سرطان القولون.. الحرج من الفحص قد يوصلك إلى الوفاة

سرطان القولون
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

كثيرًا ما نسمع عن أشخاص مصابين بسرطان القولون، إذ إن هذا السرطان من أكثر أنواع السرطانات شيوعًا، فهو ثاني السرطانات الأكثر شيوعًا لدى النساء بعد سرطان الثدي، وثالت السرطانات الأكثر شيوعًا لدى الرجال بعد سرطان البروستات وسرطان الرئة، وبالرغم من أنه سرطان يمكن الوقاية منه إلى حد كبير، إلا أنه غالبًا ما يتسبب بالوفاة، لأن معظم المرضى يشعرون بالحرج الشديد عند الفحص مما يجعلهم يتجاهلون بعض الأعراض المبكرة للإصابة تجنبًا لزيارة الطبيب.

ما هو سرطان القولون

سرطان القولون هو نمو غير طبيعي لخلايا في القولون (الأمعاء الغليظة) لديها القدرة على المهاجمة والانتشار إلى الأعضاء الأخرى في الجسم، وقد يحدث السرطان في المستقيم (الـ 15 سنتيمترًا الأخيرة من القولون) فيسمى سرطان المستقيم، ويطلق على هذين النوعين معًا من السرطان سرطان القولون والمستقيم.

ما أسباب سرطان القولون؟

لم يتم التعرف حتى الآن على أسباب سرطان القولون، لكن هناك مجموعة من العوامل التي يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة هي:

  • العمر: كبار السن بعمر أكبر من 50 سنة أكثر عرضة للإصابة، ويمكن أن يصاب الشباب أيضًا، لكن نسبة حدوثه قليلة جدًا في هذه الحالات.
  • الجنس: الذكور أكثر عرضة للإصابة من الإناث.
  • التاريخ المرضي: إذا كان المريض مصابًا بسرطان القولون من قبل، أو النساء اللاتي أصبن بسرطان الثدي والمبيض والرحم، أو إذا كان مصابًا بالسلائل polyps، وهي زوائد لحمية تنمو على الجدار الداخلي للأمعاء الغليظة عادة لدى الأشخاص فوق سن 50 عامًا، ومع مرور الوقت فإنها قد تصبح سرطانية وتنتشر لمناطق أخرى في الجسم.
  • الوراثة: وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، فالوراثة مسؤولة عن 5% من الحالات، أو وجود متلازمات وراثية تؤثر على القولون مثل داء السلائل الورمية الغدية العائلي المسبب لإنتاج آلاف السلائل في داخل المستقيم، وعلى جدران الأمعاء.
  • شرب الكحول: الاستخدام المفرط للكحول يعتبر عاملًا مهمًّا في زيادة خطر الإصابة بمرض سرطان القولون.
  • أمراض التهابيّة في الأمعاء: الأشخاص الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء (التهاب القولون التقرحي ومرض كرون) معرضون بدرجة كبيرة للإصابة بسرطان القولون، وتزيد خطورة الإصابة كلما طالت فترة الإصابة بالتهاب الأمعاء وكلما زادت شدة الالتهابات.
  • النظام الغذائي: الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون وباللحوم الحمراء واللحوم المصنعة أو الأغذية قليلة الألياف، قد تكون سببًا من أسباب نشوء سرطان القولون أو المستقيم.
  • النشاط البدني: يساعد النشاط البدني الجسم على التخلص من المواد الضارة، ويحفزه على مقاومة الأمراض التي قد تصيبه كالسرطانات أو الالتهابات الداخلية، ويعمل كذلك على حماية الجسم من البدانة، والتي تعتبر سببًا إضافيًا من أسباب الإصابة بسرطان القولون.
  • البدانة: الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة تزيد لديهم مخاطر الإصابة بسرطان القولون وزيادة خطر الوفاة بسبب المرض بالمقارنة مع الأشخاص أصحاب الوزن الطبيعي.
  • العلاج الإشعاعي لسرطان سابق: العلاج الإشعاعي الموجه على البطن يزيد من خطورة الإصابة بسرطان القولون لاحقًا.
  • اضطرابات في هرمون النمو: الاختلال في نسبة هرمون النمو الذي تفرزه الغدة النخامية يؤثر سلبًا على نمو أعضاء الجسم بالشكل الصحيح مما يزيد احتمالية الإصابة بالأمراض المختلفة، ومنها سرطان القولون.
  • مرض السكري.
  • التدخين.

ما أعراض سرطان القولون؟

تعتمد أعراض وعلامات سرطان القولون على مكان وجود الورم في الأمعاء وعلى مدى انتشاره في الجسم، فعادة في المراحل الأولى يكون صغيرًا ولا يسبب أي أعراض، ومع مرور الوقت تبدأ الأعراض بالظهور.

من أكثر الأعراض التحذيرية شهرة:

  • تكرر حالات الإمساك الشديد، ووجود دم مخلوط مع البراز بشكل قليل، ومن الممكن أن يلون البراز بالأسود، وخروج مخاط مع البراز، وصغر في قطر البراز، وعدم الشعور بإتمام عملية التبرز، حيث يشعر بعدم تفريغ الأمعاء لديه بشكل كامل، وآلام في البطن، وفقدان الشهية، والغثيان أو الإقياء خصوصًا لدى الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الخمسين، وقد يتسبب النزيف المتكرر بفقر الدم فيؤدي إلى شحوب لون البشرة.

أما الأعراض المتقدمة لسرطان القولون:

الشعور بالوهن والضعف العام، نقص الوزن بدون سبب واضح، قد يسبب الورم انغلاقًا تامًا في القولون، وبالتالي انتفاخ البطن وارتجاع محتويات القولون للأمعاء الدقيقة والمعدة والتقيؤ المستمر، وعدم قدرة المريض على التبرز أو حتى إخراج الريح، وفي حالات كثيرة يتطلب التدخل الجراحي الفوري في هذه الحالات، وفي بعض الأحيان قد يتسبب السرطان بثقب في جدار القولون يؤدي إلى تسرب البراز إلى داخل البطن مسببًا ألمًا شديدًا جدًا.

كيف يتم تشخيص سرطان القولون؟

تشمل فحوصات تشخيص سرطان القولون ما يلي:

  • اختبار الدم الخَفيّ في البراز (Occult blood test): هذا الاختبار يفحص عينة من البراز للكشف عن وجود دم في البراز غير ظاهر بالفحص العادي.
  • التنْظير السيني: ويجرى باستخدام أنبوب ضوء مرن لمعاينة القولون من الداخل لمسافة تصل إلى نحو 60 سم من فتحة الشرج.
  • تنظير القولون: هذا الفحص مشابه إلى حد كبير لفحص التنظير السيني، لكن الأداة المستعملة هنا عبارة عن خرطوم طويل وضيق ومرن مربوط بكاميرا فيديو وشاشة تتيح للطبيب معاينة القولون والمستقيم من الداخل.
  • اختبار الحمض النووي  DNA من عينة براز: هذا الاختبار يشمل تحليل عدة أحماض نووية مصدرها خلايا أفرزتها السلائل ما قبل السرطانية إلى البراز.

وعند الاشتباه بوجود الإصابة يتم استخدام مجموعة من التقنيات التشخيصية التي تستخدم للكشف بدقة عن السرطان وتحديد مرحلة تطوره، وتشمل:

  • حقنة الباريوم: هذا الاختبار يتيح للطبيب فحص القولون بمساعدة الأشعة السينية.
  • تنظير القولون الافتراضي (Virtual colonoscopy): تنظير بواسطة جهاز التصوير المقطعي المحوسب (CT)، وعلى الرغم من أن هذا الفحص غير متاح في جميع المراكز الطبية إلا إنه يشكل خيارًا مهمًا، وفيه يستعمل جهاز التصوير المقطعي المحوسب لإنتاج لوحات تصويرية للقولون، بدلًا من استخدام المعدات التي يتم إدخالها في الأمعاء من خلال الفتحة الشرجية.
  • المستضد السرطاني المضغي (Carcino-embryonic antigen-CEA) وهو فحص دم مهم يعمل كمؤشر للمرض.
  • تصوير مقطعي للصدر والبطن والحوض للكشف عن انتشار السرطان.

كيف يتم علاج سرطان القولون؟

يتم تصنيف سرطان القولون إلى درجات أو مراحل، ويعتمد العلاج على الدرجة التي وصل إليها المرض، ويشمل العلاج الأنواع الرئيسية الثلاثة التالية: المعالجة الجراحية، والمعالجة الكيميائية، والمعالجة الإشعاعية.

تعتبر الجراحة لاستئصال القولون الحل الرئيسي لمعالجة مرض سرطان القولون، وتجرى عادة عن طريق شق البطن واستئصال الجزء المصاب بالسرطان من الأمعاء، لكن يمكن إجراء الجراحة أيضًا باستخدام منظار داخلي.

يستخدم العلاج الكيميائي ليدمر خلايا السرطان، وعادة ما يعطي العلاج الكيميائي بعد الجراحة إذا انتشر السرطان إلى الغدد اللمفاوية، وقد يساعد في الحد من خطر تكرار الإصابة بالسرطان والوفاة الناتجة عنه، كما يمكن استخدام العلاج الكيميائي قبل الجراحة في بعض الأحيان بهدف تقليص حجم السرطان قبل العملية.

يستخدم العلاج الإشعاعي مصادر الطاقة القوية مثل الأشعة السينية لقتل الخلايا السرطانية أو لتقليص الورم كبير الحجم قبل إجراء أي عملية بحيث يسهل إزالته، أو لتخفيف أعراض سرطان القولون أو سرطان المستقيم.

ما مراحل تقدم سرطان القولون؟

تدرّج مراحل تقدم سرطان القولون يتم وفقًا للترتيب التالي:

  • المرحلة 0 (صفر): الورم السرطاني لا يزال في مراحله الأولية، ولم ينمُ أو ينتشر بعد إلى خارج البطانة الداخلية (المخاطية) للقولون أو المستقيم، وفي هذه المرحلة يوصف السرطان بأنه ورم خبيث محلي.
  • المرحلة 1 (الأولى): الورم السرطاني قد نما وانتشر إلى ما خارج بطانة القولون، لكنه لم ينتقل إلى خارج جدار القولون أو المستقيم بعد.
  • المرحلة 2 (الثانية): الورم السرطاني قد نما وانتشر واخترق جدار القولون أو المستقيم، لكنه لم ينتقل بعد إلى العقد اللمفاوية المجاورة.
  • المرحلة 3 (الثالثة): الورم السرطاني قد نما وانتشر ووصل إلى العقد اللمفاوية المجاورة، لكنه لا يؤثر على أعضاء أخرى في الجسم، حتى الآن.
  • المرحلة 4 (الرابعة): الورم السرطاني قد نما وانتشر على نطاق واسع في الجسم، يكون قد انتقل مثلًا إلى أعضاء داخلية أخرى مثل الكبد أو الرئتين، أو إلى الغشاء الذي يغلـّف تجويف البطن (البريتوان)، أو إلى أحد المبيضين لدى النساء.

تكون السرطانات المحصورة داخل جدار القولون أكثر قابلية للعلاج عن طريق الجراحة، بينما يصبح العلاج صعبًا أو غير ممكن في حالة انتشار الإصابة وانتقالها إلى أعضاء أخرى في الجسم.

هل هذا المرض قابل للشفاء؟

عند الكشف عن سرطان القولون خلال مراحله الأولى تكون نسبة الشفاء منه مرتفعة جدًا، ولكن مع تقدم مراحل المرض تزداد نسبة الوفيات، وبشكل عام وصل معدل عدد المرضى في الولايات المتحدة الذين بقوا على قيد الحياة لمدة خمس سنوات منذ اكتشاف إصابتهم بالمرض إلى حوالي 65٪ وذلك يعتمد على مدى تقدم حالة الإصابة بالمرض بغض النظر عن الحالة الصحية العامة للمصاب وما إذا كانت إزالة السرطان ممكنة عن طريق الجراحة.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة بسرطان القولون؟

يمكن تقليل احتمال الإصابة بسرطان القولون عن طريق إجراء بعض التغييرات في نمط الحياة، وتشمل:

  • اتباع نظام غذائي متوازن، مع الإكثار من تناول الفواكه، والخضار، والحبوب الكاملة، كونها تحتوي على كمية كبيرة من الألياف والفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة، والتي تقي الجسم بدورها من الإصابة بالسرطانات، والتقليل من الدهون، وخاصة الدهون المشبعة، والابتعاد عن اللحوم المصنعة مثل المرتديلا، الهوت دوق، السجق، وغيرها.
  • الابتعاد عن التدخين وتناول المشروبات الكحولية.
  • ممارسة الرياضة مرتين في الأسبوع على الأقل لمدة 30 دقيقة كل مرة.
  • الحفاظ على وزن صحي من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة.

هنالك أدوية معينة تقلل من احتمالات ظهور السلائل ما قبل السرطانية أو سرطان القولون: الأسبرين، مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، سيليبريكس.

كيف يمكن الكشف المبكر عن سرطان القولون؟

يوصى بإجراء فحوصات مسحية روتينية للكشف المبكر عن سرطان القولون ابتداء من سن 50 عامًا لجميع الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا في قائمة الناس المعرضين لخطر الإصابة بسرطان القولون، وتشمل الفحوصات:

  • تحري وجود دم خفي في البراز: يجرى سنويًا.
  • فحص الحمض النووي (DNA) في البراز: من غير الواضح بعد كم من الوقت يجب الانتظار بين الفحص والتالي.
  • فحص بالتنظير السيني: مرة كل 5 سنوات.
  • فحص بحقنة مزدوجة التباين: مرة كل 5 سنوات.
  • تنظير القولون: مرة كل 10 سنوات.
  • تنظير القولون الافتراضي: مرة كل 5 سنوات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة