“أكثر من أسبوع مو قادرين نطلع برا المخيمات لنأمن ربطة خبز”، بهذه الكلمات اختصرت بشرى عامر معاناة سكان مخيمات عرسال شرقي لبنان، جرّاء العاصفة الثلجية التي ضربت البلدة منذ مطلع شباط الحالي.
وأسفرت العاصفة عن قطع الطرقات الرئيسة، وعرقلت حركة الأهالي حتى داخل المخيم، ما فاقم معاناتهم وجعلهم عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، وفق ما قالته بشرى لعنب بلدي.
وأُجبرت بشرى وغيرها من أهالي المخيم على الاعتماد على مياه الثلج للطهو، في ظل عجزهم عن الوصول إلى مراكز المدينة لتأمين مياه نظيفة.
كما اضطر معظمهم إلى إعداد الخبز بالمكونات المتوفرة داخل المخيم، بعد أن عجزوا لأيام عن الحصول على ربطة خبز لإطعام عائلاتهم.
الدفء حلم العائلات
“صار حلمنا نحس بالدفا”، قالت بشرى في إشارة إلى صعوبات الحصول على مواد التدفئة خصوصًا في ظل إغلاق الطرقات وارتفاع الأسعار.
وتعيش بشرى، وهي أم لطفل وحامل بآخر، في أحد مخيمات عرسال، برفقة زوجها الذي يعمل ممرضًا بنظام عمل غير ثابت، وفق قولها.
وأوضحت بشرى أن زوجها يعمل مع أحد المراكز الطبية التي ترسل ممرضين إلى منازل المرضى، ما يجعل عمله متقطعًا ومعتمدًا على احتياجات المركز.
وتعتمد العائلة على الحطب بشكل أساسي للتدفئة، لكنّ الهطولات الثلجية تجعل توفيره صعبًا، خصوصًا في ظل اضطرار الزوج للذهاب إلى بيروت للعمل وترك مسؤولية تأمين الحطب على زوجته.
ولم تستطع بشرى إيجاد فرصة عمل لمساعدة زوجها، رغم حصولها على شهادة بالتربية، وتلقيها العديد من التدريبات في هذا المجال، بحسب قولها.
وتعاني بدور الخطيب المشكلة نفسها، إذ لا تستطيع تأمين تكلفة الحطب بشكل دائم، في ظل عجز زوجها عن العثور على فرصة عمل ثابت.
“خلال العواصف نصير قاعدين بالشارع”، هذا ما قالته بدور في إشارة إلى ازدياد معاناتها وعائلتها بسبب الأضرار التي لحقت بخيمتها وحرمتهم الدفء، وفق تعبيرها.
حرمان من الدعم
“في ناس أكثر حاجة”، هذا الرد الذي تلقته بشرى وغيرها من اللاجئين السوريين في لبنان الذين تلقوا رسائل إيقاف الدعم.
ورغم أن الدعم المقدم من قبل مفوضية اللاجئين لا يكفي لسد الحاجة، فإنه كان يؤمّن الحد الأدنى من مواد التدفئة لبشرى وعائلتها خلال السنوات الماضية.
وفي أوقات سابقة، اعتمدت بشرى على المساعدات النقدية لدفع إيجار الخيمة التي تقطنها وعائلتها، والتي تبلغ نحو 150 ألف ليرة لبنانية شهريًا.
كما توقف الدعم عن بدور وعائلتها قبل نحو عام، بعد أن كانت تنتظر بعض ليترات المازوت المقدمة من قبل المفوضية، لتبيعها وتشتري الحطب لرخص ثمنه مقارنة بغيره من مواد التدفئة.
ولا يقتصر أثر إلغاء الدعم على مواد التدفئة، إذ تستمر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان بتوجيه رسائل إلكترونية للسوريين تفيد بشطب أسمائهم من المساعدات النقدية المخصصة لهم خلال العام الحالي.
ويفيد نص الرسائل التي تداولها سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في أواخر عام 2022، أنه “نظرًا إلى محدودية الموارد، لن تتلقى المساعدة الشهرية المحددة بمليون ليرة لبنانية من المفوضية، ابتداء من كانون الثاني 2023”.
وفي حديث سابق إلى عنب بلدي، أوضحت المتحدثة الرسمية لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان، نادين مظلوم، عبر مراسلة إلكترونية، أن المفوضية وشركاءها يقومون حاليًا بإعداد برنامج المساعدة النقدية لعام 2022- 2023.
وأكدت مظلوم أن ما جرى أمر اعتيادي تقوم به المفوضية كل عام، وتعمل على مراجعة نقاط الضعف لدى عائلات اللاجئين، لتحديد الأكثر ضعفًا منهم، وإعطائهم الأولوية في نيل المساعدة النقدية.
وأضافت مظلوم أنه بناء على المراجعة الأخيرة، وتقييم وضع اللاجئين السوريين في لبنان، ستتوقف بعض العائلات عن تلقي المساعدة النقدية في العام المقبل، في حين تأهلت عائلات لاجئة أخرى لنيل المساعدة التي لم يكونوا يتلقونها العام الماضي.
المعاناة تتفاقم
في كانون الأول 2022، أعلنت منظمات أممية أن 90% من اللاجئين السوريين في لبنان يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
بينما بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في لبنان مليوني شخص، منهم 700 ألف سوريون، بحسب تحليل صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، ووزارة الزراعة اللبنانية، في 19 من كانون الثاني الماضي.
وحذرت “فاو” وبرنامج الأغذية العالمي من العواقب “الوخيمة” على صحة ورفاه السكان المستضعفين، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع.
–