دعوات جديدة لـ “خلافة إسلامية” يقودها “حزب التحرير” في إدلب

camera iconمظاهرة لمجموعة من أنصار حزب التحرير في مدينة إدلب - 24 نيسان 2018 (إدلب 24)

tag icon ع ع ع

إدلب – طارق أبو زياد

“يا أهل الشام أدركوا ثورتكم”، قد يبدو هذا الشعار الذي رفع في مدينة إدلب للوهلة الأولى دعوة للعودة إلى مبادئ الثورة السورية والتغلّب على الخلافات الفصائلية، لكن تتمته تحمل جوهر القضية، مع حصر وسيلة إنقاذ الثورة بـ “تبني مشروع الخلافة”.

لا يكاد يخلو جدار في مدينة إدلب وشوارعها إلا ولُصق عليه منشور يدعو لعودة الخلافة الإسلامية وتبيان فضلها، وتكفير الديمقراطية والعلمانية وغيرها من الأمور التي اعتاد السوريون سماعها ومشاهدتها من قبل “حزب التحرير”.

وانتشرت مؤخرًا عبر وسائل الإعلام صور لمظاهرات ومتظاهرين يحملون لافتات متنوعة في مدينة إدلب، تدعو لعودة “الخلافة الإسلامية” ومحاربة قادة الفصائل، موقعة باسم “حزب التحرير” الذي يتزايد نشاطه في مدينة إدلب من خلال تنظيم المظاهرات وتوزيع المناشير.

من هو حزب التحرير؟

رغم أن التحرك الأخير للحزب ليس الأول في سوريا، لكن نسبة كبيرة من السوريين لا يعرفون أي معلومات عنه، الأمر الذي يبرره كون الحزب غير سوري وليس له مكان انتشار محدد.

حزب “التحرير” هو تكتل سياسي إسلامي يدعو إلى إعادة إنشاء دولة الخلافة الإسلامية وتوحيد المسلمين جميعًا تحت مظلتها، تأسس في مدينة القدس عام 1953 على يد القاضي تقي الدين النبهاني، وذلك بغية إعادة الخلافة الإسلامية بعد سقوط الخلافة العثمانية.

يرأس الحزب حاليًا المهندس عطا أبو الرشتة من فلسطين، وهو يسمى “أمير الحزب”، ويتم تعيينه من قبل دائرة ضيقة بالحزب، ولا يلزم بمدة لحكمه، بينما تكون “إمارته” عالمية على جميع منتسبي الحزب الذين يقدرون بـ “الملايين”، وفق تصريحات إعلامية للحزب الذي يرفض الكشف عن الأعداد الدقيقة لأعضائه.

يعتمد الحزب “العمل السياسي والفكري للوصول لغايته”، ويشير في تعريفه لنفسه إلى أنه “يعمل اقتداءً برسول الله في مرحلته المكية التي سبقت الهجرة للمدينة وتأسيس الدولة الإسلامية فيها”، وله انتشار واسع في الكثير من الدول أبرزها فلسطين ولبنان ودول شرق آسيا، بالإضافة لبعض الدول الغربية، فيما تحظر عمله عدد من الدول الأوروبية وهو محظور في أغلب الدول العربية.

على مستوى سوريا، بدأ نشاط الحزب لأول مرة في مدينة حلب عام 2013، من خلال افتتاح مكتب في المدينة وتنظيم المظاهرات وغيرها من النشاطات، بالإضافة لنشر كتابات على الطرقات تدعو لإقامة الخلافة ومحاربة الديمقراطية والعلمانية وتكفيرها. وبعد سيطرة قوات الأسد على حلب الشرقية غاب عن الساحة ليعود للظهور في مدينة إدلب من خلال الطريقة ذاتها.

يملك الحزب إذاعة تبث في الشمال السوري، ويقوم بتقديم البرامج والأخبار معتبرًا الدول أنها ولايات تتبع له، كأن يبثّ خبرًا عن “إمارة إدلب في ولاية سوريا”، حسب توصيف الإذاعة.

فقاعة إعلامية

خالد الجرعتلي، ناشط مدني في مدينة إدلب، عايش فترة نشاط الحزب في مدينة حلب ويعايشها اليوم في إدلب، أشار في لقاء مع عنب بلدي إلى أن تحركات حزب “التحرير” إعلامية لا أكثر، نافيًا أن تكون له أي قوة على الأرض.

وأضاف الجرعتلي “غالبًا تكون المظاهرات التي ترفع رايات حزب التحرير غير منظمة، يكفي أن يأتي أحد مناصريه ويرفع لافتة يكتب عليها شيئًا عن الخلافة ويقوم بتصويرها، ما يعني أن الحزب عبارة عن فقاعة إعلامية”.

من جهته يرى عمر الفوال، الذي يعمل في مجال الطاقة البديلة، أن ما يقوم به حزب “التحرير” هو “انفصال عن الواقع وضحك على اللحى، هو يسعى لصبغ مدينة إدلب بالسواد القاتم الذي عانت منه الثورة السورية كثيرًا في ظل داعش”، ويضيف “المضحك حقًا هو أنه لا يملك أي وجود على الأرض، ببساطة هو ذاك المختبئ الذي يدعو الناس للقتال”.

ويرى الفوال أن “أغلب قيادات الحزب موجودون في الخارج (أوروبا)، دون أن يعايشوا ما يعانيه المسلمون حقًا لكي يفهموا فعلًا ما هي حال المسلمين في سوريا”، معتبرًا أن “عملهم لا يعدو كونه تنظيرًا على الناس”.

“قوة الحق” و”حرية التعبير”

إلى جانب معارضة بعض سكان إدلب لدعوات حزب “التحرير” ونشاطه في إدلب، يذهب البعض إلى اعتبارها أمرًا “إيجابيًا”، فيما يدرجها آخرون في إطار “حرية التعبير”.

يرى حسن عبد الرحمن، وهو مقاتل في صفوف فصيل “هيئة تحرير الشام” الجهادي، أن “الحزب يدعو لأمور محقة ويجب أن تنفذ، فكيف للخلافة الإسلامية التي يسعى لها كل مسلم أن تقام بالسلم”، ويتساءل “أيعقل أن يقبل العالم بعودة الخلافة دون قوة؟ هذا ضرب من الخيال، الخلافة الإسلامية الحقيقية يجب أن تعود، ولكن ببساطة هي أخذت بالقوة ولتعود هي بحاجة القوة”.

في المقابل اعتبر غياث الحلبي، أحد أهالي مدينة أريحا، أن ما يقوم به الحزب “لا يعارض مبادئ الحرية التي خرجت الثورة من أجلها، فمن حق الجميع أن يعبر عن رأيه ويروج لأفكاره”، ويضيف “الحزب لم يقم بإيذاء أي أحد ولا يوجد له أي أمر يفرض بالقوة، هو يدعو الناس بالطريقة السلمية الاختيارية ولا يجبر أحدًا على اتباع أفكاره، وهذا لا يعارض أي مبدأ من مبادئ الثورة”.

ورغم اختلاف الآراء تجاه حزب “التحرير”، تبدو شعبيته منخفضة على أرض الواقع، إذ يصفه الكثيرون بأنه “حزب المناشير”، ولا ينظر لمطالبه ومساعيه بشكل جدي من أي طرف سواء عسكري أو سياسي أو شعبي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة