تهاوت الليرة السورية بشكل كبير منذ بداية العام الجاري، فشهدت انخفاضًا حادًا في قيمتها الشرائية أمام العملات الأجنبية، فوصل سعر الصرف أمام الدولار الأمريكي إلى حدود 600 ليرة سورية، دون وجود مؤشر على تحسنها في الوقت القريب.
تدهور الليرة أثر سلبًا على الموظف السوري، الذي لا يتعدى متوسط راتبه 25 ألف ليرة، وزاد من معاناته ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأجرة المنازل والمواصلات.
متوسط الراتب استقر في نهاية 2010 عند حدود ثمانية آلاف ليرة سورية، أي بحدود 170 دولارًا عندما كان سعر صرف 47 ليرة سورية للدولار الواحد، لكن مع بداية الثورة أصدر بشار الأسد، مرسومًا في الأول من نيسان 2011، يقضي بزيادة الراتب بواقع 30% لشريحة العشرة آلاف ليرة، و20% لشريحة ما فوق العشرة آلاف، ليصبح متوسط راتب الموظف نحو عشرة آلاف ليرة، إلا أنه وبرغم الزيادة بقي الراتب بحدود 181 دولارًا بسبب ارتفاع سعر الصرف في نهاية 2011 إلى 55 ليرة.
مع تصاعد الأوضاع في سوريا ودخولها عامها الثاني، انخفض متوسط راتب الموظف نحو 75 دولارًا ليصبح نحو 105 دولارات، نتيجة وصول سعر الصرف إلى 95 ليرة سورية للدولار الواحد.
وفي ربيع 2013 انخفضت قيمة الليرة السورية بنسبة بلغت 52% تقريبًا مقارنة بالدولار، ما دفع النظام إلى زيادة أخرى على رواتب العاملين بالدولة، بنحو 40% على العشرة آلاف الأولى من الراتب، و20% على العشرة الثانية و10% على العشرة الثالثة و5% للعشرة الرابعة.
وبالرغم من ارتفاع متوسط الراتب مع هذه الزيادة ليصبح حوالي 15 ألف ليرة سورية، إلا أنه لم يعد يتجاوز 75 دولارًا، نتيجة انهيار الليرة السورية أمام الدولار ووصولها إلى حدود 200 ليرة سورية في نهاية 2013، لتحافظ الليرة في 2014 على سعرها أمام الدولار.
في بداية 2015 أصدر الأسد مرسومًا بمنح تعويضًا معيشيًا شهريًا قدره 4000 ليرة، يضاف على راتب الموظف، ليصبح متوسط الراتب نحو 18 ألفًا، مع استمرار انهيار قيمة الليرة أمام الدولار لتصل إلى حدود 253 ليرة، ويصبح راتب الموظف السوري بالنسبة للدولار 71 دولارًا.
وخلال العام نفسه، في 23 أيلول، ونتيجة ارتفاع الأسعار واستمرار انخفاض الليرة ووصولها إلى حدود 285 ليرة للدولار الواحد، أصدر النظام مرسومًا بإضافة مبلغ قدره 2500 ليرة إلى راتب الموظف، ليصبح وسطيًا نحو 70 دولارًا أي بحدود 20 ألفًا.
ونتيجة للترفيعات التي تضاف كل عامين إلى الراتب وتبلغ ما بين 5٪ و 9٪، فقد أصبح متوسط راتب الموظف في الوقت الراهن 25 ألف ليرة، أي لا يتعدى 41 دولارًا، وفق سعر صرف اليوم 600 ليرة سورية.
الليرة السورية في طريقها إلى الموت ببطء، في ظل عجز حكومة النظام عن اتخاذ إجراءات تحد من تدهور الليرة، سوى تدخلات توصف بأنها “خجولة” من قبل المصرف المركزي، الذي لم يعد المواطن السوري يعول كثيرًا على تدخلاته.
وفي ظل غياب حل سياسي قريب ينبئ بانتهاء الأزمة في سوريا، يبقى المواطن السوري وحيدًا في مواجهة موجة ارتفاع الأسعار الذي يترافق مع انخفاض القيمة الشرائية لليرة.