تناغم إيراني أسدي في البادية.. على سكّة تدمر- دمشق

camera iconميليشيا "القوة الجعفرية" في منطقة "سبع بيار" على أوتستراد دمشق- بغداد- 19 أيار 2017 (تويتر)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

بات ريف حمص الجنوبي الشرقي خاليًا تمامًا من وجود تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأصبح طريق تدمر- دمشق معبّدًا أمام أرتال قوات الأسد والميليشيات الأجنبية الخاضعة لإشراف “الحرس الثوري” الإيراني، بعد عمليات عسكرية ممتدة منذ آذار الماضي، تستهدف بالمقام الأول التنظيم، وتثير ريبة “الجيش الحر” الصامت إزاء التطورات.

خمسة آلاف كيلومتر في غضون شهر

عمليًا، بدأت قوات الأسد وحلفاؤه رسم خطوط دقيقة في البادية السورية، عقب استعادتها مدينة تدمر من تنظيم “الدولة”، في الثاني من آذار الفائت، والتوجه من محاور مختلفة للتوغل جنوب تدمر والقريتين، وبالتالي استعادة حقول النفط والفوسفات في خنيفيس.

وتركزت العمليات من محاور متشعبة، محوران في ريف حمص (جنوب تدمر، جنوب القريتين)، ومحور ثالث في ريف دمشق الشرقي (شرق الضمير باتجاه سبع بيار)، ومحور أخير في ريف السويداء الشرقي، في خطة تعتمد على مبدأ “الكماشة”، وتستهدف تنظيم “الدولة” و”الجيش الحر” على حد سواء.

في أيار الجاري تركزت المعارك ضد التنظيم جنوب شرق حمص، وسيطرت قوات الأسد والميليشيات على سلاسل جبلية في الصحراء السورية، وحققت خلال الأيام القليلة الفائتة تقدمًا كبيرًا باستعادتها السيطرة على قرى وبلدات الباردة والبصيري وخنيفيس، وجبل المحسة الاستراتيجي، المطل على القريتين من المحور الجنوبي، لتحكم قبضتها بالتالي على أهم حقل للفوسفات في سوريا، كانت طهران قد وقعت عقد استثماره مطلع العام.

كذلك حققت القوات المهاجمة فارقًا غير مسبوق في المعادلة خلال أيار، فانتزعت منطقة “سبع بيار” من “الجيش الحر” وتقدمت على أوتوستراد دمشق- بغداد، لتصل إلى مسافة نحو 30 كيلومترًا من منطقة “التنف” التي اتخذتها قوات أمريكية وبريطانية مركزًا لها، وهو ما اعتبره التحالف الدولي أمرًا غير مقبول، واستهدفت طائراته رتلًا لميليشيات عراقية في 18 أيار الجاري على الأوتوستراد، تسبب بجمود العمليات على هذا المحور.

المحور الأخير استهدف بالتحديد قوات “الجيش الحر” في ريف السويداء الشرقي، بعد أن نجح الأخير في طرد تنظيم “الدولة” من المحافظة، في معارك استمرت أسابيع طويلة، لتقلب قوات الأسد والميليشيات الطاولة على “الحر” وتنتزع منه مناطق واسعة، ابتداء من أرض الكراع وبئر الرصيعي وتل الضبعة، وليس انتهاءً بسد الزلف والرحبة العسكرية شماله.

نجحت القوات المهاجمة بطرد تنظيم “الدولة” بشكل كامل من جنوب شرق حمص، وعزل مجموعات من الجيش الحر في القلمون الشرقي بريف دمشق (جيرود، الناصرية، جبل الأفاعي)، وأحكام السيطرة المطلقة على طريق تدمر- دمشق، في مساحة تقارب خمسة آلاف كيلو متر مربع.

زحمة ميليشيات تحركها طهران

تحظى المعركة، وفقًا للمعطيات الميدانية، باهتمام بالغ من قبل إيران، الداعم الأبرز لنظام الأسد، وصاحبة المصلحة في النفوذ العسكري في البادية السورية، لتكون منطلقًا للتوجه إلى الحدود مع العراق، من جهة التنف أو الريف الشرقي في محافظة دير الزور الخاضع لتنظيم “الدولة”، إذ تشير التكهنات إلى أنه سيكون الوجهة المقبلة للمعارك بعد الرقة.

كشفت الضربة الجوية للتحالف على رتل عسكري لقوات رديفة لقوات الأسد، حجم التعبئة التي نفذها “الحرس الثوري” الإيراني لمعركة البادية، إذ قتل نحو ستة عسكريين في ميليشيا “كتائب سيد الشهداء” العراقية، المنضوية في “الحشد الشعبي” العراقي، والمشكّل قبل عامين بإشراف إيراني.

ووفقًا لمصادر عنب بلدي، فإن المعركة تشهد مشاركة الميليشيات التالية: “حزب الله” اللبناني، “لواء فاطميون” الأفغاني، متطوعون من “قوات التعبئة” الإيرانية (باسيج)، “كتائب الإمام علي” العراقية، “لواء أبي الفضل العباس” العراقي، “كتائب سيد الشهداء” العراقية، علاوة على ميليشيات محلية.

ويرى باحثون في الشأن الميداني السوري أن الهدف الرئيسي لطهران من خلال هذه المعركة، لا يتعلق بمحاربة التنظيم والقضاء على نفوذه في البادية، كما يشاع رسميًا، بقدر ما هو سعي للتحكم بطريق بري يصل طهران بشواطئ المتوسط، مرورًا بدمشق وبغداد وبيروت، وهو ما ستحققه فيما لو سيطرت على التنف أو ريف دير الزور الشرقي، بمحاذاة الحدود العراقية.

“الحر” وحلفاؤه في وضعية “الصامت”

قضت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية على إنجازات “الجيش الحر” في البادية السورية، والمعارك التي أطلقها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ مطلع العام، والرامية إلى السيطرة على بادية السويداء، ووصل مناطقها في بادية الحماد بالقلمون الشرقي (جيرود، الناصرية، جبل الأفاعي)، والتأهب للانطلاق بعدها إلى محافظة دير الزور، من بوابة البوكمال.

وبعد المعارك الأخيرة، باتت قوات الأسد المسيطر الفعلي على بادية السويداء، مع نفوذ قليل لـ “الجيش الحر”، وحلّت هذه القوات مكان تنظيم “الدولة الإسلامية” في ريف دمشق الشرقي، وأمعنت في حصارها مناطق المعارضة في القلمون الشرقي، وأحكمت أيضًا قبضتها على مساحات واسعة من أوتوستراد دمشق- بغداد، ما يهدد وجود “الجيش الحر” في المنطقة.

ويتركز نشاط “الجيش الحر” في البادية على ثلاثة فصائل رئيسية: “جيش العشائر”، “جيش مغاوير الثورة”، و”جيش أسود الشرقية”، وتحظى بدعم من التحالف الدولي والأردن.

المتحدث باسم “جيش أسود الشرقية” أكد لعنب بلدي حدوث تقدم كبير في البادية السورية، لصالح النظام وحلفائه، معلّقًا بالقول “إن الحرب كرٌ وفر”، ونافيًا الانسحابات أمام القوات المهاجمة في البادية السورية، كما أشارت تقارير متطابقة، وهو ما يعكس حالة الصمت أمام هذه العمليات.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة