سياسة الأرض المحروقة لم تمنع خسائر النظام وحلفائه

الروس والإيرانيون يضعون ثقلهم في معارك حماة.. والهدف: خان شيخون

camera icon"الجيش الحر" يستهدف مطار حماة العسكري بالصواريخ- 16 نيسان 2017 (عاصي برس)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- خاص

مع استمرار معارك حماة ودخولها شهرها الثاني، يتوضح حجم الثقل العسكري الروسي والإيراني الداعم لقوات الأسد وأكثر من عشر ميليشيات أجنبية ومحلية رديفة تقاتل إلى جانبها، من خلال هجمات عنيفة من محورين رئيسيين، شهدت تصاعدًا ملحوظًا في الأسبوع الفائت.

واستطاعت هذه القوات، المدعومة بأسراب جوية لا تكاد تفارق سماء الريف الشمالي، استعادة جميع المناطق التي تقدمت لها المعارضة منذ 21 آذار الفائت، وزادت عليها بالسيطرة على مدينة طيبة الإمام ومحيطها، والضغط المستمر لتحقيق خرق يمكنها من دخول مدينة حلفايا.

لكن، ووفقًا لآراء وأطروحات متوافقة، فإن معارك الريف الشمالي لحماة، ما هي إلا تمهيد لمعركة طويلة، تهدف في المقام الأول لتضييق الخناق على خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي ومن ثم اجتياحها عسكريًا، وهي المدينة التي شهدت في الرابع من نيسان هجومًا كيماويًا، تسبب بأول ضربة عسكرية أمريكية لنظام الأسد.

أسباب انكفاء المعارضة السريع

نجحت المعارضة خلال عشرة أيام، بالاستحواذ على نحو 15 بلدة وقرية في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي، سرعان ما استعادتها قوات الأسد في غضون 20 يومًا، بالاعتماد على استجلاب ميليشيات محلية وأجنبية، وتحت غطاء ناري وفّرته القوى الجوية الروسية.

اعتمدت قوات الأسد بريًا على ميليشيات أجنبية ومحلية، رصدت عنب بلدي مشاركتها في معارك حماة، بالاعتماد على صور وتسجيلات مصورة نشرتها في معرّفاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأبرز الميليشيات الأجنبية: “الحرس الثوري” الإيراني، “لواء فاطميون” الأفغاني، “لواء زينبيون” الباكستاني، “حركة النجباء” العراقية، “كتائب الإمام علي” العراقية، “حزب الله” اللبناني، و”قوات الجليل” الفلسطينية.

بينما شاركت ميليشيات محلية في المعارك، وأهمها: “الدفاع الوطني”، “نسور الزوبعة”، “حراس الفجر” المسيحية، و”قوات النمر” التابعة مباشرة للعميد سهيل الحسن.

وكان للقوات الروسية دور بارز في إعادة التوازن لقوات الأسد، إذ نفذت مقاتلاتها مئات الغارات الجوية على مدن وبلدات ريف حماة، في أسلوب قالت المعارضة إنه أقرب إلى سياسة “الأرض المحروقة”، من خلال إلقاء قنابل الفوسفور الحارق، والصواريخ الفراغية، وصواريخ “S8” الموجهة، عدا عن الكلور السام والفوسفور العضوي، الذي كان لمدينة اللطامنة النصيب الأكبر منه.

على الأرض، أكدت مصادر معارضة متطابقة، انتشار خبراء وعسكريين روس في ريف حماة الشمالي، وهو ما يتفق مع الصورة التي نشرتها مواقع وصفحات موالية، الجمعة 21 نيسان، وأظهرت ضباطًا روس إلى جانب العميد في قوات الأسد سهيل الحسن، في محيط مدينة طيبة الإمام بريف حماة الشمالي.

وكانت مصادر من المعارضة، أكدت لعنب بلدي أن جنديين روسيين قتلا في مدينة محردة قبل نحو أسبوع، جراء قصف صاروخي نفذته فصائل المعارضة، بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الروسية مقتل الجنديين، دون تحديد مكان وتاريخ وتفاصيل الحادثة.

في حين ذكرت مراصد عسكرية عاملة في ريف حماة، أن الترددات اللاسلكية أثبتت فعلًا وجود مستشارين وجنودًا روس يرافقون قوات الأسد في معارك شمال المحافظة، تركز وجودهم في مدينة محردة ذات الغالبية المسيحية، ورحبة خطاب العسكرية، ومطار حماة العسكري.

ويعزو ناشطون أحد أسباب انكفاء المعارضة شمال حماة، إلى غياب التنسيق بين الفصائل المعارضة فيها، وهو ما ظهر من خلال هيمنة “هيئة تحرير الشام” على المحور الشمالي، الذي شهد خسارة معردس وصوران وطيبة الإمام، بينما لا زالت فصائل من “الجيش الحر” تحاول صد تقدم قوات الأسد من محور حلفايا.

النيران في حماة والهدف: خان شيخون

من المبالغ فيه، اعتبار الريف الشمالي لمدينة حماة، ذا أهمية استراتيجية، دعت الروس والإيرانيين إلى “إنقاذ” قوات الأسد وميليشياته المنهارة فيه، دون التعريج على ارتباطه الجغرافي بريف إدلب الجنوبي، ولا سيما مدينة خان شيخون، التي قد تشهد زيارة مفتشين من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، للوقوف على الهجوم الأخير فيها.

ورجّحت مصادر في المعارضة السورية لجوء روسيا إلى إدارة عملية عسكرية واسعة في ريف حماة، تهدف من خلالها إلى التوسع في الريف الشمالي من محورين، بغية تضييق الخناق على مدينة خان شيخون، ثم اقتحامها، وبالتالي امتلاكها السيطرة على مسرح “جريمة الكيماوي”، وربما التلاعب بالأدلة الجنائية هناك.

وأوضح مصدر من “الجيش الحر” لعنب بلدي، أن قوات برية مكونة من قوات الأسد ونحو عشر ميليشيات أجنبية ومحلية رديفة، تحاول التقدم من المحاور الجنوبية لمدينة مورك، بعد سيطرتها على مدينتي طيبة الإمام وصوران المجاورة، وبالتالي الاقتراب من المدخل الجنوبي لـ “الخان”.

المحور الثاني الذي قد تباشر قوات الأسد عملية برية فيه، هو من مدينة كرناز باتجاه بلدتي كفرنبودة والهبيط المجاورة، شمال غرب حماة، وبالتالي تضييق الخناق على خان شيخون من محوريها الجنوبي والغربي.

وكان الطيران الروسي صعّد من غاراته على مناطق ريف حماة الشمالي وخان شيخون ومحيطها، عقب الهجوم الكيماوي على المدينة، في 4 نيسان، الأمر الذي عزاه المصدر إلى “محاولة طمس أدلة تورط الأسد باستخدام السارين في المدينة”.

المرصد العسكري التابع للمعارضة، العامل في ريف حماة الشمالي، أشار أمس إلى أن ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، شهد منذ الرابع من نيسان، غارات جوية بالقنابل الفراغية والفوسفورية، بلغت نحو 3000 هجمة منفصلة.

وأوضح الناشط الإعلامي والحقوقي في خان شيخون، عثمان الخاني، أن الهجوم في ريف حماة الشمالي قوي وغير مسبوق، وبغطاء جوي روسي، لكنه استبعد، في حديث إلى عنب بلدي، نجاح الروس والنظام باقتحام “الخان”، باعتبار أن هذا الأمر يتطلب عمليات عسكرية واسعة تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، مبديًا في الوقت ذاته، تخوفه من نجاح الهجوم في ريف حماة، الأمر الذي سيضع المدينة في خطر، بحسب تعبيره.

وتعرضت خان شيخون لهجوم كيماوي في 4 نيسان الجاري، تسبب بوفاة 100 مدني وإصابة 400 آخرين، وسط اتهامات واسعة للنظام السوري بتنفيذه، الأمر الذي قوبل برد أمريكي عسكري بعد ثلاثة أيام، باستهداف قاعدة “الشعيرات” الجوية في ريف حمص.

خسائر كبيرة من جنسيات مختلفة

ورغم ما سبق، نجحت فصائل المعارضة في استنزاف قوات الأسد والميليشيات الرديفة بصورة غير مسبوقة خلال العام الجاري، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان الخسائر الميليشيوية في منطقة خان طومان بريف حلب الجنوبي في العام الفائت.

ورصدت عنب بلدي، من خلال الصفحات والحسابات الموالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقتل نحو 150 عنصرًا وضابطًا من قوات الأسد والميليشيات المحلية، بينهم ستة ضباط برتبة عميد وعقيد، معظمهم من طرطوس وريف حماة الغربي.

الخسائر البشرية شملت أيضًا الإيرانيين والميليشيات الأفغانية والباكستانية المرتبطة بهم، فتحققت شبكة “شام” الإخبارية من مقتل 60 منهم في المعارك الأخيرة، فمن “الحرس الثوري”، قتل كل من “العميد مراد عباسي فرد، العميد أبو ذر فرح بخش، آزاد خشنود، أصف جمالي، جواد حسيني، حسين رحماني، روح الله حسيني، سعيد خواجه صالحاني، شاه ولي رضائي، قدرت الله عبودي، محمد حسين حيدري، محمد رضا مسافر، محمد عيسى عارفي، مهدي جعفري، مهدي شكوري، ويد الله ترميمي”.

كذلك وثقت الشبكة بالأسماء، مقتل 40 عنصرًا من ميليشيا “لواء فاطميون” الأفغاني في معارك حماة، نذكر منهم “إبراهيم براتي، إبراهيم رضائي، إسحاق ساداتي، إيمان يار أحمدي، أحمد حسيني، أسد الله أشوري، أمان علي داد، باقر موسوي، جعفر حسني، حجة الإسلام صابري”، فيما قتل من الباكستانيين، الذين يقاتلون تحت اسم “الزينبيون” عنصران، وهما: محمد حسین مومني، ومحمد جنتي دیزج.

وحصلت عنب بلدي على معلومات من مصادر معارضة في حماة، أكدت تحفّظ فصائل الريف الحموي على ما يزيد عن 20 أسيرًا من قوات الأسد والميليشيات المختلفة، بينهم ضابط برتبة عميد، فيما استولت خلال شهر نيسان وحده على عشر دبابات ومدرعات على جبهتي صوران وحلفايا، ودمرت نحو 15 دبابة أخرى، وفق إحصائيات ناشطي المحافظة.

تستمر المعارك، حتى ساعة إعداد التقرير، في ريف حماة الشمالي، الذي شهد معارك كر وفر مماثلة طيلة الأعوام الثلاثة الماضية، عجزت من خلالها قوات الأسد عن القضاء على جيوب “المقاومة” في هذه المنطقة، والانتقال منها إلى الريف الإدلبي، بينما فشلت المعارضة في طرق أبواب مدينة حماة، التي باتت مستقرًا آمنًا لحلفاء النظام، الروس والإيرانيين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة