كيان جديد خفيّ الملامح

اندماج فصائل المعارضة شمال سوريا.. بين الواقع والخيال

camera iconطفل يعتلي دبابة في ريف إدلب (أرشيف عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

طارق أبو زياد – إدلب

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن توافق الفصائل المقاتلة في الشمال السوري على الاجتماع ضمن كيان واحد، وأكده تصريح مرئي للناطق العسكري باسم “حركة أحرار الشام الإسلامية” 21 آب الماضي، وتحدّث عن بدء جلسات تحضيرية لمشاريع اندماج وصفها بـ”الكبرى” على الساحة السورية.

وبينما يرى بعض قادة الفصائل أن الاندماج ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، لا يخفي آخرون صعوبات ومعوقات تواجه هذه الخطوة،وتمنع إتمامها.

الاندماج استجابة لطلبات الأهالي

يعتبر القائد العسكري في “أجناد الشام”، محمد شكري، أن السبب الأول لدراسة مشروع الاندماج على مستوى الفصائل الكبرى، هو تلبية طلبات الأهالي، “الذين لطالما طالبوا في المظاهرات بوحدة الصف”، وهو ما دفع شكري لدعوة الفصائل الكبرى للتفكير فعليًا في الاندماج “لأنها ستفقد الحاضنة الشعبية التي لا يمكنها أن تستمر بدونها”.

وتحدث القائد العسكري عن أسباب أخرى “دعت تلك كل فصيل للتنازل بخصوص التوحد”، مشيرًا إلى أن “الفصائل المقاتلة هي المدافع الأول عن الثورة السورية على الأرض، وبما أن أعداءها توحدوا جميعًا لإسقاطها، ينبغي أن نتوحد وإلا فسوف يقضون علينا واحدًا تلو الآخر”.

يظهر الحديث عن اندماج مزمع مدى الضغط الكبير الذي تعيشه الفصائل الكبرى، وفق شكري، وهو ما اعتبر أنه سيساهم في تحقيق الاندماج “رغم التنازلات المبذولة في هذا السبيل”.

ما هي الفصائل المزمع اندماجها؟

يجهل الكثيرون الفصائل التي تشارك في جلسات الاندماج التحضرية، ويتساءل آخرون: هل سيكون الاندماج جامعًا لكافة الفصائل المقاتلة، أم سيكون محصورًا ضمن فئات معينة؟

ورغم أن الحديث يتمحور حول “أحرار الشام” و”فتح الشام” وبعض فصائل “الجيش الحر”، لم تطرح إلى العلن بشكل رسمي حتى السبت 10 أيلول، أسماء الفصائل الساعية للاندماج، إلا أن الداعية السعودي، المقرب من “فتح الشام”، عبد الله المحيسني، أوضح في سلسلة تغريدات عبر حسابه الشخصي في “تويتر” أن الاندماج “سيكون جامعًا لكافة الفصائل الإسلامية وفصائل الجيش الحر”.

وتسربت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعض النقاط غير الرسمية، والتي توافقت عليها كل من “أحرار الشام” و”فتح الشام” و”حركة نور الدين الزنكي”، و”أجناد الشام”، وتحدثت حسابات “جهادية” عن  تسليم “الأحرار” الجانب السياسي في التشكيل الجديد، بينما تتسلم “فتح الشام” الجانب العسكري.

ووفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي فإن الفصائل المشاركة، شكّلت مجلس شورى مهمته اختيار قائد للتشكيل الجديد، الذي لم يعرف اسمه بعد، وأكد مصدر مطّلع (رفض كشف اسمه)، أن الاندماج يمر في مرحلته الأخيرة “وسيرى النور قريبًا”.

معوقات الاندماج

“ربما تلافينا المعوقات الداخلية بين الفصائل، وحللناها برضا الجميع، ولكني أعتقد أنه سيكون هناك مشاكل كبيرة ستقف عائقًا في ولادة الفصيل الجديد” يقول “أبو قسورة”، المسؤول الإداري في “أحرار الشام” لعنب بلدي.

واعتبر المسؤول الإداري، أن من أبرز هذه المشكلات “هي المخابرات التابعة للدول الخارجية التي ستلعب بدورها لإفشال الاندماج، والتغلغل في صفوف الفصائل”، مردفًا “لا يخفى على أحد أن أغلب الفصائل المقاتلة مخترقة بنسب متفاوتة”.

فكر الفصيل وداعمه سيعمل على “خلخلة الصفوف”، وفق “أبو قسورة”، إلا أنه أكد أن توجهات الفصيل الجديد “ستمثل أهداف الثورة، بعد أن تمحى كافة الأهداف والتوجهات القديمة”، وفق تعبيره.

الاندماج في عيون الناشطين

تعليقًا على الاندماج الذي يبدو حتى اليوم غير واضح المعالم، قال الناشط معتز أبو عدنان، من محافظة حماة (المطّلع على وضع الفصائل بحكم مخالطته عناصر قادتها منذ سنوات)، لعنب بلدي، إن “الشباب المقاتل هم أوعى الناس بضرورة التوحد، لأنهم يعلمون أثره على الأرض”.

ويرى الناشط أبو عدنان أن الفصيل الجديد سيقف ضد أي فصيل يغيّر أهداف الثورة ويقف ضدها “كقوات سوريا الديمقراطية أو تنظيم الدولة.. هذا لا يختلف عليه عاقل”، متمنيًا أن يكون أثره “كبيرًا في قلوب المقاتلين وحافزًا لهم”.

بينما اعتبر أبو عدنان أن “بعض القادة الذين امتطوا الثورة، وداعميهم، والمنظرين والمحرضين الذين ينشرون الفتنة بين الفصائل” هم الخاسر الأكبر من الاندماج المزمع.

أما الناشط محمد زكريا، من ريف حماة الشمالي، فتخوّف من أن يكون الحديث عن الاندماج مشابهًا لتجربة سابقة لم تدم طويلًا، في إشارة إلى “الجبهة الإسلامية” التي تأسست في تشرين الثاني 2013، وضمت سبع فصائل أبرزها “أحرار الشام” و”جيش الإسلام”، ويرى في حديثه إلى عنب بلدي أنها “كانت وحدة في الاسم دون الاندماج الفعلي بين الفصائل”.

وتمنى زكريا أن تتم عملية الاندماج بشكل كامل بين الفصائل المقاتلة في سوريا على كافة المستويات العسكرية والسياسية والمدنية، وفق تعبيره.

ليست فكرة الاندماج غريبة على الساحة السورية، فقد شهدت السنوات الماضية اندماجات بين فصائل عدة، كان آخرها اندماج أربعة فصائل من حركة “أحرار الشام” في إدلب ضمن فصيل واحد أطلق عليه اسم “لواء التمكين” مطلع أيلول الجاري.

وبينما يتوسّم البعض خيرًا بحدوث الاندماج ويصفونه بـ”الخطوة المباركة”، يراه آخرون صعب التحقيق ويحتاج وقتًا يرتب فيه المشاركون بيتهم الداخلي، حتى لا يفشل بعد أيام قليلة من إطلاقه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة