الكيماوي: دمّروا من استخدمني أولًا

tag icon ع ع ع

معتز مراد
يزداد إحباط الشعب السوري في كلّ يومٍ يمر وهو يراقب تصريحات الساسة الدوليين في الشرق والغرب، بعد أن أصبحت مسألة تأمين السلاح الكيماوي وتدميره تأخذ المكانة الأولى من اهتمامهم. في حين يسقط في كل يومٍ أكثر من 100 شهيد بينهم أطفال ونساء وشيوخ. وكأنّ الضمير العالمي قد مات، وعلا صوت المصلحة إلى مستوياتٍ لم يسبق للمجتمع الدولي أن وصل إليها قبل الأزمة السورية.
في سوريا وخلال سنتين ونصف من عمر الثورة، سقط أكثر من مائة ألف قتيل، وأكثر من مائة ألف مفقود، ومئات آلاف المعتقلين، وملايين المشردين والمهجرين في الداخل والخارج، ومئات المدن والبنى التحتية المدمرة، في مشهدٍ يرقى لمأساة إنسانية كاملة، سوف تبقى وصمة عارٍ في جبين العالم المتحضر.
أمام هذه المعاناة؛ لابد لنا من طرح الكثير من الأسئلة التي باتت تراود السوريين عمومًا. فكيف يريد المجتمع الدولي هذا أن ينظر إليه الشعب السوري وهو يرى أنّ الاستحواذ على السلاح الكيماوي وتأمينه أهم من محاسبة مستخدميه وجرّهم إلى المحاكم الدولية. وما هي الصورة التي سيطبعها التاريخ في ذاكرة السوريين وهم يرون أن هذه الدول المتقدمة والمدافعة عن حقوق الإنسان تسكت عن قتلهم بكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا، كالسلاح البالستي والسكود والبراميل المتفجرة. وهل باتت القيمة الإنسانية رخيصة إلى هذا القدر في القرن الواحد والعشرين؟!
هل يعجز المجتمع الدولي حقيقة عن التحرك كرمى عيون الأطفال والنساء والمشردين؟! وهل يجب على الشعب السوري أن يقتنع تمامًا أنّ المجتمع الدولي سعيد لما يحصل معه، وبأقل الأحوال هو راضٍ عن استمرار هذا القتل. وهل علينا في سوريا أن نؤمن بأنه لا يوجد خير في هذا العالم والكل متآمر علينا؟
علينا أن نلاحظ تمامًا أن نظام الأسد قد انبطح بشكل كامل عندما وجد حزمًا واضحًا في التعامل معه من قبل أمريكا وحلفائها. وأصبح هذا النظام يفاجئ الأمم المتحدة في سرعة استجابته في تقديم كل مايلزم بشأن السلاح الكيماوي. ولكن في نفس الوقت لم يكن المجتمع الدولي حازمًا أبدًا في مسألة إيقاف نزيف الدم ولجم النظام «بشكل أساسي» عن الاستمرار في القتل والتدمير.
إن السلاح الكيماوي الذي تفرحون لقرب سيطرتكم عليه وتدميره، يطالبكم اليوم وينطق كُرمى عيون ملايين السوريين ويقول: دمّروا من تجرأ على استخدامي ضد الأطفال والنساء قبل أن تفرحوا بالسيطرة عليّ وتدميري، فكثيرٌ من الدول لديها سلاحًا أكثر فتكًا مما في حوزة النظام السوري، ولكنها لم ولن تستعمله ضد شعوبها، هذا إن استعملته ضد أعدائها أصلًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة