tag icon ع ع ع

أعلنت تركيا بشكل رسمي أنها ستستلم الدفعة الأولى من مقاتلات “F-35” أمريكية الصنع يوم غد الخميس، رغم تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على حظر تنفيذ الصفقة.

وستكون “F35” أول من يؤسس للجيل الخامس من الطائرات في سلاح الجو التركي، وستعزز الدفاع والهجوم من خلال توفير قدرات لم تكن متوفرة من قبل.

وبحسب ما ذكرت وكالة “الأناضول” التركية اليوم، الأربعاء 29 من حزيران، تعتبر الصفقة من أكبر المشاريع في العالم، ومن شأنها أن تطور الصناعة المحلية للأسلحة في تركيا، وخاصة الأجيال الحديثة من الطائرات.

ويفصل هذه الصفقة أقل من عام عن صفقة مشابهة، لكنها مع طرف دولي مختلف بشكل جذري، ففي أيلول العام الماضي وقعت تركيا صفقة مع روسيا لشراء منظومة “S400” المضادة للصواريخ البالستية، والتي تلقت إثرها تحذيرات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تخوف من تسريب معلومات استخباراتية.

وانضمت تركيا إلى الحلف عام 1952، وشهدت الأشهر الماضية توترًا في علاقاتها داخله، على خلفية عدة تطورات، بينها تصوير قادة تركيا كأعداء في تدريبات عسكرية مشتركة، فضلًا عن أنها أول دولة في الحلف تشتري منظومة صواريخ روسية للدفاع الجوي.

وتطرح السياسية التركية المتوازنة مع أمريكا وروسيا، خاصة بصفقتي السلاح، عدة تساؤلات عن الأهداف التي تريدها من ذلك، والاستراتيجية التي تعتمد عليها في هذه العلاقة، والتي تكاد أن تنسحب على مشاريعها وخططها الدولية الإقليمية.

تنويع الحلفاء

في حديث مع الصحفي والمحلل السياسي التركي إسماعيل كايا اعتبر أن تأكيد مسؤولين أتراك كبار على تسلم الدفعة الأولى “F35” من أمريكا رغم تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على حظر تنفيذها يؤكد أن واشنطن تعي جيدًا تبعات تطبيق الحظر على مستقبل العلاقات بين البلدين، لا سيما عقب تأكيد أنقرة بأن الخيارات لن تنعدم، وستتجه إلى الحصول على طائرات روسية متطورة.

وقال كايا لعنب بلدي إن هذه المعادلة تثبت نجاح السياسة التركية المتبعة في السنوات الأخيرة، والقائمة على مبدأ تنويع الحلفاء سياسيًا وعسكريًا.

ولا تسعى الحكومة التركية أبدًا لخسارة تحالفها التاريخي والاستراتيجي مع الولايات المتحدة في حلف “الناتو”، ومن جانب آخر تتمسك بقوة بتحالفها التكتيكي مع روسيا.

وبحسب المحلل السياسي، فرغم صعوبة هذه السياسة، نجحت أنقرة إلى حد ما في خلق توازن معين مستغلة رغبة الجانبين الأمريكي والروسي في عدم خسارة دولة محورية تتمتع بقوة سياسية واقتصادية وموقع جغرافي محوري في المنطقة.

ورأى كايا أن أنقرة أمام تحد كبير، وتسعى لفرض نفسها كحليف استراتيجي تخشى القوى الكبرى خسارته، بعد أن كانت حليفًا ضعيفًا يخشى التخلي عنه، وهذه معادلة كبيرة وتحول جوهري والنجاح به يحتاج لفترة طويلة من العمل الدقيق ستكشفه السنوات المقبلة.

حبر على ورق

وكان ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي قدموا، في نيسان الماضي، مشروع قانون يهدف إلى الحيلولة دون تسليم المقاتلات “F35” التي تنتجها شركة “لوكهيد مارتن” إلى تركيا، وهي إحدى الدول المشاركة في إنتاج الطائرات المتطورة.

وجاء المشروع الذي قدمه السيناتور الجمهوري، جيمس لانكفورد، والسيناتور الجمهوري، توم تيليس، والسيناتور الديمقراطية، جيان شاهين.

وأصدر الأعضاء الثلاثة في مجلس الشيوخ بيانًا عبروا فيه عن قلقهم، قائلين إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يخوض “التغاضي عن سيادة القانون”.

وقال لانكفورد في البيان “تبتعد قرارات تركيا الاستراتيجية أكثر فأكثر مع الأسف عن المصالح الأمريكية وأحيانًا تتعارض معها، وهذه العوامل تجعل تسليم أنقرة (F35) الحساسة وقدراتها المتطورة محفوفًا بالمخاطر”.

وفي تصريحات سابقة ذكر وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، أن صفقة شراء منظومة الدفاع الروسية “S400” لن تؤثر على حصول تركيا على “F35”.

وقال جانيكلي “ليست هناك مشاكل بشأن شراء المنظومة الروسية، فقد تم حسم هذا الموضوع والتوصل إلى اتفاق بشأنه، ونتباحث مع روسيا بين الحين والآخر من أجل التسليم المبكر لهذه المنظومة إلى تركيا”.

ومقاتلات “F35” ليست صناعة أمريكية بشكل كامل، بل يوجد فيها بعض القطع الحساسة تصنع في تركيا أيضًا، وقد تمت جميع إجراءات الفحوصات الأولية التجريبية عليها، ورسم على أجنحتها العلم التركي.

السياسة تنسحب على سوريا

وفي سياق متصل، يحاول الجانب التركي اللعب على الحبلين الروسي والأمريكي.

فلا يمكن فصل موسكو عن الاتفاقيات الخاصة في الشمال السوري وخاصة جيب إدلب وريف حلب الشمالي، وهذه المناطق تجمع بين الدولتين في اتفاق “تخفيف التوتر” إلى جانب طهران.

بينما تبقى واشنطن شريكًا عسكريًا في حلف شمال الأطلسي، رغم الصدامات التي اندلعت بينهما مؤخرًا بسبب دعم “وحدات حماية الشعب” (الكردية).

وتجددت العلاقات الأمريكية- التركية في الأيام الماضية من بوابة مدينة منبج، والتي اتفق فيها الطرفان على خارطة طريق تقضي بخروج القوات الكردية بشكل كامل من المنطقة، وتسيير دوريات مشتركة بدأ عملها، أول أمس الاثنين.

ورغم تنوع واختلاف في الأجندات والأهداف بين أنقرة وواشنطن في سوريا، لم تنقطع اللقاءات والمباحثات طوال السنوات السبع الماضية.

مقالات متعلقة