العمل التطوعي في سوريا خيارٌ صعب لا يخلو من “اللذة”

camera iconمتطوعة في مركز للعلاج في إدلب - آب 2016 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

لم يمنع ناديا الزيدان المعالجة الفيزيائية، ذات الـ 27 عامًا، أن تتابع أعمالها الثورية تطوعًا بعد مقتل ثلاثة من أخوتها في أوقات مختلفة.

الأعمال التطوعية باتت مفاصل الحركة في المناطق المحررة، ومن المتطوعين من يتلقى تعويضًا جراء خدماتهم، وآخرون أدوا أعمالهم دون مقابل، بل ربما ساهموا بتكاليف أعمالهم التي يقدمونها إلى جانب أوقاتهم.

بدأ مشوار ناديا التطوعي منذ مظاهرات الثورة الأولى، أعقبها أعمال مشتتة شاركت بها أخويها اللذان يكبرانها بسنوات قليلة، من توزيع مساعدات وإيواء النازحين في منزلهم، وربما وضعت حياتها تحت المحك في بعض الأحيان بتمرير مساعدات من إدلب المدينة حيث تسكن إلى الريف المحرر. قتل أخواها لكنها تابعت مشوارها بمفردها.

حين سيطرت قوات الأسد على مدينة إدلب في آذار 2012، كانت بعض النساء تقوم بنقل المساعدات إلى مقاتلي الثورة الذين خرجوا للريف المحرر، وربما نقلن لهم الأسلحة أيضًا في الوقت الذي عانى فيه هؤلاء الثوار الأمرين أثناء بقاءهم في المزارع المحيطة التي خرجوا إليها.

وبعد تحرير المدينة في آذار 2015 عملت ناديا مع مجموعة من أصدقائها على ترميم المدارس في المدينة، لإعادة تأهيلها للعمل، ثم سافرت بعدها إلى تركيا لتعلم العلاج الفيزيائي، قضت خلالها شهرين في دار الاستشفاء في الريحانية.

ناديا خريجة الأدب العربي لم تكن تعلم أي تفصيل عن العلاج من قبل، لكن الحاجة الملحة في المدينة جعلتها تتخذ ذلك القرار على حسابها الخاص، وتعود مع زملائها ليؤسسوا مركز “ودق” أول مركز للعلاج الفيزيائي في المدينة.

يحتوي مركز “ودق” سبعة متطوعين، ثلاث فتيات وأربعة شباب بدوام لمدة أربع ساعات يوميًا، البعض منهم من إدلب المدينة حيث المركز، وآخرون يتحملون عناء الذهاب والإياب إلى المركز دون أن يتقاضى أي منهم حتى أجرة المواصلات.

ورغم الإرهاق الجسدي الذي تعرضت له ناديا خلال عملها كمعالجة فيزيائية، إلا أن نظرات الناس تشكرها على عملها كان يحفزها لتقدم المزيد.

“جمعية البر” كانت محطة ناديا الثانية، إذ خصصت لها ساعتين يوميًا للعمل في المجال الإغاثي، أما في أوقات أخرى متقطعة فقد كانت تذهب لجمعيات نسائية عدة لمساعدتهن في نشاطاتهن.

تعمل المنظمات والجمعيات على استقبال طلبات التطوع بشكل دوري، ومن بين المتقدمين متطوعون دائمون تخصص لهم تعويضات لقاء خدماتهم، لكن الغالبية العظمى يعملون بشكل مؤقت دون مقابل، وتتنوع أعمالهم لتشمل أكثر الأعمال خطورة كفرق الإسعاف وإنقاذ الجرحى التي يبلغ عملها ذروته بعد كل قصف.

إيمان الشامي مسؤولة في منظمة ركين، تقول لعنب بلدي إن “الشباب ليس لديهم خيار سوى التطوع بسبب قلة العمل فربما عاد عليهم علمهم ببعض التعويضات ما يجعل الأمر مقبولًا في ظرف كهذا”.

وجراء القصف المتوالي على إدلب قتل أخو ناديا الثالث، وتوقفت عن أعمالها لأيام، لكنها تابعت بعد ذلك، تقول إن “العمل التطوعي هو جهاد بأسلوب آخر، له لذة خاصة بعيدًا عن روتين الأعمال الوظيفية، وأجره في الآخرة أعظم من أي لقاء ماديّ”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة