ليسوا أرقامًا؟! مراكز التوثيق السورية تخزن “كنوزًا” من المعلومات والبيانات دون معالجتها

توضيح ضروري لعائلات الضحايا بخصوص ما نشرته “زمان الوصل”

tag icon ع ع ع

منصور العمري

يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليات تجاه السوريين، ولكن لا يمكن تحويله إلى شماعة نعلق عليها كل ذنوبنا.

مراكز التوثيق السورية بمختلف اختصاصاتها، تخزن “كنوزًا” من المعلومات والبيانات دون معالجتها وهو ما يحول الضحايا إلى أرقام. بعض هذه المراكز تستغل ما جمعته للمساومة حتى، مع أن هذه البيانات هي ملكية جماعية للسوريين وليست ملكية فردية أو لمنظمة ما، ويجب استخدامها وتقديمها لأي طرف موثوق يبذل جهودًا في سبيل العدالة للسوريين.

قبل أن تقول “المعتقلون ليسوا أرقامًا”، وإن الإعلام والمنظمات الدولية تتعامل معنا كأرقام، عليك العمل على البيانات المخزنة لديك حد العفن. تخزين البيانات دون استخلاص التقارير منها، هو ما يحولهم إلى أرقام وبيانات وإحصائيات، لا حياة فيها أو معنى. لا يكفي حفظ بيانات الجرائم هائلة الكم في انتظار العدالة، بل يجب العمل المستمر عليها وتحليلها وإصدار تقارير بمختلف الأشكال بشكل مستمر.

لا علاقة لما نشرته “زمان الوصل” تحت مسمى 8000 اسم، بالأسماء التي تتوارد إلى مراكز السجلات المدنية مؤخرًا.

عمل جيد ويستحق التقدير ومطلوب من زمان الوصل وغيرها، باستخلاصها أسماء القتلى تحت التعذيب أو الإعدام من بين عشرات آلاف الأسماء الأخرى، وهو ما يندرج في إطار صحافة البيانات الضرورية جدًا للسوريين. لكن السقطة الأخلاقية الكبيرة الناتجة عن خطأ فادح غير مقصود في أحسن تقدير، هو توقيت نشر قوائم بأسماء ضحايا كانت علنية من قبل ومنشورة، ليتم اعتبارها قوائم مسربة جديدة، دون أن توضح بشكل لا يحتمل اللبس أنه لا علاقة لها مطلقًا بالقوائم الجديدة التي تصل إلى مراكز النفوس والتي يذهب الأهالي للتأكد منها، في وقت يعانى الأهالي الأمرّين للوصول إلى أي معلومة عن أحبائهم.

لا أفهم مدى عدم المسؤولية والتدني المهني هنا، والتلاعب بمشاعر أهالي الضحايا في النتيجة، لكن مشاعر أم أو أخت أو أب واحد أهم من أي سبق صحفي ترويجي كاذب. كان على زمان الوصل التوضيح بما لا يفسح مجالًا للشك بأن هذه الأسماء ليس لها علاقة بالأسماء التي تتوارد إلى مراكز السجلات المدنية وأنها ليست تسريبات.

الأسماء في أغلبها هي ما وثقه مركز توثيق الانتهاكات عبر السنوات الماضية وكانت علنية دومًا، وعلى المركز إصدار بيان توضيحي بهذا الشأن. أما الأخطاء المتعلقة بالتواريخ وطرق الوفاة فالمسؤول عنها هو مركز توثيق الانتهاكات. لا يمكن اتهام زمان الوصل أو مركز التوثيق بالكذب أيضًا بأن الأسماء مفبركة كي لا يشك أهالي الضحايا بكامل الأسماء المنشورة، فالأسماء صحيحة وموجودة. قد يكون هناك بعض الأسماء المكونة من أسماء متداولة جدًا مثل محمد أو أحمد، فإن لم تكن مترافقة مع تفاصيل فريدة أخرى فقد تكون تشابه أسماء. صحافة البيانات مهمة جدًا للسوريين كي لا تبقى البيانات مخزنة في دروج مركز توثيق الانتهاكات وغيره من مجموعات التوثيق.

النقطة الأهم بالموضوع أن ما نشره الموقع لا علاقة له مطلقًا بالقوائم الجديدة التي تصل إلى مراكز النفوس والتي على الأهالي الذهاب للتأكد منها.

ربما يصادف الأمر أن يكون الفي دي سي (مركز توثيق الانتهاكات) وثق اسم شهيد عن طريق صفحة تنسيقية أو خبر عابر، دون التواصل مع أهله أو أقاربه، وأيضًا قد يكون الأهل لم يعرفوا حينها بالوفاة، في هذه الحالة فقط، قد يعرف الأهل مصير ابنهم أو قريبهم عن طريق أسماء زمان الوصل، ويمكنهم مراجعة النفوس للتأكد مع مراعاة الاعتبارات الأمنية إن كان أحد من العائلة مطلوبًا أو ما شابه.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة