القامشلي – ريتا أحمد
اضطر أنس الخليل إلى نقل ابنه البالغ من العمر ست سنوات إلى مستشفى “السلام” الخاصة بمدينة القامشلي بحالة إسعاف نتيجة تردي وضعه الصحي، وبعد فحص الأطباء، احتاج الطفل إلى البقاء ثلاثة أيام في المستشفى، لأنه كان يعاني التهابًا بالدم ويحتاج إلى المراقبة، بتكلفة وصلت إلى 100 ألف ليرة سورية لليلة الواحدة، لا تتضمن ثمن الدواء.
وصلت تكاليف شراء وصفة الأدوية للطفل خلال الأيام الثلاثة إلى 90 ألف ليرة سورية يستهلكها كل ست ساعات، ما يعادل مجموعها في اليوم الواحد حوالي 360 ألف ليرة.
ستة مستشفيات دون رقابة
اشتكى عدد من المقيمين في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا ارتفاع أجور الخدمات المقدمة في قسم الأطفال بمستشفيات المنطقة الخاصة، وسط تدهور اقتصادي ومعيشي يعانيه السكان.
وتستغل المستشفيات الخاصة، البالغ عددها ستة مستشفيات، في المنطقة التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، عدم وجود رقابة منظمة على القطاع الطبي الخاص، ما يتيح لها فرض أجور وتكاليف عالية تفوق قدرة الأهالي.
ويبلغ متوسط تكلفة المعاينة في قسم الأطفال بهذه المستشفيات نحو 60 ألف ليرة سورية.
نعيمة الصالح، سيدة تقيم في القامشلي، اعتبرت أن المستشفيات الخاصة أهدافها ربحية لا إنسانية، مضيفة أن معظم الناس يذهبون إليها رغم ضعف قدرتهم المادية، بسبب افتقار المستشفيات العامة إلى الخدمات والرعاية الكاملة.
أسعفت نعيمة الصالح ابنها البالغ من العمر ثماني سنوات، بسبب ارتفاع درجة حرارته، واضطر إلى البقاء في قسم “إسعاف الأطفال” لمدة ساعتين، دفعت لقاءها 275 ألف ليرة سورية، تلقى الطفل خلالها معاينة طبيب مختص و”سيرومًا” ملحيًا وبعض الأدوية البسيطة.
للمستشفيات رأي مغاير
مدير أحد المستشفيات الخاصة بالقامشلي، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، قال لعنب بلدي، إن شكاوى الناس المتعلقة بارتفاع أجور الخدمات الطبية “لا تعمم” على جميع المستشفيات.
وأضاف أن بعض المستشفيات قد تقدّم خدمات بلا مقابل مادي لفئات معينة من الناس غير المقتدرين، تصل إلى درجة إجراء عملية جراحية بالمجان، مرجعًا في نفس الوقت أسباب ارتفاع تكاليف بعض الخدمات إلى الصعوبات العديدة التي تواجه عمل المستشفيات، المتمثلة بصعوبة الحصول على الأدوية، واحتكارها إن نفد بعض منها في الأسواق.
كما قد تحتاج بعض الأجهزة إلى الصيانة، ما يتطلب نقلها إلى دمشق أحيانًا لإصلاحها وتكبد تكاليف ذلك، وسط اعتمادها على المحروقات بشكل كبير لتوليد الطاقة في ظل انقطاع متكرر لساعات طويلة للتيار الكهربائي.
وتعتبر بعض مدن وقرى محافظة الحسكة خارج المناطق التي تغطيها المنظمات الإنسانية والطبية، بينما يقتصر نشاط بعض هذه المنظمات على أنواع من الأدوية، وخدمات طبية بسيطة.
وتعاني مناطق سوريا باختلاف الجهات المسيطرة تهالكًا في القطاع الطبي، إذ وثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في تقرير له أزمة القطاع الصحي في سوريا لعام 2022، لافتًا إلى أن نسبة كبيرة من المراكز الصحية إما خارج الخدمة وإما متوقفة جزئيًا.
وبلغ عدد الأشخاص الذين هم بحاجة إلى رعاية صحية 15 مليونًا، بالإضافة إلى 6.9 مليون نازح داخل سوريا و5.6 مليون لاجئ في الدول المجاورة، حتى تاريخ صدور التقرير في 25 من كانون الثاني الماضي.
كما أن البنية التحتية للخدمات الصحية الأساسية مثل المستشفيات ومراكز الصحة تتطلب تأهيلًا وصيانة.