محمد قطيفان – درعا
واصلت اللجان المحلية في مدينة درعا مواجهة الظروف والتحديات “الصعبة” في المناطق المحررة من النظام السوري، وأعلنت عن افتتاح دورة الكرامة الثانية لذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تهدف إلى تعليم المتدربين أساسيات الإلكترون وصيانة أجهزة الجوال والحاسوب.
وكانت دورة الكرامة الأولى التي أُقيمت في كانون الأول من العام الماضي 2015 قد حققت نجاحًا كبيرًا، بعدما استطاعت دمج معظم الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن خاضوا الدورة في السوق المحلي.
عنب بلدي التقت ماهر بجبوج، نائب مدير اللجان المحلية في مدينة درعا، ومدير دورة الكرامة، والذي حدثنا عن الظروف التي واكبت إطلاق اللجان لدورة الكرامة الأولى، وقال “نظرًا لوجود أعداد كبيرة من المصابين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين أصبحوا يشعرون بالنقص بسبب عدم تمكنهم من العمل، كان لابد من إيجاد مشروع يختص بهذه الفئة، يستطيعون من خلاله كسب لقمة العيش بطريقة شريفة”.
وأوضح بجبوج أن توجه اللجان المحلية نحو شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة يهدف إلى إيجاد الظروف الملائمة لمساعدة أصحاب هذه التحديات، وتحديدًا ممن يعانون من إعاقات كالشلل النصفي والبتر أو هبوط بالقدم بالإضافة لحالات الإعاقة السمعية والعينية، لدخول سوق العمل في قطاع صيانة أجهزة الجوال والحاسوب، والتي تعتبر أبرز قطاعات العمل ملاءمة لذوي الاحتياجات الخاصة. بجبوج أضاف في هذا الجانب أن “دورة الكرامة الأولى استطاعت شمل هذه الإعاقات، بينما تهدف اللجان المحلية لأن تشمل الدورة الثانية جميع حالات الإعاقة بما فيها الحالات الخفيفة”.
افتتاح دورة ثانية
النجاح الذي حققته الدورة الأولى والذي تجاوز 75% من أصل 21 طالبًا خاضوا الدورة بحسب بجبوج، دفع إدارة اللجان المحلية للإعلان عن فتح باب التسجيل للدورة الثانية، والتي أوضح أنها تستهدف تعليم أكبر عدد ممكن من ذوي الاحتياجات الخاصة من مختلف الشرائح، وأوضح في هذا الصدد “عندما حققت الدورة الأولى أهدافها الكاملة من خلال توصيل المعلومات إلى كافة الطلاب الذين يختلفون في الأعمار والثقافة، وبينهم أطفال في سن الـ 12 عامًا، وهناك أشخاص خريجو جامعات، كان ذلك دافعًا إضافيًا لاستكمال المسيرة والإعلان عن الدورة الثانية”، مشيرًا إلى أن دورة الكرامة الثانية التي ستنطلق مع بداية أيار 2016 وستحمل تطورًا بالأسلوب التعليمي والتقني.
دورات مجانية وصعوبات
رغم الإصرار الكبير لدى القائمين على اللجان المحلية في سبيل إنجاح هذه الدورات، إلا أن العقبات والصعاب التي تقف في طريقهم كبيرة، وأوضح بجبوج أن هذه الدورات هي مجانية بالكامل على الرغم من تكاليفها الكبيرة، وأن اللجان المحلية تتكفل بخدمات التوصيل لكافة المشتركين، وأضاف “الصعوبات التي تواجهنا في الدورة الثانية هي ذاتها التي واجهتنا في الدورة الأولى من قلة الموارد المالية والمواد الأولية والمستلزمات التي يحتاجها المدرسين”.
وأسف بجبوج لغياب الهيئات والجهات الداعمة من الداخل والخارج “بالرغم من الأهمية الكبيرة والرسالة السامية التي تقدمها اللجان المحلية من خلال هذه الدورات”.
بجبوج أشار إلى أن اللجان المحلية لا تهدف فقط لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة لدخول سوق العمل، بل إنها تخطط لتحويل المتدرب في هذه الدورات، هو مدرب مستقبلي يساهم بدوره في نشر ثقافة الدورات التدريبية لذوي الاحتياجات الخاصة.
ولدى السؤال عن الخبرات التي تقود هذه الدورة في الوقت الحالي، قال بجبوج “في دورة الكرامة الأولى كان لدينا مهندس مختص في الحاسوب ومدرس مساعد مهندس مختص في الإلكترون، وهؤلاء المهندسون كانوا يتقاضون رواتبهم بالإضافة للرواتب التي نقدمها لسائق الباص والمعالجين الفيزيائيين والطبيب والمستخدم المشرفين على الدورة”، أما بالنسبة لدورة الكرامة الثانية، فأشار بجبوج إلى أنها حملت إضافة بعض الخبرات من حيث التعاقد مع اختصاصي صيانة أجهزة المحمول واختصاصي صيانة أجهزة الحاسوب المحمولة (لابتوب) مع استمرار اختصاصي في مادة الإلكترون.
ولا تتوقف مشاريع اللجان المحلية على هذه الدورات كما أوضح بجبوج، فثمة أفكار لافتتاح مركز صيانة متكامل بإشراف مؤسسة اللجان المحلية في مدينة درعا ويضم جميع خريجي الدورة، بالإضافة لمشروع مدرسة مهنية باختصاصات متعددة. يقول “للأسف الشديد لم نتمكن حتى الآن من تحويل هذه المشاريع لأرض الواقع بسبب قلة الموارد المالية”.
ويعتبر توجيه اللجان المحلية اهتمامها بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة في درعا نموذجًا للعمل المجتمعي المتكامل، فهذه الشريحة المجتمعية من أصحاب الإعاقات، سواء كانت خلقية أو بفعل القصف والمعارك، كبيرة ولها دورها في المجتمع، وإن تذليل كافة الصعاب لإعطاء هذه الشريحة مكانتها في المجتمع يعكس حرص فعالياته وهيئاته كافة على النهوض والبناء لتحقيق مستقبل أفضل.