"تشابه من ناحية الفرقة والخلافات"

ناجون من تدمر وصيدنايا يتحدثون عن “الثورتين”

مشهد من فيلم "تدمر" من إنتاج مؤسسة "أمم" للأبحاث والتوثيق (الموقع الرسمي للفيلم)

camera iconمشهد من فيلم "تدمر" من إنتاج مؤسسة "أمم" للأبحاث والتوثيق (الموقع الرسمي للفيلم)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – عفاف جقمور

لم يكن لدى عادل صافي، خريج كلية العلوم في جامعة دمشق، نية لدخول المعترك السياسي، بعد أن ذاق صنوف العذاب في سجن تدمر العسكري، خلال 22 عامًا من الاعتقال، ويقول لعنب بلدي إنه خرج عام 2004منهكًا، فاقتصرت حياته على التنقل بين منزله وصيدلية يعمل فيها، إلا أنه كان يتوقع ثورة يبدأها الشعب المظلوم ضد جلاده.

مرحلتان مفصليتان من تاريخ سوريا، شهدتهما الفترة بين عامي 1982 و 2011، تعرض عنب بلدي منهما ثلاث شهاداتٍ لناجين من سجني الأسد في تدمر وصيدنايا، كجيل عاصر “ثورتين”، من “ثورة الثمانينيات” وفق تعبير صافي، إلى الثورة السورية التي تدور أحداثها هذه الأيام.

 اختلاف بين الثورتين

يروي سوريون ناجون من أحداثٍ “لا تُنسى” بقيت معظمها في ذاكرتهم، ما عايشوه خلال تلك الفترة، ويرى صافي، الذي خرج “بعفو رئاسي”، أن ما جرى في الثمانينيات، هو “أن الفئة المتدينة حملت الثورة على أكتافها، بينما أسهم الشيوعيون وبعض الناصريين فيها”.

ويصف ابن مدينة إدلب “الإخوان” بأنهم جماعة سياسية وليست عسكرية، وأن “عمل قيادات الجماعة” سياسي وخدماتي، إلا أن مؤرخين يرون أن ذلك كان حينها “ضربة” للرئيس حافظ الأسد.

منير حسن (أبو حمزة)، القيادي العسكري في “حركة أحرار الشام الإسلامية”، يرى أن “الفشل الذي طال الثورة الأولى كان بسبب سوء التنظيم العسكري، الجناح السياسي في ذلك الوقت كان متمثلًا بالإخوان، بينما تمثلت العسكرة بالطليعة المقاتلة”، لافتًا إلى أن “ثورتنا الحالية تقودها أحزاب وفصائل كثيرة بأفكار مختلفة، ولكل فصيلٍ جناحان سياسي وعسكري خاصان به”.

القيادي الذي اعتقل بين عامي 2007 و2011 سياسيًا، وسجن في صيدنايا بسبب نشاطاته الدعوية، كان قريبًا من المشاركين في القتال ضد النظام في الثمانينيات. ويقول في حديثٍ إلى عنب بلدي، إن “قائد الطليعة المقاتلة مروان حديد، كان على خلاف كبير مع قيادات الإخوان”، وتروي الأحداث التاريخية أن “الإخوان المسلمون”، لم يوافقوا حينها على تبني “الطليعة”، كذراع عسكرية على الأرض. “جل قيادات الإخوان هربوا خارج سوريا”، يضيف حسن، الأمر الذي منعهم من الاستمرار، وفق رؤيته.

تشابهٌ واختلاف

يرى المعتقل السابق في سجن تدمر، براء السرّاج، الذي سافر إلى أمريكا عقب خروجه من السجن، أن “الثورتين تتشابهان من ناحية الفرقة والاختلاف وحب الرياسة”، متحدثًا عن نقاط اختلافٍ “جاءت تبعًا لعموميتها وانخراط الناس رجالًا ونساء على اختلاف مشاربهم في الثورة الحالية، دون سيطرة الطابع الحزبي الديني وإن كان مسيطرًا عسكريًا”.

“الواقع صعبٌ بسبب هجوم دول مجلس الأمن على السوريين بحجة الإرهاب”، وفق السرّاج، ابن مدينة حماة، مؤكدًا لعنب بلدي، “ربما تتشابهان في تصفية الكثير من المخلصين في السجون، وهذا الأسوأ لأنها تصفية ممنهجة”.

القيادي في الحركة، يرى أن اختلاف المناطق الجغرافية، التي شملتها كلٌ من “الثورتين”، يجعل مقاربتهما صعبة، “فثورة الثمانينيات انحصرت في نقاط محددة أبرزها حماة وتدمر وجسر الشغور وجبل الزاوية، بينما طالت الثورة اليوم، كافة أرجاء سوريا”.

“الثورة في الثمانينيات خطط لها من المدن وانطلقت منها”، ووفق “أبو حمزة”، فإن الثورة الحالية “ثورة ريف ولم تقتصر على الإسلاميين بل على المناطق”.

 شاركوا في الثورتين

يلفت صافي إلى أن المعتقلين الذين خرجوا قبل بدء الثورة الحالية، “ابتعدوا عن سوريا نتيجة المعاناة الشديدة، ولم يشاركوا في السياسة مجددًا، إذ انهار بعضهم جسديًا بسبب التعذيب”، مؤكدًا أن آخرين شاركوا “بتفعيل عملهم مع الإخوان، إلا أن دورهم اقتصر على الخدمي والإغاثي، بينما كانت مشاركتهم العسكرية محدودة”.

أما السرّاج فيرى أن مشاركة من خرج من المعتقل، كانت في الجوانب الإنسانية والعسكرية، “لكنها لم تكن فكرية، بسبب إعدام كبار المفكرين وأبنائهم في السجون”، مستطردًا “كلٌ شارك حسب ظروفه”.

ويُتابع صافي أن “الإخوان حاولوا تفعيل عملهم في الداخل، من خلال التواصل مع بعض المعتقلين السابقين الموجودين في سوريا، الذين كانوا المستهدف الأول في الثورة الحالية، باعتبار أن جيل الأخيرة بقي لفترة طويلة بعيدًا عن فكر الإخوان”.

يرى القيادي العسكري في “أحرار الشام”، أن الاعتقال كان له “أثر إيجابي وحافز للمضي، فالقمع صقل مشروعنا بشكل كبير”، معتبرًا أن الإخوان خرجوا من السجن، “واعتزلوا ما خرجوا لأجله بسبب الضغوط التي مورست عليهم، كما أسهم طول المدة الزمنية بخروجهم منكسرين، بينما كان للذين خرجوا في الثورة الحالية، شوق للعمل والمضي بمشروعهم، إذ لطالما صمدوا في وجه قوات الأسد أثناء التعذيب، وأصروا على مطالبهم”.

إلى أين؟

اختلفت توقعات الناجين الثلاثة بخصوص مستقبل الثورة الحالية، إذ يؤكد صافي أنه “كان من الضروري أن تقوم ضد الظلم، رغم أن النظام حاول حرف بوصلتها، وروج على أنها ثورة الإسلاميين المتشددين”.

ويتوافق القيادي أبو حمزة في رؤيته مع صافي بأنها ثورة شعب، مضيفًا أن “مآلات الثورة تتعلق بالأعمال العسكرية على الأرض”، فالنتائج “لابد أن تتغير رغم أن ثورتنا مرت بأوقات عصيبة ومراحل حرجة وصدامات فصائلية مقيتة”.

في حين يستقرئ السرّاج مستقبل الثورة بأنه “غامض وغير معروف النهاية”، خاتمًا حديثه “إلى أين؟ لا أعلم.. لكن ما أعلمه أننا في حركة تحرر لن تتوقف حتى تصل إلى هدفها”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة