محمد قطيفان – درعا
ظروف صعبة يعاني منها أهالي بلدتي خربة غزالة و“الكتيبة” في مناطق نزوحهم داخل البلدات “المحررة” بدرعا، ومع مرور الذكرى الثالثة لنزوحهم عن منازلهم، 12 أيار الجاري، لم يتغير حالهم منذ ابتعادهم عن منازلهم، بعد معركة “جسر حوران” 2013.
عنب بلدي التقت عضو المجلس المحلي لخربة غزالة، المهندس معتصم جروان، وتحدث عن توزع أهالي البلدتين في مناطق النزوح.
جروان أشار إلى أن إحصائيات المجلس وثقت أكثر من 18 ألف نازح من أبناء خربة غزالة، وخمسة آلاف آخرين من أبناء “الكتيبة”، داخل المناطق المحررة من درعا، 13 ألفًا منهم نزحوا إلى بلدتي الغارية الشرقية والغربية.
ويقطن ألفا نازح من البلدتين في مناطق سيطرة النظام، وفق جروان، بينما اختار حوالي 3500 آخرين اللجوء في الأردن، وهاجر نحو ألف منهم عبر البحر المتوسط باتجاه دول أوروبا.
“أصبحنا كاللاجئين الفلسطينيين“
وبالنظر إلى الأرقام السابقة، يظهر أن أكثر من نصف نازحي البلدتين يقطنون في بلدتي الغارية الشرقية والغربية، اللتين تقعان على خط المواجهات مع قوات النظام.
عنب بلدي سألت عن الأسباب التي دفعت الأهالي لاختيار بلدتين تشهدان قصفًا ونزوحًا متكررًا مع كل معركة، عوضًا عن اختيار بلدات أكثر أمنًا وبعدًا عن مناطق الاشتباكات، وقال جروان إن الجواب يتلخص بعبارة “شو جبرك على المّر إلا اللي أمر منه”.
وبحسب تصريح رسمي مكتوب من المجلس، ذكر فيه أن الكثير من أهالي درعا يخافون من تأجير أو استضافة نازحي البلدتين في منازلهم، وأضاف “أصبحنا كاللاجئين الفلسطينيين، نحمل مفاتيح منازلنا الأصلية ويخاف الجميع استضافتنا خشية أن تطول إقامتنا لديهم”.
قضايا تسببت بحساسيات مع النازحين
المجلس أكد في تصريحه أن المساعدات الإغاثية في البلدات التي ينتشر فيها النازحون، “تسببت بالكثير من الحساسيات بين أهالي البلدات والنازحين، إذ وجهت الكثير من التهم بأن وجودهم وحصولهم على المساعدات يأتي على حساب أهالي البلدات نفسها”، بينما اعتبر المجلس أن “الكلام غير صحيح”.
ورغم أن المجلس المحلي لخربة غزالة هو المسؤول عن أهالي البلدتين في مناطق النزوح، إلا أن توزع عمله في إطار جغرافي تنشط فيه مجالس أخرى تسبب بضياع حقوق الأهالي، بحسب المجلس.
“مضطرون للتعامل مع المجالس المحلية في البلدات والقرى كطرف وسيط بيننا وبين المنظمات الإغاثية، ونعاني للأسف من إجحاف في التعامل معهم، إلا القليل كحال إخواننا في مجلس بلدة الغارية الشرقية”، وفق المجلس.
ولم تنفع محاولات خطباء المساجد التخفيف من الاحتقان بين المجالس، بعد أن دفع الأهالي “ثمنًا باهظًا” خلال معركة “جسر حوران”، بينما اعتبر المجلس أن الفصائل تتخاذل اليوم بإرادتها قبل إرادة الآخرين لمنع تحرير البلدتين، كما حصل في المحاولة الأخيرة إبان سقوط مدينة الشيخ مسكين، مطلع العام الجاري.
الأهالي غرباء في مناطق النزوح
“مركز غزالة للإعلام” المختص بمتابعة أخبار أهالي البلدة، بث في تسجيل مصور مؤخرًا، كلمات وجهها الأهالي ناشدوا فيها العمل على إعادتهم إلى منازلهم، والتقت عنب بلدي عضو المركز محمد خليل، واعتبر أن التسجيل لم يعكس إلا واقع الأهالي ووصفه بـ”الصعب”.
“أن تسكن في منطقة يحتلها النظام فأنت تتأقلم مع هذا الظرف، والأمر ذاته ينطبق على السكن في المناطق المحررة”، قال خليل، مشيرًا إلى أنه “إذا احتل النظام بلدتك وهجّرك لتسكن في بلدة أخرى كأنك غريب، فهذه المأساة تصف حال أهالي بلدتي خربة غزالة والكتيبة باختصار”.
وطالب خليل بألا يعامل الأهالي “كحمل ثقيل على المناطق التي ساهموا في تحريرها”، معتبرًا أن التضيحة التي قدمها أهالي البلدتين لم تجد من يقدرها، وأردف “نحن لم نطلب من أحد أن يشكرنا لصمودنا خلال معركة جسر حوران حتى تحرير ريف درعا الشرقي”.
هيئة الإصلاح: لا علم لنا بالأمر
عنب بلدي حملت ما سبق إلى هيئة الإصلاح في حوران، وهي هيئة محلية تضم عددًا من وجهاء ومشايخ محافظة درعا، وتعمل على حل الخلافات التي تجري في حوران، والتقت مع عضو الهيئة، الشيخ عبد الوهاب المحاميد، الذي أبدى استغرابه حول الكثير من النقاط التي ذكرت سابقًا.
المحاميد قال “أستغرب كثيرًا من سماع هذه الشكاوى على الرغم من اجتماعي مع العديد من أهالي البلدتين وعدم سماعي للقضايا السابقة”، بينما وعد المحاميد أن تتوجه هيئة الإصلاح إلى المجلس المحلي لخربة غزالة وتعمل معهم على متابعة القضية.
ويتمنى أهالي البلدتين تسليط الضوء على مشاكلهم في المناطق “المحررة”، معتبرين أنه “من غير المعقول أن يقف الإعلام موقف المتفرج أو الأعمى أمام مشاكل مجتمع الثورة”، داعين إلى البحث عن الأخطاء “لإصلاحها حتى لا يكون النظام والثورة معًا ضد حياة أهل الثورة أنفسهم”.