أفاد تقرير صادر عن مركز “الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن (CSIS) اليوم، الاثنين 14 من شباط، أن التلاعب بالمساعدات من قبل حكومة النظام في سوريا هو شكل فريد ومستمر للسيطرة، يحتاج إلى معالجة عاجلة.
وقال التقرير، إن النظام يتمتع بقبضة شديدة على وصول منظمات الإغاثة، بما في ذلك من خلال الموافقات على التأشيرات، لدرجة أنه صار من الطبيعي بالنسبة لأقارب كبار مسؤولي النظام الحصول على وظائف داخل هيئات الأمم المتحدة.
وأضاف أن تهديد الإكراه والقتل الملقى على عمال الإغاثة يمنع المراقبة المستقلة لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.
وإلى جانب تحويل طعام الأمم المتحدة إلى قوات النظام، يستفيد الأشخاص المسؤولون مباشرة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
ووجد التقرير أن محمد حمشو، وهو رجل أعمال مقرب من “الفرقة الرابعة“، وماهر الأسد شقيق رئيس النظام، قد فازا بعقود مشتريات أممية لتجريد المعادن في المناطق التي استعادتها حكومة النظام، وإعادة تدويرها للبيع في شركة الحديد لتصنيع المعادن التي تعود ملكيتها له.
وصدر التقرير بعنوان “مساعدة الإنقاذ في سوريا” استنادًا إلى مقابلات مع مسؤولي الأمم المتحدة والعاملين بالمجال الإنساني في سوريا.
وذكر أنه عندما نُقلت المساعدات “عبر الخطوط”، في كل من شمال غربي وشرقي سوريا، والمعروفة باسم الشحنات “العابرة للخطوط”، كانت هناك سرقات وتم توزيع المعدات الطبية بشكل عشوائي.
وقالت الكاتبة ناتاشا هول، في التقرير المكوّن من 70 صفحة، “لا توجد مواقف كثيرة في تاريخنا، حيث يظل شخص ارتكب فظائع جماعية إلى المستوى الذي كانت عليه حكومة الأسد، في السلطة، ويسيطر على جهاز المساعدة”.
وأضافت هول، “إذا كانت حكومة الأسد ستبقى في مكانها، وهو ما يبدو أن الكثير من الحكومات قد استسلمت له، فيجب تسوية هذا الأمر، لأن المساعدات ستستمر على الأرجح في هذه البيئة المعادية”.
وصلت 43 ألفًا و500 حصة غذائية فقط إلى شمال غربي سوريا في قوافل “عبر الخطوط” مقارنة بـ1.3 مليون تم تسليمها من تركيا في تشرين الثاني 2021.
وأشارت هول إلى أن الإمدادات استغرقت أربعة أشهر لتصل إلى المحتاجين، لأنها كانت موجودة في المستودعات، لأن النظام لن يسمح للمنظمات غير الحكومية المرتبطة بالمعارضة بتوزيعها.
وأوضحت أن التلاعب بالمساعدات قد نما في العقد الماضي من الحرب، ومن الضروري إجراء تدقيق وتقييم شاملين للمساعدات في سوريا.
وتابعت، “هذا جزء من قضية منهجية يجب حلها لأنه سيتم نسخها مرارًا وتكرارًا من قبل جهات فاعلة أخرى (…) الذين يتعلمون دروسًا مما فعله النظام السوري”.
وبحسب التقرير، فإن الاستجابة الدولية للأزمة السورية بحاجة إلى التركيز على أربعة محاور أساسية، إذ يجب أن يجعل المانحون من أولوياتهم فهم إلى أين تذهب المساعدات ولمن، كما يحتاجون إلى إجراء تقييم صارم وسياقي للتحديات التي تواجه المساعدة من المجتمع إلى مستوى الدولة.
كما يجب على الحكومات المانحة التي لها مصلحة في سوريا الانخراط في دبلوماسية ومفاوضات أكثر اتساقًا، وهي بحاجة إلى التفاوض نيابة عن قطاع المساعدة في شمال غربي وشمال شرقي سوريا، وعليها التفاوض بشكل جماعي مع حكومة النظام والقوى الخارجية لمنع التدخل في استجابة المساعدات وتأمين وقف إطلاق النار.
وفي المناطق التي يمكن فيها تأمين المبادئ الإنسانية والسلامة، يجب على المجتمع الإنساني التركيز بشكل أكبر على المرونة، ما يحسّن قدرات المجتمعات على تحمّل الصدمات في استجابة المساعدات الطارئة.
ويجب أن يعمل المانحون بجهد أكبر لتسهيل المساعدات، ففي حين أن العقوبات وإجراءات مكافحة الإرهاب تخدم غرضًا مهمًا، فإنها لا تؤدي فقط إلى إعاقة تقديم المساعدة، ولكنها غالبًا تزيد من قوة الجهات الفاعلة الخاضعة للعقوبات.
وأشار التقرير إلى أن المزيد من التأكيدات المباشرة للبنوك أو حتى إنشاء قناة مصرفية للمساعدة وتنسيق اللوائح بين الحكومات المانحة، مع ضمان العناية الواجبة لضمان عدم تورط الموردين والشركاء في انتهاكات حقوق الإنسان، يمكن أن يخفف من هذه الأعباء.
اقرأ أيضًا: الأسد يرفد خزينته من أموال المساعدات الأممية في سوريا
غياب الضوابط في عمليات الشراء
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أصدرت مع ”البرنامج السوري للتطوير القانوني” دليلًا حول دور غياب الضوابط في عمليات الشراء من قبل وكالات الأمم المتحدة التي تقدم المساعدة في سوريا في تمويل الكيانات المنتهكة لحقوق الإنسان.
ووثّق الدليل الصادر عن المنظمتين، في 27 من كانون الثاني الماضي، عمليات شراء أجرتها وكالات الأمم المتحدة من جهات ارتكبت العديد من الانتهاكات في سوريا.
وتوصل الدليل إلى أن اعتماد مسؤولي المشتريات في وكالات الأمم المتحدة على قوائم عقوبات الأمم المتحدة غير كافٍ، موضحًا أن هذه العقوبات تضم بشكل أساسي تنظيم “القاعدة” وتنظيم “الدولة الإسلامية”، لكنها لا تشمل جميع منتهكي الحقوق الآخرين، بينهم أشخاص منتمون للحكومة السورية والميليشيات التابعة لها.
ويعتمد الاقتصاد السوري في مناطق سيطرة النظام بشكل أساسي على شبكات الأعمال التي ترتبط بشكل وثيق بالحكومة، ما يزيد احتمالية مشاركتها بارتكاب الانتهاكات ويتطلّب المزيد من الحذر خلال تقديم المساعدات، وفق الدليل.
ويؤكد النظام السوري أهمية المساعدات الأممية ودورها في دعم اقتصاده من خلال محاولات إيقاف المساعدات عبر الحدود، والسيطرة على قطاع المساعدات الأممية في مناطق سيطرته لتحقيق مكاسب أمنية واقتصادية.
اقرأ أيضًا: النظام السوري يسرق ملايين المساعدات من خلال التلاعب بسعر الصرف
–