نشرت شبكة “CNN” الأمريكية اليوم، الأحد 6 من تشرين الثاني، مقالًا تحليليًا تحدثت فيه عن انهيار نظام معالجة طلبات اللجوء في المملكة المتحدة.
وقالت الشبكة، إن نظام معالجة طلبات اللجوء في المملكة المتحدة كان متهالكًا في السنوات الأخيرة، ما ترك الناس في طي النسيان لأشهر وسنوات، محاصرين في مرافق المعالجة أو الفنادق المؤقتة وغير قادرين على العمل.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، أكدت مطلع الأسبوع الماضي، أن “نظام اللجوء معطل”، ما يثير التساؤلات بعد 12 عامًا من حكم المحافظين الذي شهد سلسلة كبيرة من الوزراء الذين وعدوا وفشلوا في قمع الهجرة غير الشرعية.
وألقت برافرمان باللوم على الزيادة السريعة في عمليات عبور القوارب الصغيرة عبر القناة الإنجليزية، ما وصفته بأنه “غزو” للساحل الجنوبي لبريطانيا، وقالت “دعونا نتوقف عن التظاهر بأنهم جميعًا لاجئون في محنة”.
لكن الفوضى التي يواجهها المهاجرون وطالبو اللجوء في المملكة المتحدة هي أيضًا نتيجة عقد من الخيارات السياسية، مع فشل التمويل والعمل في مواكبة الخطاب القاسي الذي تبنته حكومات المحافظين المتعاقبة، بحسب شبكة “CNN”.
في حديثه للشبكة حول نظام البلاد للتعامل مع طالبي اللجوء، قال الباحث الاقتصادي في جامعة “أكسفورد” بن رامانوسكاس، وهو مستشار رئيسة الوزراء السابقة، ليز تروس، حينما كانت وزيرة للتجارة الدولية، إن “النظام مخزٍ وقاسٍ”.
وأوضح رامانوسكاس أن “جزءًا من ذلك يرجع إلى الثقافة التي وضعتها وزارة الداخلية، والتي تنظر إلى معظم المهاجرين بعين الريبة وتعاملهم كمجرمين محتملين”، مؤكدًا أنه “نظام غير منصف وغير عادل”.
كابوس رواندا
في نيسان الماضي، أعلنت حكومة المحافظين بزعامة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون، عن خطط لإرسال بعض المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا، حيث ستتم معالجة طلبات لجوئهم بالدولة الواقعة في شرق إفريقيا.
حتى الآن، تعثرت سياسة الحكومة البريطانية في ترحيل المهاجرين إلى رواندا، نتيجة الاستئنافات القانونية، وفشلت في نقل شخص واحد في الأشهر السبعة منذ الإعلان عن الخطة.
ترى جماعات حقوق الإنسان أن الخطة مثيرة للانقسام وقاسية تجاه الفارين من الحرب أو عدم الاستقرار أو الاضطهاد.
وتقترح بالمقابل حلولًا جزئية للحكومة لمعالجة أزمة الهجرة، بإعطاء الأولوية لمعالجة الطلبات من خلال زيادة التمويل وإنشاء مراكز جديدة في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى المطالبة بالتخلي عن القانون الذي يقضي بضرورة تقديم طلبات اللجوء على أراضي المملكة المتحدة، ما يسمح للناس بالتقدم في السفارات قبل أن يكملوا رحلة طويلة عبر أوروبا وعبر القناة الإنجليزية.
بدوره، أوضح الباحث بن رامانوسكاس أن الخطة لا تعمل، ولم تعمل كرادع بأي شكل من الأشكال لطالبي اللجوء الآخرين في المجيء إلى بريطانيا رغم سياسات الحكومة.
وانتقد القانون الحالي الذي يمنع طالبي اللجوء من العمل لمدة عام، وشدد على ضرورة تخفيفها لمساعدة الناس على إعالة أنفسهم والمساهمة في الاقتصاد.
وقال إن إبقاء الناس في حالة فقر يؤدي إلى الجريمة، وعدم شغل وقتهم يعود بالسلبية عليهم وعلى المجتمعات المحلية، حسب تعبيره.
ولفت إلى تجربة الدول التي تسمح لطالبي اللجوء بالعمل فورًا، مثل كندا والسويد وأستراليا، بينما في الولايات المتحدة الأمريكية ينتظرون ستة أشهر، مقارنة بعام كامل في بريطانيا.
أرعبت خطة الترحيل المعارضين السياسيين والجمعيات الخيرية وزعماء الكنيسة الذين قالوا إنها غير إنسانية، ووصفها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنها “كارثية”.
ونددت بها قيادة الكنيسة الإنجليزية بأكملها، ووصفتها بأنها “سياسة غير أخلاقية تُخزي بريطانيا”، وفقًا لشبكة “CNBC” الأمريكية.
مركز احتجاز.. “حديقة حيوانات”
قال أحد المقيمين في مركز “مانستون” لمعالجة طلبات اللجوء لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، إن الظروف في المركز تشبه العيش في سجن أو حديقة حيوانات.
وأوضح أن الأشخاص في المركز الواقع بمنطقة كنت جنوب شرقي إنجلترا، عوملوا مثل “الحيوانات”، حيث أُجبر 130 شخصًا على تقاسم خيمة واحدة كبيرة.
وأضاف أنه أُجبر على النوم على الأرض، ومُنع من الذهاب إلى المرحاض أو الاستحمام أو الخروج لممارسة الرياضة طوال 24 يومًا، قبل خروجه في 31 من تشرين الأول الماضي.
يُحتجز حاليًا أكثر من أربعة آلاف مهاجر في مركز “مانستون”، الذي كان من المقرر أن يستضيف 1600 فقط، وهو قاعدة عسكرية سابقة، افتتح في شباط الماضي للعدد المتزايد من المهاجرين.
يخضع المهاجرون في أثناء قدومهم لفحوصات أمنية، ومن المفترض أن يُنقلوا إلى نظام إقامة اللجوء التابع لوزارة الداخلية، الذي يكون فندقًا في الغالب لنقص أماكن الإقامة.
لكن المركز أصبح أكثر ازدحامًا عقب إرسال 700 مهاجر إليه، في 1 من تشرين الثاني الحالي، من مركز آخر ألقيت قنابل حارقة عليه في مدينة دوفر المجاورة، ما يدل على بقاء المهاجرين لفترات أطول من المدة المفترضة.
Dozens of young children are being held at Manston detention camp in Kent.
Mothers, fathers, children and babies from Syria, Iraq, Afghanistan, Pakistan and elsewhere.
We went today and heard them chanting for their freedom.
This is persecution. FREE THEM AND CLOSE IT DOWN. pic.twitter.com/3lWbGQT5LB
— SOAS Detainee Support (SDS) (@sdetsup) October 30, 2022
وصل عدد القادمين إلى المملكة المتحدة خلال العام الحالي إلى ما يقرب من 40 ألف شخص، مع عبور ألف شخص تقريبًا من القناة الإنجليزية، في 29 من تشرين الأول الماضي.
من جهته، قال “الصليب الأحمر” البريطاني، إن “المشكلات الخطيرة في مانستون تدل على القضايا الأوسع التي تواجه نظام اللجوء”.
بدوره، وصف رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، دخول المهاجرين إلى البلاد عبر القناة الإنجليزية بأنه “خطير وغير مسبوق”، في مقابلة مع صحيفة “التايمز”، السبت 5 من تشرين الثاني.
وقال، “لا يوجد حل سهل بين عشية وضحاها لهذا التحدي”.
–