مليار دولار، تتوزع بين السيارات والمنتجات البتروكيماوية ومواد غذائية ومنتجات أخرى.

بحسب المحلل الاقتصادي السوري، عبد الرحمن جاموس، فإن النمو الاقتصادي المدفوع بالدين أدخل الاقتصاد في حلقة معيبة.

وقال جاموس، عبر حسابه في “فيس بوك”، إن ديون الشركات والبنوك بلغت 560 مليار دولار، مع وجود ديون تستحق هذا العام بما يقارب 100 مليار دولار، إضافة لتسارع العجز في ميزان الحساب الجاري.

واعتبر أن أحد الأسباب هي تفاخر الوزير بيرات “بإمكانية الحصول على تمويل بـ 3.6 مليار دولار من الصين، وهي لا تشكل سوى 1% من اجمالي دين الشركات (عدا البنوك) البالغ 340 مليار”.

كما رآى المحلل أن هناك تناقض واضح بين الفوائد المنخفضة واستهداف تضخم بأرقام مفردة، مع سيطرة “هوس” معدل النمو على حساب مؤشرات اقتصادية أخرى اكثر أهمية للاستقرار الاقتصادي، وفقًا لتعبيره.

وبرأي جاموس فإن فشل الخارجية التركية بإنجاز صفقة أمريكا أو الدول الأخرى، أثر سلبًا على إنجاز الكثير من الملفات وزادة التعقيد في البلاد,

حرب التصريحات بين الطرفين

توجه قبل الخميس الماضي وفد يرأسه مساعد وزير الخارجية التركي، سادات أونال، إلى واشنطن، في إطار تهدئة التوتر ومحاولة حل الخلافات المشتركة.

وقال القائم بالأعمال الأمريكي في أنقرة، فيليب كوسنيت، “رغم التوتر فالولايات المتحدة لا تزال صديقة قوية وحليفة لتركيا”، بحسب وكالة “رويترز”.

والتقى الوفد التركي مسؤولين أمريكيين في البيت الأبيض، بحسب ما صرح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، دون تصريحات من الجانبين حول نتائج الاجتماع.

ولم تمض ساعات على عودة الوفد التركي من واشنطن، حتى شهدت العملة التركية هبوطًا متزايدًا، بعد فشل حل الخلافات العالقة بين الجانبين، ورفض تركيا الانصياع للطلبات الأمريكية.

ومع ظهيرة اليوم الجمعة، هبطت الليرة التركية إلى أسوء معدلاتها وسجلت 6.13 للدولار، ما دفع الرئيس أردوغان، لمطالبة الشعب التركي بمحاربة ما أسماه “الحرب الاقتصادية” على تركيا.

وطالب الشعب بمواجهة تلك الحرب، وقال إنه “النضال الوطني”، عبر تصريف العملات الأجنبية، والسعي لزيادة الإنتاج الوطني والصادرات والتوظيف، لمواجهة تلك الحرب، بحسب تعبيره.

تصريحات أردوغان واجهتها تصريحات عاجلة من نظيره ترامب، والذي قال إن علاقات الولايات المتحدة مع أنقرة ليست جيدة.

وأضاف ترامب، “أصدرت أمرًا بمضاعفة رسوم الصلب والألمنيوم على تركيا، وستصبح الرسوم الجمركية المفروضة على الألمنيوم 20% ورسوم الصلب 50%”.

وتعتبر تلك التصريحات الرئاسية المتبادلة، بمثابة تصعيد جديد سيؤثر على الأوضاع الاقتصادية والسياسية بين البلدين الشريكين في حلف شمال الأطلسي.

الوزير البيرق وخطته الاقتصادية

مع تصاعد التصريحات الأمريكية- التركية، وبالتزامن مع تدني سوق العملات التركية والمخاوف الاقتصادية، ترقب الشعب التركي عرض الخطة الاقتصادية التي سيلعن عنها وزير الخزانة والمالية، بيرات البيرق، صهر الرئيس التركي.

وقال البيرق اليوم الجمعة، إن تركيا “ستعتمد نهجًا استراتيجيًا جديدًا حيال الاقتصاد التركي، ويقوم على “عقلية استراتيجية”، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز”.

واعتبر الوزير التركي أن بلاده يجب أن تتغير حتى ترتقي وتنضم إلى مصاف الدول الاقتصادية ذات الدخل المرتفع.

وسبق تصريحات البيرق، ما نشرته وزارة الخزانة والمالية في بيان لها أمس، توقعات بنمو اقتصاد تركيا بين 3 و4% خلال 2019، بينما يستقر عجز الحساب الجاري عند حوالي 4%.

وبالنسبة لمشاريع البنى التحتية، قالت بيان الوزارة إنها ستنفذ بشرط التمويل الخارجي والمستثمرين الأجانب.

وعين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، صهره بيرات البيرق، وزيرًا للخزانة والمالية في الحكومة الجديدة التي أعلن عنها، في 9 من تموز الماضي، وأسهم تعيين البيرق في تراجع الليرة التركية.

وبدأت تساؤلات حول مصير الليرة التركية، بعد فوز أردوغان، خاصة بعد تصريحاته بأنه يخطط لفرض سيطرة أكبر على الاقتصاد وينوي لعب دور أكبر في السياسية النقدية لتركيا.

ويعد تعيين صهره في منصب الخزانة والمالية بداية للسيطرة على الاقتصاد في تركيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى اتباع أردوغان سياسة نقدية جديدة تتضمن مستويات منخفضة لمعدل الفائدة على العملة، ما يثير مخاوف لدى المستثمرين.

الحرب الاقتصادية تأتي بديلًا عن مواجهات عسكرية تتواجه بها الأطراف الإقليمية اليوم، وتبقى العملات رهينة لتلك الصراعات لاسيما وأن الاستجابة للمطالب الأمريكية، ترى فيه أنقرة لويًا لذراعها وتشجيع لأعدائها الذين حاولوا سابقًا الانقلاب على الحكم الديمقراطي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة