“تثبيت الوفاة” يحرم ذوي الضحايا من “المعاش التقاعدي”

تجمع المتقاعدين أمام أحد الصرافات في سوريا لقبض رواتبهم (انترنت)

camera iconتجمع المتقاعدين أمام أحد الصرافات في سوريا لقبض رواتبهم (انترنت)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

تسهيلات قانونية ومسابقات توظيف ومساعدات مالية، وميزات كثيرة تقدمها حكومة النظام السوري إلى ذوي العناصر الذين قتلوا في صفوف قوات الأسد خلال سنوات الحرب، وخاصة العامين الماضيين، كان آخرها مصادقة رئيس الحكومة، عماد خميس، على ميزات جديدة لهم.

في حين يتعذّر تثبيت وفاة القتلى في مناطق المعارضة السورية، مدنيين أو عسكريين، وبالتالي يحرم أهاليهم من الحصول على تعويض ومعاش الوفاة، على عكس قتلى الجانب الآخر الذين يسارعون إلى تثبيت حالة الوفاة، بصفة “شهادة”، من أجل الحصول على الميزات التي تقدمها لهم الحكومة.

فرص عمل لذوي القتلى

خميس صادق، الأربعاء 22 شباط، على قرار مجلس وزراء النظام السوري، في جلسته المنعقدة، أواخر كانون الثاني الماضي، والمتضمن تقديم مزايا جديدة إلى ذوي من يوصفون بـ “الشهداء”.

ومن بين هذه المزايا السماح لإخوة القتيل الأعزب التقدم إلى المسابقات المحجوزة شواغرها بنسبة 50% لدى الجهات العامة، وإلغاء شرط الحصول على شهادة التعليم الأساسي للفئتين الرابعة والخامسة من المتقدمين للوظيفة.

كما منحت الحكومة زوجة القتيل غير الموظفة فرصة عمل بموجب عقد سنوي مباشر يجدد تلقائيًا أو لمن تختاره من أولادها، وفي حال كانت الزوجة موظفة يمكنها منح فرصة عمل واحدة لمن تختاره من أبنائها، أما في في حال وجود أكثر من قتيل في الأسرة، يتم منح فرصة توظيف إضافية لأحد أفرادها، إضافة إلى منح كامل الراتب لوالدي القتيل الأعزب، مناصفة بينهما، بدلًا من منحهما 50% منه.

هذه المزايا والتسهيلات المقدمة لذوي قتلى النظام، تقابلها صعوبات من أهالي ضحايا مناطق المعارضة في تثبيت وفاتهم، خوفًا من المساءلة الأمنية عن سبب الوفاة، واتهامهم بدعم من يصفهم النظام بـ “الإرهابيين”، ما يؤدي إلى حرمانهم من حقوقهم المالية والحصول على تعويض الوفاة أو المعاش التقاعدي.

أسباب أمنية تمنع تثبيت الوفاة

صعوبة الإجراءات دفعت ضابطًا منشقًا عن قوات الأسد في ريف دمشق، رفض كشف اسمه، إلى عدم تثبيت وفاة والده المتوفى في 2014، بشكل نظامي، بسبب الملاحقات الأمنية للعائلة.

وقال الضابط، الذي انشق مع إخوته الثلاثة، لعنب بلدي، إن عدم تمكنهم من توكيل أحد لتثبيت الوفاة بسبب الملاحقات الأمنية، حرمهم من الحصول على معاشه التقاعدي، البالغ نحو 45 ألف ليرة سورية، عبر بطاقة الصراف الآلي، بعدما انتهت صلاحيتها، وطلب المصرف عند تجديدها وجود صاحبها الأساسي، ما دفعه إلى دفع 50 ألف ليرة سورية لأحد العاملين في المصرف، من أجل تجديد البطاقة لمدة عامين.

وأكد الضابط أن ما دفعه إلى ذلك هو أن والدته وأخته تعتمدان على المعاش التقاعدي فقط، لعدم وجود معيل لهم، إذ توقّف عمل أفراد العائلة من الشباب وانقطعت رواتبهم بعد انشقاقهم، وسط ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية إلى مستويات قياسية، ووصول كثير من العائلات إلى حد الفقر.

وتقدّر منظمات أممية أن نسبة من يقعون تحت خط الفقر في سوريا، تجاوزت 80%.

انقطاع المعاش عن أسرٍ لا معيل لها

سمية محمد من الغوطة الشرقية بريف دمشق، أكدت أنه بعد وفاة والدها بطلق ناري، حاولت تثبيت الحادثة، من أجل الحصول على معاشه التقاعدي الذي يبلغ 40 ألف ليرة سورية، لتأمين دخل مالي للعائلة، لكن الطبيب الشرعي طلب الكشف على الجثة من أجل إعطائهم تقريرًا طبيًا لتثبيت الوفاة، ما حال دون ذلك.

وأشارت محمد إلى أن بطاقة الصراف الآلي انتهت صلاحيتها بعد خمسة أشهر من وفاة والدها، ورفض المصرف تجديدها بسبب عدم وجود صاحبها الأساسي.

تعميم يمنع الالتفاف على تثبيت الوفاة

المحامي وسام عودة أكد لعنب بلدي أن تجديد بطاقة الصرف الآلي يمكن تجديدها، في حال وجود وكالة سابقة من المتقاعد قبل وفاته تتضمن تفويضًا صريحًا بتجديدها، أو عن طريق اللجوء إلى استخراج “ضبط مفقود”، من أحد أفرع الشرطة في مناطق النظام السوري، والاعتماد عليه من أجل تجديد البطاقة.

لكن حكومة النظام السوري أصدرت تعميمًا وزاريًا يلغي العمل بالوكالات في هذا الخصوص، طالبةً حضور صاحب العلاقة بشكل شخصي، ما حرم الكثير من العائلات في مناطق المعارضة من الحصول على المعاش التقاعدي.

ونقلت صحيفة “الوطن”، المقربة من النظام السوري، في كانون الأول 2016، أن “كتابًا من رئاسة الحكومة السابقة (وائل الحلقي)، منع تسليم بطاقة الصراف الآلي الخاصة بالمصرف إلا لصاحب العلاقة حصرًا، مهما كانت صلة القرابة، وحتى في حال وجود وكالة عامة تخول حاملها سحب ملايين الليرات من حساب صاحب العلاقة، إلا أنها لا تخولّه استلام بطاقة الصراف الآلي”.

يتهم معارضون للنظام السوري الحكومة بمحاولة ترسيخ الشرخ بين المناطق التي تخضع لسيطرة قوات الأسد والخارجة عن قبضته، الأمر الذي يؤكده حرمان هذه المناطق من الخدمات والميزات أو أي نشاطاتٍ تحسّن من واقع معيشتهم بعد تدمير البنى التحتية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة