كشف تحقيق لمنظمة العفو الدولية (أمنستي) تعرض عراقيين للتعذيب والمعاملة السيئة والاختفاء القسري في مركز “الجدعة للتأهيل المجتمعي” شمال غربي العراق بعد عودتهم من سوريا.
ووثقت منظمة العفو الدولية في تحقيقها الصادر، الثلاثاء 29 من تشرين الأول، ثماني حالات اعتقال (سبعة رجال وامرأة) في مخيم “الجدعة” (مركز الجدعة) خلال عامي 2023 و2024.
وتعرض سبعة أشخاص من الحالات الموثقة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، شملت الضرب، والصعق الكهربائي، وإرغامهم على البقاء في وضعيات بدنية مؤلمة، وغمرهم قسرًا بالماء، أو تغطية رؤوسهم بكيس من البلاستيك لحجب الهواء عنهم.
وبحسب أقارب المحتجزين، فإن هناك آثارًا واضحة للتعذيب على أجساد المعتقلين، مثل كسور في أصابعهم وخلع في أكتافهم.
كما يعاني أقارب المعتقلين من التكاليف الباهظة لتزويد ذويهم المسجونين بما يحتاجون إليه من الغذاء والثياب والدواء، وبعضهم كان السجين هو المعيل الوحيد لعائلته.
وقالت الأمينة العامة لـ”العفو الدولية”، أنياس كالامار، إن “من المروّع ما يكابده المعتقلون في مركز الجدعة من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. لا بد من وضع حد له والتحقيق فيه على الفور”.
وأضافت كالامار أن من غير المقبول أن يفر العراقيون من ويلات الحرب والاحتجاز طيلة عقد من الزمان، ليجدوا في انتظارهم مزيدًا من الأهوال، ويجب على السلطات العراقية اتخاذ خطوات عاجلة لوقف استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، قبل أن يتأذى من هذه الممارسات الآلاف من الأشخاص المزمع إعادتهم إلى مركز “الجدعة”.
وكانت السلطات العراقية اتفقت مع الأمم المتحدة على إعادة عشرات آلاف العراقيين إلى مركز “الجدعة” من مخيم “الهول” بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا خلال السنوات المقبلة.
آلاف العائدين
عاد منذ 2021 حوالي 9500 عراقي من مخيم “الهول” إلى العراق، فيما لا يزال نحو 18 ألف في المخيم، تدرس السلطات العراقية إعادة معظمهم بحلول نهاية 2027، وفق “العفو الدولية”.
وبلغ عدد المحتجزين في “الجدعة” حتى أيلول 2024، 2223 شخصًا (1318 طفلًا و627 امرأة، و278 رجلًا)، ويخضع لإدارة وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، بدعم من عدة وزارات عراقية الأمم المتحدة.
القوات العراقية اعتقلت 80 شخصًا من مخيم “الجدعة” منذ 2021، بتهمة الانتماء لتنظيم “الدولة الإسلامية”، بينهم نساء وأطفال.
في آب الماضي، أعلن العراق عن إعادة أكثر من 2448 عائلة عراقية من مخيم “الهول”، وكشف عن تأهيل ودمج 1940 عائلة عائدة من المخيم في سبع محافظات عراقية.
وقال مستشار الشؤون الاستراتيجية في مستشارية الأمن الوطني، سعيد الجياشي، حينها، إن المطلوبين يذهبون إلى القضاء، لكن من ليست لديه مشكلات قانونية يعاد تأهيله وإعادته إلى منطقته الأصلية.
ويخضع المقبوض عليهم في “الجدعة”، وفق “العفو الدولية”، للتحقيق عادة في سجن الفيصلية بالموصل أو بغداد، ثم يقدمون للمحاكمة أمام محكمة تحقيق نينوى المختصة بقضايا مكافحة “الإرهاب” في مدينة الموصل (الموصل إحدى مدن محافظة نينوى).
وأشارت المنظمة في تحقيقها إلى أن هناك حالات اعتقال بتهمة الانتماء لتنظيم “الدولة” كانت باطلة، منها اتهام أفراد بالتورط في أنشطة التنظيم بسبب انضمام أحد أقاربهم إليه، أو توجيه تهم بسبب عداوات شخصية وخلافات زوجية، أو قد يلجأ شخص أقام في منزل شخص غادر العراق إلى اتهامه بالانتماء للتنظيم كي لا يخلي العقار.