بعد ما حصل في حلب.. هل مايزال السوريون يؤمنون بالثورة؟

مظاهرات في مدينة إدلب نصرة لحلب_ 2 كانون الأول (تويتر)

camera iconمظاهرات في مدينة إدلب نصرة لحلب_ 2 كانون الأول (تويتر)

tag icon ع ع ع

طارق أبو زيادإدلب

“إن لم تكن مشردًا تبحث عن مأوى، ستكون فقيرًا تبحث عن طعام لأطفالك، وإن لم تكن فقيرًا فستكون تحت نيران القصف، وهذا يكفي لتكون مشوش التفكير، واعيًا في حالة اللاوعي تهرب من الموت أو تتمناه لا تدري، إن لم توجد  كل هذه الأمور، فعلى الأقل يوجد إحداها في عقل كل سوري، فعن أي ثورة نتحدث؟”، كلمات يقولها العم سامر زكريا، وهو يسحب آخر أنفاس سيجارته الحمراء ويرميها.

سامر، الرجل الخمسيني، هو أب لشهيد ومعتقل، نزح مع عائلته من مدينة حماة إلى محافظة إدلب منذ ثلاث سنوات، هربًا من الاعتقال الذي لاحقه، وهو يمثل شريحة كبيرةً من السوريين،  وبكلماته البسيطة لخّص ما يعاني منه بعضهم، خاصةً بعد تقدّم النظام السوري في كبرى معاقل المعارضة السورية وحاضنة الثورة الرئيسية، مدينة حلب.

وانتزعت قوات الأسد والميليشيات الرديفة السيطرة على جميع أحياء الجزء الشمالي من حلب الشرقية، خلال الأسبوع الماضي، وبالتالي خسرت المعارضة حوالي 40% من مناطق سيطرتها في المدينة.

حرب الرغيف

خالد المهاجر، ناشط إعلامي في ريف إدلب، تحدث لعنب بلدي عن الأسباب التي يرى أنها كانت سبب تناسي الثورة، بحسب توصيفه، ويقول “عندما خرجت الناس في 2011 كان الجميع تقريبًا في اكتفاء إلى حد ما، والأغلبية ظنوا أنها مرحلة مؤقتة وتنتهي،  ولم يكن هناك من يكترث للعقبات، فالنظام سيسقط قريبًا وبعدها نعيد ترتيب أوراقنا”.

“لكنها طالت وأصبحت مسلحة وهاجس التهجير أصبح واقعًا، وبدأ الناس يفقدون ما ادخروه، وأصبح من الضروري إعطاء الجانب المعيشي قسطًا أكبر من الوقت”، يضيف خالد، موضحًا “فعلى دور بشار الأسد كان الناس يفكرون كيف يعيشون ويحصّلون لقمة قوتهم، بعيدًا عن السياسية، والآن زيادة على الثورة تأتي صعوبات المعيشة، ويمكنك سؤال الكثيرين من الذين كانوا بالأمس يقولون الشعب يريد… سيقولون لك ثمن ربطة الخبز 200 ليرة”.

كثره الفصائل وراياتها وأهدافها الفكرية هي أهم الأسباب التي أضاعت هدف الثورة الرئيسي، خاصة مع الاقتتال بينها، إلى جانب هجمات النظام السوري التي سببت تراجع المعارضة وخسارتها لعددٍ من المواقع آخرها حلب، يكمل خالد حديثه “كانت المظاهرة موحده تحت راية واحدة، هي علم الثورة، أما اليوم كل 100 شخص لهم راية ويقاتلون كل من كان يخالف رأيهم، والناس لم يعودوا مثل قبل، حقيقةً الناس انهاروا كما تنهار منازلهم، ويزيد عليك الأسلمة والعلمنة والديمقراطية وغيرها من التوجهات التي أضاعت الجميع”.

باختصار أغلب الناس لم يعودوا مرتبطين بأحد، همهم أن يعيشوا في أمن وأمان، وأن يجدوا ما يأكلونه، حقيقة لا يمكن إنكارها.

الثورة مبدأ لا يمكن التخلي عنه

على الجانب المقابل، يقول محمد الحلو، وهو مقاتل في صفوف إحدى فصائل المعارضة، إن “الثورة بمفهومها الحرفي هي مبادئ لا يمكن لأحد أن يتخلى عنها مهما تعرض لصعوبات، وهي ليست محصورة ضد جهة معينة ولا ترتبط بهدف معين، كانت ببدايتها للكرامة ولفضح الحاكم المستبد وتحولت للدفاع عن الأرض والعرض، هي ذاتها ثورة في كل شيء، ضد كل من يقف في وجه الحقيقة، اليوم ثورة الناس على الفصائل وطلبها بالتوحد هي ذاتها الثورة، التي كانت ولا تزال في قلب كل صادق لا غايات شخصية في قلبه”.

وشهدت مناطق متفرقة من محافظة إدلب مظاهرات متكررة خلال الشهر الماضي، تطالب الفصائل بالتوحد تحت راية واحدة، ونصرة حلب، والكفّ عن حالات الاقتتال بينها.

“ضمور الشيء وفتوره لا يعني موته، والثورة كذلك في قلوب الشعب السوري عمومًا”، بحسب زيد حلاق، أحد سكان بلدة تفتناز بريف إدلب، مؤكدًا “الشعب ثار منذ البداية وهو يعرف تمامًا وحشية هذا النظام، فأحداث حماة في 1982 كانت كفيلة لكي يتوقع الناس ماذا سيفعل الأسد، ومع ذلك ثاروا وقاتلوا”.

يعتبر حلاق أنه من الطبيعي أن تجد فترات تكون فيها هموم الناس كبيرة قد تجعلهم يفترون قليلًا، ولكن بالتأكيد هي موجودة في قلب كل ثائر، والشعب السوري أظهر للجميع أنه ثائر ولن يتخلى عن هدفه الرئيسي في إسقاط النظام بكافة رموزه.

أكبر عقبة في وجه الثورة الآن، من وجهة نظر حلاق، هي الفُرقة التي تعيشها الفصائل، ومن الواضح اليوم تجديد الثورة في انتفاضة تطالب الفصائل كافة لتعود إلى هدفها الأول بعيدًا عن المسميات والرايات.

الثورة تمرض ولا تموت، كلمة يمكن استخلاصها من استطلاع آراء السوريين هنا في إدلب، فرغم الحيلولة دون الوصول إلى أهدافها إلا أنها موجودة في داخل كل سوري عانى من قمع النظام السوري وقصفه على مدار السنوات الست الماضية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة