درعا – حليم محمد
يعاني مزارعو ريف درعا الغربي من كثرة تعدي الحيوانات البرية على المزروعات الخضرية والثمرية، إذ تأكل هذه الحيوانات الثمرة وتسبب أضرارًا في المحاصيل الزراعية.
وتنتشر هذه الحيوانات في الأحراش العشبية والأراضي التي تكثر فيها الصخور، وفي الأودية، وأهم أنواعها الخنزير البري والواوي، والحصيني، والكلاب الشاردة، والثعالب.
ويعتبر مزارعو ريف درعا الغربي من الأكثر تضررًا، نظرًا إلى طبيعة المنطقة الجغرافية، في الوقت الذي يقف فيه أصحاب هذه المحاصيل عاجزين عن اتخاذ أي إجراء فعال للتقليل من خسائرهم.
السم وسيلة
لم يجد نبيل المحمد (35 عامًا) حلًا سوى وضع السم في محيط حقل البازلاء ببلدة المزيريب في ريف درعا الغربي، ليتخلص من الحيوانات البرية التي تأكل المحصول وتسبب ضررًا فيه.
نبيل، وهو مزارع في ريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إنه خلط السم مع أحشاء الدجاج ونثره في محيط وداخل حقله، وأدت هذه العملية، بحسب نبيل، إلى قتل ما يقرب من عشرة حيوانات برية تنوعت بين الكلاب والحصيني وابن آوى.
وأضاف أنه كرر استعمالها حتى استطاع جني محصوله وبيعه في السوق مطلع نيسان الحالي.
وذكر نبيل أن هذه الحيوانات فتكت بمحصول الخس لديه المكون من خمسة دونمات (5000 متر مربع) خلال الموسم الماضي، ولم يتمكن من حراسة محصوله لكثرة الأمطار وبرودة الطقس ليلًا، لذلك لم يجد وسيلة سوى تسميم محيط حقل البازلاء خوفًا من خسارة أخرى.
وأضاف أن هذه الحيوانات تسبب ضررًا على النبات من خلال دهسها، ما يؤدي إلى إصابتها بالأمراض الفطرية أو حتى يباس أوراقها أو تكسر أغصانها.
وتأكل هذه الحيوانات ثمار البازلاء والخس والذرة والخيار ومحاصيل الرمان والزيتون عند نضجها.
ومن جانب آخر، يعي نبيل أن لوضع السم بهذه الطريقة مخاطر، منها القضاء على نوع هذه الحيوانات البرية.
وقال الطبيب البيطري أياد ذيب، إن وضع السم بهذه الطريقة يفقد الطبيعة أنواعًا من الحيوانات البرية.
وأضاف أن هذه الحيوانات هي بالأصل من الحيوانات اللاحمة، وكانت تعتمد على طيور الحجل والأرانب وجيف الحيوانات النافقة كطعام لها، ولكن مع تراجع وجود هذه المصادر من الغذاء أصبحت تلجأ للمحاصيل الزراعية على الرغم أنه ليس من طعامها.
وذكر الطبيب أن هذه الحيوانات تتحصن بين القلاع وفي المناطق الوعرة والأحراش والأودية، إذ تختفي نهارًا وتظهر ليلًا.
حلول مكلفة
لجأ عدنان كيوان، وهو مزارع في ريف درعا الغربي، للحراسة الليلية لحماية محصوله من خطر هذه الحيوانات، ويستخدم عدنان وعاء فارغًا، يضرب عليه بعصا ليحدث ضوضاء تدفع الحيوانات للهرب، كونها تخاف من وجود الإنسان بالقرب منها.
وقال عدنان (33 عامًا)، إن لديه محصول خس وبازلاء وفول، ما يجعل حراسة هذه المحاصيل مرهقة، وخاصة في ليالي فصل الشتاء الباردة.
وأضاف أنه كان من الممكن توظيف حارس للمحاصيل، لكن تكلفة حراسة الليلة الواحدة تصل إلى 50 ألف ليرة سورية، ما يشكل عليه عبئًا ماليًا قد يدخله في خسارة محققة، وفق تعبيره.
ومن الحلول التي يتبعها بعض المزارعين هي إحاطة الأرض بأسلاك معدنية (تسوير)، إلا أن هذه الطريقة باتت مكلفة بالنسبة لمعظمهم، إذ يكلف إنشاء سور شبكي معدني لخمسة دونمات نحو 15 مليون ليرة سورية.
معاناة المزارعين غالبًا ما تكون أكبر بالنسبة للأراضي الزراعية القريبة من وادي اليرموك، حيث تكثر الخنازير البرية التي تتحصن بين أعواد القصب، وتخرج لمحاصيل القرى المجاورة للوادي ليًلا.
حسين (25 عامًا)، مزارع في قرية زيزون المحاذية لوادي اليرموك بريف درعا الغربي، يستخدم وسائل متعددة في صيد الخنازير، منها وضع الفخاخ، أو صيدها بأسلحة الصيد.
وقال حسين الذي ينتظر محاصيل الرمان والزيتون من أرضه الزراعية، إن قطعان الخنازير أكلت ما يقارب طن رمان من محصوله خلال الموسم الماضي، الأمر الذي دفعه لاستئجار ناطور ليلي بتكلفة 30 ألف ليرة سورية لليلة الواحدة حينها.
وأضاف أن فترة الحراسة تبدأ من شهر آب وتستمر حتى نهاية تشرين الأول، موعد جني المحصول.
ويشتهر ريف درعا الغربي بزراعة المحاصيل الخضرية، ومنها الخس والملفوف والزهرة والبقدونس والسبانخ والثوم وغيرها.
وتصل مساحة الأراضي المزروعة بالخس إلى 155 هكتارًا، هذا الموسم، بحسب ما قاله مدير زراعة درعا، بسام الحشيش، لصحيفة “تشرين” الحكومية.
وفي تصريح آخر لصحيفة “الثورة” قال الحشيش، إن المساحة المزروعة بمحصول البازلاء البعلي بلغت 1645 هكتارًا، ومساحة محصول الفول 2754 هكتارًا.
وقدّرت مديرية زراعة درعا إنتاج الرمان بـ21500 طن الموسم الماضي على مساحة مزروعة بأكثر من 600 ألف شجرة.