يعتبر مرض الليشمانيا من الأمراض الجلدية المنتشرة في سوريا، وازدادت الإصابات بالمرض في السنوات الأخيرة، بحسب إحصائيات تنشرها منظمة الصحة العالمية كل عام.
وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو 70 ألف إصابة بالمرض في سوريا المبلغ عنها لمنظمة الصحة العالمية لعام 2022، بينما وصل عدد الإصابات في عام 2021 إلى 78 ألفًا و231 شخصًا في سوريا.
كما أعلن مدير مركز مكافحة الليشمانيا بمدينة حماة، باسل إبراهيم، الاثنين 20 من تشرين الثاني، عن إصابة أكثر من 14 ألف شخص بالمرض بمحافظة حماة وحدها، في حصيلة غير نهائية شملت الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، بزيادة أكثر من ألف إصابة على عام 2022، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري.
وأرجع مدير مركز مكافحة الليشمانيا بحماة، عدم تحقيق شروط الصحة البيئي في معظم بؤر انتشار المرض، لضعف إمكانات الوحدات الإدارية ونقص عمال التنظيفات والمعدات والآليات في المنطقة.
وبلغ عدد الإصابات بمرض الليشمانيا في مناطق شمال غربي سوريا 6 ألاف و711 إصابة جلدية و25 إصابة حشوية، بحسب إحصائية حصلت عليها عنب بلدي حتى تاريخ 21 تشرين الثاني الحالي من مديرية صحة إدلب.
وتعود أسباب انتشار المرض في شمال غربي سوريا للمخيمات العشوائية، ومشكلات الصرف الصحي، وتراجع الاهتمام بالنظافة في مناطق الازدحام السكاني.
بينما قالت مسؤولة في الرئاسة المشتركة لهيئة الصحة في القامشلي، لعنب بلدي، إنه لا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد المصابين بمرض الليشمانيا في مناطق شمال شرقي سوريا.
وذكرت المسؤولة التي طلبت عدم ذكر اسمها لكونها غير مخولة بالتصريح للإعلام، أن عدم توفر إحصائيات سببه عدم وجود إصابات كثيرة تحتاج الإحصاء.
الأنواع وطرق الإصابة
يعرّف داء الليشمانيات بأنه مرض طفيلي من الطفيليات الأولية التي يزيد عددها على 20 نوعًا، وتنقل الطفيليات عن طريق لدغة أنثى “ذباب الرمل” التي تشمل 90 نوعًا، ما يخلق ثلاثة أشكال رئيسة للمرض.
أخطر الأشكال مرض الليشمانيا الحشوي، وهو مميت بنسبة 95% من الحالات في حال تُرك دون علاج ومتابعة، ويؤدي إلى ظهور حمى ومشكلات كفقدان الوزن وتضخم الطحال والكبد وفقر الدم، بينما مرض الليشمانيا المخاطي الجلدي يسبب التلف الكلي أو الجزئي للأغشية المخاطية للأنف والفم والحنجرة.
أما الليشمانيا الجلدي، وهو الأكثر شيوعًا وانتشارًا بالشرق الأوسط ووسط آسيا بنسبة 95% من الإصابات، فيسبب إصابات بالجلد فقط، ويسمى في سوريا “حبة حلب”، إذ يصيب كل الأعمار ويظهر على شكل تقرحات جلدية.
وينتقل مرض الليشمانيا عبر ذبابة الرمل التي تعتبر الناقل الوحيد للمرض، وتعيش في الأماكن الرطبة والمظلمة، حيث تمتص الذبابة الدم من حيوان مصاب بالمرض، لتنقل الطفيلي المسبب بالمرض إلى الإنسان، عبر لدغ الذبابة إنسانًا أو حيوانًا سليمًا.
وتستطيع الذبابة نقل المرض من إنسان إلى آخر أو من حيوان إلى إنسان.
سوء الظروف السكنية والصحية ومشكلات الصرف الصحي المفتوح، تزيد من احتمالية الإصابة بمرض الليشمانيا، إذ تتسبب بتجمع ذباب الرمل الذي ينجذب للأماكن السكانية المزدحمة.
التشخيص والوقاية
تؤكد منظمة الصحة العالمية على ضرورة الخضوع للرعاية الطبية في الحالات المشتبه بها أو المؤكدة، والخضوع لتشخيص سريري، فظهور إصابة جلدية قد تتسع لتصبح عقدة صغيرة أو للويحة متقرحة، مع تأكد التشخيص بالفحص المخبري لوجود الطفيليات.
بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الليشمانيا الكبيرة التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان تكون فترة علاجها عادة بين 2 و8 أشهر، بينما المدارية المنتقلة من شخص لآخر تعالج بعد مرور سنة أو أكثر، ونادرًا ما تنقل عبر نقل الدم.
وتعتبر سوريا من الدول التي يتوطن فيها كل من نوعي الليشمانيا الجلدية الكبيرة والمدارية، مع وجود خطر من إدخاله للدول المجاورة، وفقًا لمنظمة الصحة.
يشابه شكل حبة الليشمانيا بعض الأمراض الجلدية الأخرى، مثل سل الجلد وسرطان الجلد وغيرها.
بعد الإصابة والعلاج من مرض الليشمانيا، يكتسب الإنسان مناعة تدوم طيلة الحياة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
إن الوقاية من المرض ومكافحة انتشاره، أمر معقد ويتطلب توفر العديد من الأدوات، وبحسب المنظمة، أفضل وسيلة للوقاية من الليشمانيا هي رش المبيدات الطاردة للحشرات وذبابة الرمل لتقليل أعداده، واستخدام الكريمات لتجنب التعرض للدغتها.
ومن الاحتياطات اللازمة للوقاية، القضاء على القوارض والحشرات، وضرورة تثقيف المجتمع لتغيير سلوك الأشخاص، واستخدام الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات.
ويتطلب القضاء على الليشمانيا والحد من انتشاره حلولًا جذرية عن طريق تأمين وسائل تبريد، وإغلاق أماكن تجمع مياه الصرف الصحي، وتوفير مياه الشرب النظيفة.
ويمكن لجميع المرضى غسل مكان الإصابة من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيًا، وتغطيتها بالشاش والشريط اللاصق، ما يمنع تشكل قشرة لزجة ملتصقة على الجرح.