أيها الإيرانيون: لماذا تكرهوننا؟!

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

الجنرال قاسم سليماني أيقونة “آيات الله” الإيرانيات، يظهر متبخترًا في شوارع حلب المدمّرة، يتمشى فوق الدمار الذي أسهم بصنعه، يظهر مثل هتشكوك مخرج أفلام الرعب، الذي كان يصرّ على الظهور في لقطة من لقطات الأفلام المرعبة التي كان يصنعها.

يظهر قاسم سليماني مقلدًا آرييل شارون في مذابح صبرا وشاتيلا، يترك حواجزه التي تفتش عن الخبز والدواء، ويأتي للفسحة في شوارع حلب مبتسمًا بشماتة تاريخية ومذهبية لها طعم الزرنيخ.

ظهور قاسم سليماني بهذا الإخراج الوحشي يجعل السوريين يعيدون طرح سؤال قديم-جديد:

  • أيها الإيرانيون لماذا تكرهوننا؟

أيها الإيرانيون لماذا تحاصرون الزبداني ومضايا، والبلدات والأحياء في المدن التي تطالب بالحرية، لماذا تجعلون الجوع والتعذيب والمرض هي عناوينكم؟

لماذا ترسلون جحافلكم الوحشية التي تتفنن بأنواع التعذيب إلى بلادنا.. لماذا تساندون نظام القمع البعثي ضد إرادة السوريين؟ وقد مات عشرات الألوف من أبنائكم على يد النظام البعثي العراقي، وكنتم تزعمون أن البعث سرطان، بينما أنتم تساعدون هذا السرطان على الفتك بأهلنا وتعذيب سجنائنا.

ما الذي تريدونه من أطفالنا حتى تقصفوهم، ما الذي تريدونه من عائلاتنا حتى تهجّروها، ما الذي تريدونه من وطننا حتى تمزقوه وتقتطعوا أجزاء منه كما يقتطع القصاب قطعة من الذبيحة المعلقة أمام دكانه؟

لقد دفعتم الغالي والرخيص لاستدراج الدب الروسي الذي دمّر “غروزني”، ليقوم باستكمال الخراب والدمار في بلادنا، ألم تكن “غروزني” مدينة إسلامية يا آيات الله، أليست حلب ودير الزور وحمص ودمشق مدنًا مسلمة يا حماة الإسلام؟

لقد استقبل السوريون عائلاتكم وزواركم طوال أكثر من ثلاثة عقود، وفتحوا لهم الفنادق والبيوت والشوارع، وشاركوا فقراءهم ببيع أشيائهم البسيطة على الأرصفة، واعتز السوريون بمساعدة نسائكم الأرامل، وبناتكم اليتيمات، واحترموا وجودهم في بلاد الشام، واعتبروهم مجرد ضحايا للحرب العراقية-الإيرانية التي بدأت عام 1980، ولا ذنب لهؤلاء المدنيين في إطالتها، تلك الحرب التي دمرتم بها العراق بالشراكة مع صدام، وبعدها استكملتم التدمير بالشراكة مع الأمريكيين.

لقد كنّا سذّجًا ولم نكن نتوقع أن جحافل الحجاج الإيرانيين في فنادق المرجة في قلب دمشق، وفي السيدة زينب، وفي حلب، كانوا غطاء لمن يخططون بدم بارد لتدمير بلدنا بهذا الشكل الوحشي الذي لم تعرفه الجاهلية، ولا حتى العصور الحجرية.

هل بنيتم المقاومة المزعومة لمحاربة إسرائيل كما تقولون، فلماذا قتلتم منا في خمس سنوات أكثر مما قتلته إسرائيل من كل العرب خلال 100 سنة من الحروب؟

أيها الإيرانيون لن تنتصروا على إرادة السوريين، ستخرجون مهزومين، إننا متأكدون من ذلك كما نحن متأكدون من شروق الشمس وغروبها.

الدب الروسي يبيعكم كل يوم، وسيقصف المزيد من مواقعكم، وهو يفتح الأجواء السورية، ويحمي الطيران الإسرائيلي الذي يضرب قوافلكم المتجهة لربيبكم اللبناني حزب الله الذي يتميز بأحقاده على السوريين.

ومن المؤسف أن تكون إسرائيل هي التي تدمّر قوافلكم، وكنا نتمنى أن تكون مدافع جيشنا الحر وقواته هي من تقوم بذلك انتقامًا لأطفالنا، ولعائلاتنا، ولشهدائنا، ولمعتقلينا الذين يجري تعذيبهم بإشراف جنرالاتكم، وقادتكم المتلحفين بالدين، وبحماية الإسلام، تمامًا مثل قادة داعش الذين صنعتموهم من بقايا تنظيم القاعدة الذي يعتاش على أعطياتكم.

لقد أحببنا الثقافة الفارسية وطربنا لعمر الخيام وحبه الصافي الذي يشبه رقصات الرسوم على سجادكم العجمي، وأحببنا ثواركم الذين هبوا في ثورتهم الخضراء التي كانت ملهمة لكل شعوب المنطقة التي تتوق للحياة بكرامة خارج سجون الطغاة وعسف آيات الله المنغمسين بقيم الحقد والكراهية.

لا نستطيع أن نحقد عليكم فلم يعد في صدورنا المعذّبة المزيد من المساحات التي نخصصها للحقد، ولكننا نطلب إليكم ألا توغلوا أكثر في غيّكم هذا، وألّا تأملوا بالنصر على إرادة شعب سوريا التوّاق للحرية، إن هزيمتكم حق لا ريب فيه أبدًا.. مهما زيّن لكم حقدكم طريقكم الخاطئ، ومهما تراءت لكم أوهام النصر، فأنتم تركضون عكس مسيرة التاريخ، وعكس إرادة الشعوب، ولن تنفعكم مليارات بترولكم التي تنفقونها من أجل قتلنا..

ستهزمون أنتم والطاغية الذي تساندونه، وستهزم التنظيمات الإرهابية التي تشاركتم مع النظام بتصنيعها في بلادكم، وفي العراق، وفي سجون سوريا لتنتجوا هذا الكم الوحشي من إرهابيي القاعدة وداعش، ولتسيّروهم عن بعد ولتحاربوهم باستعراض كاذب ومكشوف لم يعد يقنع أحدًا.

هل جئتم إلى بلادنا لنقل الناس وبعض الطوائف من مذهب إلى آخر؟ لكم أن تحلموا بذلك، ولكن لن تستطيعوا إقناع الناس، ولا حتى أقرب مواليكم بأن ايران هي وطنهم وليست سوريا، ولن تستطيعوا أن تقنعوا الأيتام والأرامل ولا العائلات النازحة أو المهجّرة، بأن إيران كانت الملاك الحارس وتستحق الحب والقبول في البلاد التي قامت آيات الله بتدميرها.

أيها الإيرانيون اخرجوا من بلادنا وخذوا أحقادكم وكراهيتكم معكم، فليس لدينا متسع لها.. اذهبوا عنا واتركونا نعالج ما سببتموه لنا من جروح ومن أحزان.. لا نريد أن نبادلكم الحقد ولا أن نسبح معكم في البحار السوداء لأحقاد التاريخ التي تغرقون بلادنا فيها.

اخرجوا فنحن سنظل نكره قاسم سليماني وآياته الشيطانية، ولكننا سنظل نحب عمر الخيام ونندهش للسجادة العجمية التي أبدعتها امرأة فقيرة في إحدى القرى البعيدة، من أجل أن تعيل أطفالها الذين تيتموا بسبب حروب أحقادكم السوداء.

اخرجوا من بلادنا… اخرجوا من طوائفنا.. اخرجوا من أوهامكم.. اخرجوا وخذوا مجرميكم معكم.. وخذوا أيضًا حواجزكم التي تفتش عن الخبز والسكّر وعن حبة الدواء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة