للمرة الثانية، تتحدث مصادر عن مقتل القيادي في “حزب الله” اللبناني علي موسى عباس دقدوق في سوريا، إذ قال مسؤول دفاعي أمريكي إن إسرائيل قتلت أحد كبار قادة “حزب الله” اللبناني خلال ضرباتها في سوريا.
دقدوق شخصية معروفة لدى الأمريكيين، إذ أثار إفراج السلطات العراقية عنه عام 2012، توترًا بين الولايات المتحدة والعراق، فهو كان أحد المخططين والمنفذين لعملية قتل خلالها خمسة جنود في مدينة كربلاء العراقية.
العملية التي شارك بها أيضًا كل من الأخوين قيس الخزعلي، قائد ميليشيا “عصائب أهل الحق” العراقية الموالية لإيران، وشقيقه القيادي في الميليشيا ليث الخزعلي.
وبحسب ما نقلته شبكة “NBC” الأمريكية، عن مسؤول دفاعي وصفته بـ”الكبير”، الجمعة 22 من تشرين الثاني، فإن إحدى ضربات إسرائيل في سوريا قتلت القيادي الكبير في “حزب الله” علي موسى دقدوق.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن تفاصيل الغارة الجوية التي قتلت دقدوق غير معروفة متى حدثت وأين وقعت في سوريا، وهل كانت تستهدف علي دقدوق على وجه التحديد أم لا.
ولم يستجب المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) على طلب التعليق من قبل الشبكة، كما أحالت السفارة الإسرائيلية الأسئلة إلى جيشها، الذي لم يستجب أيضًا حتى نشر تقرير الشبكة.
هجوم كربلاء
دقدوق ساعد في التخطيط وتنفيذ واحدة من “أكثر الهجمات جرأة وتطورًا ضد القوات الأمريكية خلال حرب العراق”، وفق تعبير المسؤول الأمريكي.
في 20 كانون الثاني 2007، في مدينة كربلاء، نفذ دقدوق مع عناصر آخرين عملية داخل إحدى المنشآت المعروفة في العراق آنذاك باسم “محطات الأمن المشترك”، وهي عبارة عن نقاط عسكرية تتواجد فيها الشرطة والجيش العراقي إلى جانب جنود أمريكيين.
وكان هناك 20 جنديًا أمريكيًا في النقطة التي استهدفها دقدوق وعناصر آخرين، إذ تنكرت مجموعة دقدوق بزي فريق أمن عسكري أمريكي وحملوا أسلحة أمريكية وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما ساعدهم في اجتياز نقاط التفتيش.
اقتربت المجموعة إلى مبنى فيه جنود أمريكيين وعراقيين وهاجموه، فقتلوا جندي واعتقلوا أربعة آخرين، ثم انسحبوا بسيارات رباعية الدفاع كانت في انتظارهم.
طاردتهم المروحيات الأمريكية، وخلال ذلك أطلق دقدوق ورفاقه النار على الجنود الأربعة الذي اعتقلوهم، وفق الشبكة الأمريكية.
اعتقلت القوات الأمريكية دقدوق في آذار 2007، وادعى بداية اعتقاله أنه أصم أبكم، وفق وكالة “رويترز”
لكنه، بحسب “NBC”، اعترف أن “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، شارك في التخطيط للعملية وتدريب ودعم المنفذين.
إفراج أغضب الأمريكيين
بقي دقدوق معتقلًا لدى القوات الأمريكية عدة سنوات قبل تسليمه للقوات العراقية في كانون الأول 2011، والتي أطلقت سراحه لاحقًا.
وذكر المسؤول الأمريكي أن السلطات العراقية قالت إنها ستحاكم علي دقدوق، لكنها أطلقت سراحه خلال أشهر، ما “أثار غضب المسؤولين الأمريكيين. وعاد للعمل مع حزب الله مرة أخرى بعد فترة وجيزة”.
وكالة “رويترز” قالت عام 2012، إن الولايات المتحدة اضطرت إلى تسليم دقدوق للسلطات العراقية في كانون الأول 2011، بعد فشلها في إقناع بغداد بترحيله إليها بسبب عملية كربلاء.
وزير الدفاع الامريكي حينها، ليون بانتيا، ذكر لـ”رويترز” أنه تلقى تأكيدات من العراق بأن الأخير لن يفرج عن دقدوق حتى بعد تبرئته من قبل محكمة عراقية من الاتهامات الموجهة إليه.
وفي اتصال هاتفي مع “رويترز” قال عبد المهدي المطيري محامي علي دقدوق، إنه لم يكن هناك سند لاعتقال دقدوق، ولم يصدر بحقه أي تهم في العراق، واعتقاله كان سياسيًا وليس جنائيًا.
سبق الإفراج عن دقدوق، إفراج الولايات المتحدة عن ليث الخزعلي عام 2009، وقيس الخزعلي عام 2010.
وبحسب “المركز العربي لدراسات التطرف”:
- دقدوق التحق بصفوف “الحزب” في 1983.
- سرعان ما عين قائد الوحدة “2800” في “الحزب”، وهي وحدة عمليات خاصة في لبنان.
- نسق الأمن الشخصي لزعيم “الحزب” السابق حسن نصر الله لسنوات.
- عام 2005، أُرسل إلى إيران لتدريب المسلحين هناك إلى جانب “فيلق القدس”،
- أخذ دقدوق مجموعات من مقاتلين عراقيين بين 20 إلى 60 عراقيًا في وقت واحد إلى معسكرات تدريب داخل إيران، تلقوا تدريبًا في عمليات الاستخبارات القنص والخطف والتفجير (كانوا مجموعة خاصة تابعة لإيران).
- في أيار 2006، أرسل “فيلق القدس” دقدوق إلى العراق لتدريب المجموعات الخاصة وتوجيه أنشطتها العمليات.
- انتقل إلى العراق في 2006 كمسؤول لعمليات “الحزب” هناك.
- يستخدم العديد من الأسماء الحركية للتغطية على هويته، منها: “أبو حسين سجاد”، “حامد اللبناني”، “حامد جبور اللامي”، “حسين محمد جبور الموسوي”، “حامد مجيد عبد اليونس”
علاقة دقدوق مع قادة الميليشيات في العراق، وتنقله بين إيران ولبنان وسوريا، يعكس الدور الذي كان يلعبه وأهميته بالنسبة للحزب.
في سوريا
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، اتهم “حزب الله” في آذار 2019، بإنشاء وحدة سرية عسكرية في الجولان السوري المحتل للعمل ضدها، وتكون قادرة على العمل ضد إسرائيل وقت الحاجة، تحت اسم “ملف الجولان”.
وأضاف أدرعي أن إنشاء الوحدة يتم من خلال الاعتماد على شخصيات قيادية في الحزب، إضافة إلى الاعتماد على وحدات وجنود في قوات الأسد وسكان سوريين من هضبة الجولان، دون علم النظام السوري.
وظهر اسم علي دقدوق (أبو حسين ساجد) حينها على أنه رئيس وحدة “ملف الجولان”.
ضربة السيدة زينب
تحدثت وسائل إعلامية بأن المستهدف في ضربة السيدة زينب بريف دمشق في 10 من تشرين الثاني الحالي، هو علي دقدوق.
القصف أدى حينها إلى مقتل تسعة أشخاص وإصابة 20 آخرين.
وكثفت إسرائيل غاراتها الجوية على سوريا منذ عملية “طوفان الأقصى” في تشرين الأول 2023، وطالت غاراتها نقاط وكتائب عسكرية إلى جانب ضربات داخل الأحياء السكنية خاصة في حيي المزة وكفرسوسة بدمشق، وحي السيدة زينب بريف دمشق.
واستطاعت إسرائيل في هذه الضربات قتل قادة وعناصر في “حزب الله” ومستشارين إيرانيين.
في 22 من تشرين الأول الماضي، أعلنت إسرائيل مقتل “أبو صلاح”، الذي يُعد مسؤولًا عن إدارة الأموال في “الحزب”، وذلك خلال هجوم طال منطقة المزة في دمشق.
الأربعاء 20 من تشرين الثاني، أغارت طائرات إسرائيلية على مواقع في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل 36 شخصًا وإصابة أكثر من 50 آخرين، بحسب وزارة الدفاع في حكومة النظام، التي لم تقدم الوزارة بيانات تفصيلية حول أعداد المدنيين والعسكريين القتلى والمصابين جراء الاستهداف الإسرائيلي.
عنب بلدي رصدت مجموعة من النعوات لقتلى في الاستهداف، غالبيتهم ضباط في قوات النظام، أعلاهم رتبة، اللواء عبد الله الزير، من قرية الرقة غربي حمص.
ويغلب على الأسماء التي رصدتها عنب بلدي أنها تنحدر من مناطق تتهم بانحياز كثير من أبنائها إلى جانب النظام السوري، بناء على عوامل طائفية.
من جانبه، أعلن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” (مقره لندن) ارتفاع حصيلة القتلى إلى 82 شخصًا جراء الاستهداف في تدمر، 56 منهم من الميليشيات الموالية لإيران من جنسية سورية، بينهم ثمانية ضباط وصف ضباط متعاونين مع “حزب الله”، و22 من جنسية غير سورية، غالبيتهم من “حركة النجباء”، وأربعة من “حزب الله” اللبناني.