مرض شائع وخطير إن لم يعالج

التهاب المجاري البولية عند الأطفال

التهاب المجاري البولية
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

تعتبر التهابات المجاري البولية لدى الأطفال إحدى المشاكل الشائعة والتي تكثر عادة في الأعمار الصغيرة، ولكن لأن الطفل لا يستطيع التعبير عما بداخله في هذا العمر فإن ذلك يجعل تشخيص الالتهابات البولية عند الأطفال غير سهل حتى من قبل الأطباء، إلا أن إهمال علاج هذه الالتهابات قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة بالكليتين.

التهاب المجاري البولية عند الأطفال

هو عدوى جرثومية تصيب جزءًا من المجاري البولية، فعندما تصيب القسم السفلي من الجهاز البولي (مجرى البول الخارجي والمثانة) تسمى “التهاب المثانة”، وعندما تصيب القسم العلوي من الجهاز البولي (الكلى) تسمى “التهاب حويضة وكلية”.

وعادة ما تكون الإنتانات البولية لدى الذكور أكثر منها عند الإناث خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر المولود، ثم تصبح النسبة متساوية حتى عمر السنة، وبعد ذلك تصبح أكثر شيوعًا عند الإناث، ويعود ذلك إلى قصر مجرى البول عند الإناث نسبة له عند الذكور، وقرب فتحة البول من فتحة الشرج، مما يسمح بانتقال الجراثيم بسهولة إلى مجرى البول والمثانة.

ويعتبر السبيل البولي من أشيع أماكن الإنتان الجرثومي عند الرضع المصابين بالحمى، وفي مرحلة الوليد تصل الجراثيم إليه عن طريق الدم أو عن طريق الإحليل، أما بعد مرحلة الوليد فتصل الجراثيم إلى الجهاز البولي من الإحليل فقط.

وتتسبب الإنتانات البولية بشكل رئيسي من الجراثيم الكولونية E.Coli الموجودة بشكل طبيعي في البراز (تشكل هذه الجراثيم 75-90% من أسباب الإنتانات البولية عند الإناث)، ثم تتلوها جراثيم الكليبسيلا، والبروتيوس أو المتقلبات.

وهناك بعض العوامل التي تزيد من حدوث الإنتانات البولية عند الأطفال مثل:

  • وضع الأطفال في الرغاوى المائية أثناء عملية الاستحمام، مما يساعد على دخول البكتيريا الضارة إلى داخل المثانة من خلال المجري البولي الخارجي.
  • احتباس البول في المثانة لفترات طويلة، بسبب عيب خلقي في المثانة يمنع تفريغ البول بشكل كامل، أو الجذر المثاني الحالبي، أو وجود الحصيات، أو عدم الذهاب إلى دورة المياه وإمساك البول لمدة طويلة، أو إصابة الطفل بالإمساك مما يجعل الكولون يضغط على المثانة ويحبس البول فيها .
  • تأخر الأم في تغيير الحفاظات أو عدم النظافة الجيدة من الأم للرضيع.
  • قيام الأم بتنظيف طفلها بطريقة خاطئة عند تغيير الحفاض (التنظيف من الخلف إلى الأمام مما يساعد في انتقال الجراثيم الموجودة حول فتحة الشرج إلى فتحة البول وخصوصًا بالنسبة للبنات).
  • عند الذكور فإن عدم الختان يزيد من الإصابة بها لتجمع الجراثيم وراء الحشفة الجلدية.
  • استعمال الملابس الضيقة أو المشدودة .
  • استخدام المضادات الحيوية لفترات طويلة.
  • عدم معالجة الإنتان واستئصاله بشكل جيد.

كيف يتظاهر الالتهاب؟

يتظاهر التهاب المثانة بما يلي:

  • زيادة عدد مرات التبول مع قلة كمية البول.
  • حرقة وألم أثناء التبول (بكاء عند التبول).
  • عدم السيطرة على التبول، والتبول اللاإرادي أثناء الليل.
  • ألم أسفل البطن وفي الحوض.
  • رائحة كريهة أو واخزة للبول.
  • ارتفاع حرارة طفيف دون سبب واضح آخر.

ويتظاهر التهاب الحويضة والكلية بما يلي:

  • حمى وحرارة عالية.
  • ألم في البطن والخاصرتين.
  • غثيان وإقياء، وإسهال أحيانًا.
  • تعب وإجهاد وتبدل الحالة العامة.

ولكن يتطلب الرضع اهتمامًا خاصًا بسبب عدم وضوح أعراض المرض لديهم، فقد تكون الحمى هي العرَض الوحيد لديهم، وقد يتظاهر المرض بفقدان شهية، وعدم كسب وزن، وتوتر الطفل واضطراب مزاجه.

كيف يتم التشخيص؟

يعتمد التشخيص على إجراء تحليل عينة من البول، حيث إن وجود بيلة قيحية (كريات بيض) وبيلة دموية (كريات حمر) وبيلة جرثومية دلالة على وجود إنتان مجاري بولية، ولكن غياب الكريات البيض والحمر من البول لا ينفي وجود الإنتان.

ولذلك يجب إجراء زرع لعينة البول، حيث إن إيجابية زرع البول تعتبر المعيار الذهبي لتشخيص وجود المرض عند الأطفال، ويجرى مع زرع البول اختبار حساسية الجرثوم المعزول على المضادات الحيوية للتأكد من الدواء المناسب.

وفي الحالات المثالية يجب إجراء تحليل البول عند كل الأطفال دون عمر السنتين المصابين بالحمى، وتكون البيلة القيحية غائبة غالبًا عند الرضع المصابين بارتفاع حرارة، والمصابين بالتهاب حويضة وكلية، وعند الأطفال الذين يتناولون المضادات الحيوية، لذلك يجب إجراء زرع بول.

كذلك يتم إجراء تحليل عينة دم محيطية (تعداد كريات بيض – سرعة تثفل ESR – البروتين الارتكاسي سي CRP) حيث إن ارتفاع هذه التحاليل يقترح وجود التهاب حويضة وكلية.

وننوه إلى أن هناك عدة طرق لأخذ عينة البول، كما أن هناك عدة استقصاءات شعاعية يجب إجراؤها للأطفال المصابين بالتهاب المجاري البولية، وسنفصل بذلك في العدد المقبل.

كيف يتم العلاج؟

يجب معالجة التهاب المثانة الحاد فورًا لتجنب انتقاله الى الكلية، وإذا كانت الأعراض شديدة تؤخذ عينة بول للزرع، وتبدأ المعالجة فورًا، أما إذا كانت الأعراض خفيفة والتشخيص مشكوكًا فيه فيمكن تأخير المعالجة حتى صدور نتيجة الزرع البولي، ويعالج الرضع الصغار جدًا بالأموكسيسللين أو الأمبيسللين فمويًا، أما الأطفال الأكبر فيعالجون بالباكتريم (سلفاميتوكسازول + تريميتوبريم) أو النتروفورانتوئين، ويتم تعديل العلاج حسب نتيجة الزرع، وتبدأ الاستجابة خلال 24 – 48 ساعة، ويجب أن يستمر العلاج 5 – 7 أيام، ويجب أخذ زرع بولي بعد أسبوع من انتهاء المعالجة للتأكد من أن البول مازال عقيمًا.

أما التهاب الحويضة والكلية فيعتمد علاجه على العمر والحالة العامة للطفل،

فالرضع بعمر أقل من 6 أشهر يجب قبولهم في المشفى وإعطاؤهم المضادات الحيوية وريديا ولمدة 10 أيام.

أما الأطفال الأكبر من 6 أشهر ولا يبدون بحالة سمية (ارتفاع حرارة مع تعب وشحوب) فيعالجون بالسيفكسيم (فمويًا) أو سيفوتاكسيم (عضليًا) لحين صدور نتيجة الزرع ثم يعد للعلاج حسبها.

بينما يحتاج الأطفال الأكبر من 6 أشهر ولديهم حالة سمية للقبول في المشفى لمدة يومين على الأقل، وتعطى المضادات الحيوية وريديًا، ثم يخرجون على علاج فموي في المنزل لإكمال الكورس العلاجي اللازم (10 – 14 يوم)، ثم يعطون علاجًا وقائيًا (باكتريم بجرعة وحيدة مساءً) لمدة طويلة تصل حتى شهر.

ما مضاعفات التهابات المجاري البولية المهملة؟

إن معظم الاختلاطات تنتج عن التهاب الحويضة والكلية، وتشمل تجرثم الدم، الخراجات الكلوية، الخراج حول الكلية، تندب الكلية، والقصور الكلوي المزمن.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة