من كيسنا وكيسكم

tag icon ع ع ع

افتتاحية العدد

في أحلك ساعات حلب المحاصرة، والكل يترقب الموت في مساحات ضيقة مستهدفة، كان “أخوة المنهج” يزيدون الموت موتًا، فداهمت جبهة “فتح الشام”، بمؤازرة من كتائب “أبو عمارة”، وحركة “الزنكي”، مقرات فصيل تجمع “فاستقم كما أمرت”، واستولت على سلاحه واعتقلت قائده، بما يحمله من رمزٍ ثوري في مواجهة الأسد لسنوات.

عشرة أيام، كان خلالها التراجع العظيم، الأحياء تسقط واحدًا تلو الآخر، المقاومة تتهاوى، والذعر يزداد. أخرَج “الأخوة” قائد “فاستقم” بعدما تأكدوا أن “التهمة لم تثبت عليه”.

يقولون إن حلب كانت بحكم الساقطة منذ حصارها، لا بسبب هذه الحوادث “البسيطة” فقط، وإن المعركة ستكون عند الجارة. إن آمنا بذلك، ما هو وضع إدلب؟

جيوش وفصائل ومسميّات يصعب حصرها أو فهم علّة تشكيلها وتمركزها داخل المدن، في وقتٍ يفترض فيه أن تحمل سلاحها وعدتها إلى الجبهات، السلاح الذي لا يظهر إلا عندما يقرّرُ فصيلٌ إنهاء آخر.

قادة هذه الفصائل وشرعيوها و”شبيحتها” يقاتلون في مكان وحيد، وللأسف المكان الخاطئ، يفتحون جبهات في “تويتر”، ويستهلكون أوقاتهم في إثبات خطأ فلان في “درع الفرات”، أو فشل فلان في خيار حماة، أو المسارعة إلى نشر قدرتهم “الاستخباراتية” في الوصول إلى تسريبات ما يجري في أروقة خصومهم، الخصوم الذين يشاركونهم الهدف في إسقاط الأسد.

كان يُنظر إلى أحرار الشام كقوةٍ أظهرت قليلًا من الانفتاح تجاه المعارضة المعتدلة وطوّرت مشروعها تحت وسم “ثورة شعب”، إلا أن جناحًا مؤثرًا في الحركة، خلع عصا الطاعة وأعلن عن تشكيلٍ داخل تشكيلٍ، في وقتٍ تدعو فيه أمم الأرض الثوار للتوحّد.

الفصائل لا تتعلم من “كيسها” ولا من “كيسنا”، فلم تستفد من التجربة الكردية بتنظيم المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”، والتوجه إلى إدارة مدنيّة وإقرار قوانين تؤطر حقوق الناس وواجباتهم، بل اقتبست تجربة الأحزاب الكردية في التوحّد، فكل محاولة للتقارب بين فصيلين تنتج فصيلًا ثالثًا، ثم تظهر بعد فترة محاولة للتوحد بين الفصيل الجديد “الموحد”، والفصيل الأول المشارك أساسًا في تشكيله، لينتج فصيل رابع… وهكذا.

وهذا ما يحصل حقيقةً في إدلب، فبعد أخدٍ وردٍ لم يستمر سوى أربع سنوات، تتجه الفصائل إلى مشروعي “توحّد”، الأول يضم معسكر المعتدلين و”الجيش الحر”، والثاني يضم “الإسلاميين المتشددين”، والمواجهة بين المعسكرين، اللذين سيطلق عليهما “مجاهدون” و”صحوات”، أقرب من المواجهة مع قوات الأسد وميليشياته.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة