عنب بلدي – حليم محمد
يحتاج محمد إلى 120 ألف ليرة سورية أسبوعيًا، كأجرة يدفعها سلفًا لنقل أبنائه من وإلى المدرسة يوميًا من بلدته العجمي إلى بلدة المزيريب بريف درعا الغربي، التي تبعد عن مكان إقامته ما يقارب سبعة كيلو مترات.
لا تتوفر في بلدة العجمي إلا مدرسة ابتدائية واحدة، ما أجبر محمد على إرسال أولاده من طلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية إلى خارج البلدة.
يعمل الشاب موظفًا لدى إحدى مؤسسات الدولة براتب يصل إلى نحو 220 ألف ليرة سورية، فيما يحتاج إلى ضعف راتبه لتغطية أجور نقل أبنائه فقط، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
ارتفعت أجور النقل في محافظة درعا، بعد صدور قرار في 16 من آب الماضي، يقضى برفع أجور التعرفة الكيلومترية لوسائل النقل الداخلي العاملة على المازوت، تأثرًا برفع أسعار المحروقات في مناطق سيطرة النظام عمومًا.
بلدات بلا مدارس
تعاني بعض المناطق الريفية في درعا جراء عدم وجود مدارس للمرحلتين الإعدادية والثانوية، ما يجبر الطلبة على الدراسة في مناطق مجاورة، أو في مدينة درعا، ويترتب على ذلك تكلفة مالية يومية يدفعها الطالب للذهاب والعودة، وزادت التكلفة هذا العام بعد رفع أجور النقل.
زيزون في ريف درعا الغربي، إحدى البلدات التي تفتقد وجود مدرسة ثانوية، ويتوزع طلابها بين بلدة تل شهاب أو مدينة درعا.
ولا تتوفر في قرى الريف الغربي المدارس الشرعية ومدارس التعليم المهني (الصناعة)، ما يجبر الطلاب على الدراسة في مدينة درعا، وهو ما تترتب عليه تكلفة مالية عالية، إذ أصبح لزامًا لسكان تلك القرى السفر اليومي إلى مدارس مدينة درعا.
كما تفتقد قرى عاسم وصور في اللجاة للمدارس الثانوية، إذ يتجه الطلاب منها للدراسة في مدينة إزرع وخبب.
ورغم وجود ثانويات في جدل والنجيح وهما من قرى اللجاة، وأقرب مقارنة بإزرع وخبب، فإن السير مقطوع باتجاههما، ما يدفع الطلاب للتوجه نحو مدارس إزرع.
مدارس بكادر ضعيف
تتوفر ثانويات في بعض القرى إلا أن بعض الطلاب يفضّلون الدراسة في بلدات مجاورة أو في مراكز المدن، لما تعانيه هذه المدارس من صعوبات، أهمها نقص الكادر، الأمر الذي يدفع الطلبة للبحث عن مدارس مكتملة النصاب من مدرّسين مشهود لهم بالخبرة.
فرزات من سكان بلدة ناحتة، طالب ثالث ثانوي، قال لعنب بلدي، إنه يدرس في بلدة الحراك البعيدة عن بلدته نحو سبعة كيلومترات في مدرسة خاصة، لأن التعليم في ثانوية البلدة ضعيف بغياب معلمين ذوي خبرة، ورغم تكاليف النقل وأقساط المدرسة المقدّرة بثلاثة ملايين ونصف، فإنه يبحث عن مدرسة فيها معلمون متمكنون.
ويتعاقد أكثر من 30 طالبًا من سكان قرية أم ولد، أقصى ريف درعا الشرقي، مع حافلات تقلهم يوميًا ذهابًا وإيابًا إلى بلدة معربة، ورغم وجود ثانوية في بلدتهم، فإن نقص الكادر دفعهم للدراسة في ثانوية معربة ذات الكادر التدريسي المكتمل.
أحد مدرسي قرية أم ولد، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، ذكر لعنب بلدي أن هناك ثانوية في البلدة، ولكنها تعاني نقص الكادر بسبب تكاليف أجور النقل للمعلمين، وتدني الرواتب، وهجرة عدد كبير من المدرسين، ما أدى إلى فقدان معلمي التخصصات العلمية واللغوية.
وأضاف المدرس أن وجهاء البلدة حاولوا جمع تبرعات لدفع أجور إضافية لبعض المعلمين تعادل قيمة الراتب، لكن الإمكانيات محدودة، ولم تستطع البلدة جمع الأجور لكامل الطاقم الموجود خلال العام الدراسي الماضي، موضحًا أن بعض المدرسين ذوي الخبرة يتعاقدون مع المدارس الخاصة، حيث تصل رواتبهم إلى نحو 600 ألف ليرة سورية، فيما تفرغ بعض المدرسين للدروس الخصوصية لأنها أكثر ربحية من عوائد الوظيفة الحكومية.
ويصل عدد طلاب المدارس في مختلف المراحل بمحافظة درعا هذا العام إلى 270 ألفًا و331 طالبًا، منهم 241 ألفًا و255 طالبًا في مرحلة التعليم الأساسي، و22 ألفًا و439 في مرحلة التعليم الثانوي، بحسب تصريح مدير تربية درعا، منهل العمارين، في 3 من أيلول الحالي.
ومن أصل 943 مدرسة في محافظة درعا، خرجت 179 مدرسة عن الخدمة بسبب العمليات العسكرية في المنطقة منذ عام 2011.