قواعد العشق الأربعون

tag icon ع ع ع

 عنب بلدي – العدد 135 – الأحد 21/9/2014

قواعد العشق الأربعونمن يقرأ عنوان الرواية يظن للوهلة الأولى أن العشق المقصود هو عشق الرجل للمرأة، لكن الحقيقة أن المقصود هو العشق الإلهى المعنوي، إذ تعتمد الروائية إليف شافاق على تعدد الأصوات السردية بحيث يتناوب أبطال  الرواية وشخصياتها في سرد الأحداث ضمن خمسة أجزاء: التراب، الماء، الهواء، النار،العدم، وهي روائية تركية، نُشر لها 12 كتاباً ثمانية منها روايات باللغتين التركية والإنجليزية.

قواعد العشق الأربعون رواية جماعية الأصوات، تدور أحداث الرواية عام 2008 من القرن الحادي والعشرين بكل ما فيه من وسائل اتصال حديثة، للحديث عن الخبيرة الأربعينة اليهودية إيلا، التي تكلف من قبل وكالة نشر أدبية بقراءة مسودة لرواية كتبها عزيز زاهارا بعنوان «الكفر الحلو»، والعلاقة الحميمية التي تنشأ بينهما، وانتهائه بصراع عزيز مع مرضه، وموته إثر ذلك، لتستقدم القرن الثالث عشر فتنبثق من رحم الروايتين رواية ثالثة في رحلة زمنية غير معقولة تتعاشق فيها حساسيات دينية وصوفية، تتمخض عن صراعات روحية ونفسية غاية في الدقة، متحدثة عن شخصية شمس التبريزي ولقائه بجلال الدين الرومي، ومناقشتهما لقواعد العشق الأربعين، موجهة قلمها للحديث عن زوجة الرومي الثانية المسيحية، وهروب وردة الصحراء من المبغى بحثًا عن الله، وإصرار كيميا على الرومي لتتلقى العلم على يديه، رغم استهجان مجتمعهم تعلم الفتاة، وتحول الرومي لشاعر، وابتكار رقصة «سما» للصوفيين، والتي ما زالت حتى اليوم باسم المولوية، ومقتل التبريزي على يد علاء الدين بن الرومي وصحبه، لتكتشف إيلا أن التبريزي لم يمت منذ 800 سنة،بل إن شخصيته الجدلية تتكرر في العصور كلها، وها هو زاهارا الهولندي الذي اعتنق الإسلام يتشبه بالتبريزي بحكمته وفلسفته بين هذه الروايات والشخصيات.

تقف في بادئ الأمر على أعتاب هذا العالم الذي نسجته الروائية بدقة وبخيوط التصوف حينًا، والواقعية حينًا آخر، وبخيوط الواقع تارة والخيال تارة أخرى، وثم ليس آخرًا بخيوط الإبداع في كل الحالات، تتكلم عن الحب الإلهي، وليس من الغريب حديثها عن الحب البشري أيضًا، تتشابك خطوط الرواية في بعض الأحيان، لتزرع الكاتبة من خلالها بذور التشويق والإثارة، وسواء كنت تعرف شخصيات الرواية حقيقة، وكنت واقعيًا أم خياليًا أم لديك ثقافتك الغربية أم الشرقية، فإنك سترحل مع هذه الرواية في حالة من الانفصال عن الواقع والانفراد بالنفس، برحلة روحية تطّلع من خلالها على القواعد الأربعين للعشق، في مزيج أدبي لأفكار يأبى العقل قبولها أحيانًا، مع أخرى تهفو النفس وكذا العقل إليها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة