برر عدد من المسؤولين في حكومة النظام السوري نقل الحرفيين من “التكية السليمانية” بدمشق، وإعادة ترميمها، بتدهور الحالة الفنية لمعظم الأبنية فيها.
مدير عام مديرية الآثار والمتاحف، نظير عوض، اعتبر أن ترميم “التكية” جاء قبل قبل تدهور حالة البناء فيها وحصول انهيارات في البنية الإنشائية، إذ تشير جميع التقارير التي أُعدت حول ذلك إلى حالات حرجة في المباني التي تقع ضمن “التكية”، رغم جميع الحلول الإسعافية التي تم اتخاذها، بحسب ما نقلته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) اليوم، الأربعاء 25 من كانون الثاني.
وأشار عوض إلى أن أعمال الترميم التي بدأت قبل أيام لن تنتهي بسرعة، موضحًا أن “المباني الحجرية التاريخية تحتاج إلى وقت طويل، خاصة عند ظهور مشكلات إنشائية معقدة تحتاج إلى دراسات، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي الذي يمنع وصول عدد من التقنيات اللازمة في عمليات الترميم”، بحسب قوله.
عوامل سرعت التصدعات
من جهته، أوضح مدير أعمال الترميم في “التكية السليمانية”، أنطون شنيارة، أن موقع “التكية” المجاور لمسار نهر “بردى” تعرض خلال العقود الماضية لهبوط مستوى المياه الجوفية بسبب شح مصادر المياه، ما أدى إلى انجراف في طبقات التربة تحت منسوب تأسيس المباني، نتجت عنه هبوطات كبيرة ظهرت آثارها على شكل تشققات وتصدعات في كثير من أسقف وقبب “التكية” وأعمدتها وجدرانها.
وبحسب شنيارة، تسببت الكتل المضافة إلى المباني الأثرية من جدران وغرف ومبانٍ ومرافق عامة وصرف صحي غير مربوط على الشبكة الرئيسة، بزيادة الحمولة على المكان، الأمر الذي سرع عمليات التصدع والتشققات في جدرانها وأسقفها.
وحول الترميم، أوضح محافظ دمشق، محمد طارق كريشاتي، أن ترميم “التكية” سيستند إلى هويتها وطابعها المعماري والتاريخي والثقافي، وسيحافظ على هذه الهوية، وسيضيف شيئًا من بصمة الزمن الذي نحن فيه الآن، دون أن يوضح تفاصيل الإضافة.
تعد “الأمانة السورية للتنمية” من أبرز الجهات التي تشرف على ترميم “التكية”، بالإضافة إلى كوادر تابعة لـ”المديرية العامة للآثار والمتاحف”.
ومنذ أيام، أثارت قضية إجلاء الحرفيين الذي يعملون في سوق المهن اليدوية بـ”التكية” منذ سنوات طويلة، بسبب أعمال الترميم، جدلًا واسعًا، إذ تم بموجب الإجلاء نقل 40 حرفيًا إلى “الحاضنة الثقافية” في منطقة دمر بدمشق، وسط مخاوف من عدم السماح لهم بالعودة بعد انتهاء عمليات الترميم، أو خصخصة هذا الموقع التاريخي.
ويجري الحديث عن منح “التكية السليمانية” للقطاع الخاص، بالاعتماد على أن وزارة السياحة هي التي تشرف على أعمال الترميم بشكل مباشر، رغم تبعية “التكية” إداريًا لوزارة الأوقاف.
ما “التكية السليمانية”
تقع “التكية السليمانية” في منطقة سياحية وسط دمشق، بالقرب من متحف “دمشق الوطني” وجسر “فكتوريا”، وجامعة “دمشق”، وفندقي “الفورسيزونز” و”سميراميس”.
تعدّ من أهم الآثار العثمانية في سوريا، وسميت بـ”السليمانية” نسبة إلى السلطان سليمان القانوني، وكان الهدف الرئيس من بنائها إيواء الطلبة الغرباء، وإيجاد مكان يستقر فيه الحجاج من تركيا وآسيا الوسطى وأوروبا في طريقهم للديار المقدسة، في موسم الحج.
وهي من تصميم المعماري التركي المعروف سنان باشا، وأشرف على بنائها المهندس الإيراني الأصل ملا آغا، إضافة إلى المهندس الدمشقي العطار، وبدأ بناؤها عام 1554 وانتهى 1559، أما المدرسة الملحقة بها فبنيت عام 1566، في عهد الوالي لالا مصطفى باشا.
وشُيّدت “التكية” مكان قصر الملك المملوكي الظاهر بيبرس، الذي عُرف بـ”قصر الأبلق”، وهدمه القائد المغولي تيمور لنك، وكانت قبل ذلك قصرًا لإمارة الفاطميين.
تضم “التكية” رفات بعض السلاطين العثمانيين وعائلاتهم، ما جعلها مقصدًا لكثير من المسؤولين الأتراك وعائلات السلاطين المدفونين.
–