الحاجة أم الاختراع، النزوح والده !

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 102 – الأحد 2/2/2014

1479383_720830694612517_1469019942_nأماني رياض

يُعاني معظم النازحين، الذين هُجّروا عن ديارهم، من سوء الظروف المعيشية وندرة مقومات الحياة، ما دفع البعض منهم إلى ابتكار طُرقٍ جديدة، تتماشى مع الوضع المفروض عليهم، كما أنّها تستند إلى الأدوات المتوفرة بين أيديهم.

في ظل الصراع القائم في سوريا، يعتمدُ معظم النازحين على المساعدات، التي تقوم الجمعيات المعنية بأمور المهجرين بتوزيعها عليهم.

ترى أم محمد، النازحة من مدينة داريا، في اقتصار السلة الغذائية، التي تأخذها من تلك الجمعيات على بعض المواد، التي نادرًا ما تتغير وتتفاوت كمياتها، سببًا يدفعها لاستخدام بعض تلك المواد في صنع الأطعمة. تستخدم أم محمد، على سبيل المثال، مادة العدس، التي تتوفر بكمياتٍ كبيرة، في تحضير الأكلة السورية الشهيرة «الفلافل»، إذ تؤكد أنّ المنزل الذي تسكنه، يحتوي عددًا كبيرًا من الأطفال، جميعهم ممن استشهد والدهم أو اعتقل، والفلافل، يُمكنه إطعام الجميع.

أما دعاء، نازحة من مدينة داريا أيضًا، فتقوم باستخدام الأرز في صُنع مادة النشاء، المستخدم في الطعام، كما أنّها تستعيض عن استخدام «الشعيرية» بـ «المعكرونة»، عند تحضير الأرز وطبخه.

ياسر، ابن الست أعوام، استطاع بعد إلحاحه على والدته، إقناعها بإعداد القليل من الحلوى، لكن بطريقةٍ جديدة ومبتكرة. لم تستخدم والدة ياسر لتحضير «الكنافة»، الأكلة السورية العريقة، الكنافة الجاهزة والمتواجدة في السوق، بل عَمدت إلى استخدام بعض المعكرونة، التي تأتي مع السلل الغذائية، لتصنع لطفلها ما يشتهي، ما أدى إلى انتشار هذه الطريقة في محيطها، لتغدو تلك الوجبة من أشهى المأكولات المبتكرة.

العامل المشترك بين معظم النازحين، هو وجودُ بديلٍ عن استخدام قطع اللحم والدجاج في الطعام، هذا البديل هو «نكهة ماجي بالدجاج»، بالإضافة إلى استخدام الزيت والسمن أيضًا.

محمد، ابن التسع أعوام، عاتبَ والدته كثيرًا عندما وجدها تطهو بالزيت، بدلاً من استخدام اللحم، الذي طالما تمنّى تناوله منذ نزوحه عن بلدته الأم، إلى إحدى مزارع الريف الغربي، لكن خاتمة عتابه دومًا، هي القول «الحمد لله على كل شي».

لم تعد المقبلات، التي اعتاد السوريون وضعها على مائدة طعامهم، تُحضر بالطريقة المعتادة، وأصبح كل شيءٍ يطهى وفقًا للمواد المتوفرة. لجأ البعض، إلى استخدام قشور أنواع من الفاكهة، في تحضير بدائلٍ لكلٍ من «مُربى» المشمش والكرز وغيرها، فمثلاً، صنعوا من قشور البطيخ والبرتقال «المعقود»

وجد السوريون مجالاً آخر لاستخدام المناديل الورقية، التي تُوضع أحيانًا مع السلل الغذائية، حيث يتمُ استخدامها عند البعض، في صُنعِ «شمعةٍ» تساعدهم خلال الفترة التي يُقطع فيها التيار الكهربائي، إذ تعلل ملك ذلك بأنّ «هذه الطريقة لصنع الشمع، سهلة، سريعة وتدوم لوقتٍ أطول مما هي عليه الحال مع الشموع العادية، كما أنها توفر بعض المال.

ومع اختلاف الظروف والاحتياجات، تختلفُ الطرق والوسائل المُستخدمة، لتُولدَ دومًا، إرادةُ الحياة من رَحمِ المأساة، مضيفة بذلك تَحدٍ جديد في احتراف الحياة، هذا التحدي يَكمن في غيابِ أبسط مقوماتِ الحياة والحقوق الإنسانية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة