تعا تفرج

بشار الأسد يضرب خالد العلي بالكف

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

قرأت، في صحيفة عنب بلدي، خبر موت عضو مجلس الشعب السوري خالد العلي، فارتسم في مخيلتي، على الفور، المشهد الذي توقعت حدوثه يوم 30 آذار 2011 عند مدخل المجلس، وهو التالي: لفيف من أعضاء المجلس يتدافعون للسلام على بشار الأسد، و”اللحمسة” على ثيابه كما لو أنه نبي، أو ولي، وهو يضيق ذرعًا بنفاقهم وتفاهتهم، ويزيد العضو خالد العلي في الطين بلةً إذ يعترض طريقه ويقول له:

– يا سيدي الرئيس، أنت قليل عليك أن تكون رئيسًا للوطن العربي، أنت يجب أن تكون رئيس العالم!

فيرفع بشار يده اليمنى إلى أقصاها، ويضربه كفين أصعب من فراق الوالدين، ويقول له، بالحرف الواحد: أهذا وقت بياختك؟ ألم تر أنت وهؤلاء الأغبياء دماء الشعب تسيل في الشوارع؟!

وعلى إثر ذلك تتوقف المظاهرات التي تطالب بالإصلاح، وبالحرية، إذ يوقن المتظاهرون أن هذا الرجل، بشار الأسد، لديه عقل راجح، بدليل أنه بدأ يعالج القضية بذكاء وحنكة، وأنه، إذا ظل سائرًا على هذا المنوال، سيتحول من ولد مصروع فرضته الأجهزة الأمنية رئيسًا للبلاد بالقوة، إلى زعيم تاريخي يتمكن، بعد اندلاع حرائق الثورة، من ضبط الأمور، وحقن الدماء.

والحقيقة أن المدعو، بشار الأسد، قبل أن يضرب خالد العلي بالكف، كان قد وبخ نقيب الفنانين صباح عبيد إذ وجده يدبك مع مجموعة من الأعضاء أمام مجلس الشعب، قائلًا له: كيف يأتي منك أنت وهؤلاء التافهون أن تدبكوا والبلاد واقفة على كف عفريت؟ اعلموا أيها “الجلاجيق” أن أجفاني، وأنا رئيس البلاد، قد جفاهن الكرى منذ أسبوعين، وإنني أقدمتُ على قرارات وتصرفات مؤلمة، منها أنني أقلت ابن خالتي عاطف نجيب من منصبه، بسبب اعتدائه على أطفال بلادي وتوجيهه الإهانة لأهاليهم، وتوعدته بمحاكمة عادلة، غير آبه بدموع خالتي وأمي، ثم أرسلت لأهل درعا اعتذارًا سريعًا، “تلحيقة” ريثما أجد وقتًا أتمكن فيه من الذهاب إلى هناك، والاعتذار للناس بنفسي، والصلاة على شهدائهم.

إن لهذا المدعو، بشار الأسد، في الواقع، مواقف سياسية لا تقل ذكاء وحنكة عن المواقف التي عالج الأزمة بموجبها، أقصد بهدلة صباح عبيد وصفق خالد العلي بالكف وسجن ابن خالته، منها أنه فوجئ، حينما كان يدرس طب العيون في بريطانيا الاستعمارية، بأن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية قد نسّبته إلى الكلية الحربية، وخرّجته، ورفّعته إلى رتب يحتاج غيره إلى عشرين سنة لبلوغها، فاحتج وقال لهم: هذا اسمه تزوير! وبعد هذا بزمن قليل احتج على تزوير الدستور بقصد جعله رئيسًا، وقد روي عنه قوله، في خطاب القسم، إن في سوريا رجالًا أفهم مني، وأكثر تمرسًا بالسياسة مني، ولكن، ولنفرض، على سبيل المماحكة، أنني فهيم، ومتمرس، ومخضرم، لا يجوز أن أكون رئيسًا، لئلا تتحول جمهوريتنا إلى جمهورية وراثية، وقد قبلت الآن أن أكون رئيسًا، على نحو مؤقت، ريثما ينتخب هذا الشعب المعطاء رئيسًا يليق به.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة