شهدت أعداد مصابي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) انخفاضًا طفيفًا في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، منذ بداية تشرين الثاني الحالي، مقارنًة بالأسابيع الماضية.
وبلغ عدد الوفيات بفيروس “كورونا” في شمال غربي سوريا 78 حالة وفاة، في الفترة بين 1 وحتى 9 من تشرين الثاني، بحسب رصد أجرته عنب بلدي عن “الدفاع المدني السوري”.
ونقلت الفرق المتخصصة في “الدفاع المدني” خلال الأيام السبعة الماضية 188 إصابة بالفيروس.
وأعلنت “مديرية صحة إدلب” في أحدث إحصائية لها، في 8 من تشرين الثاني، تسجيل 186 إصابة جديدة بالفيروس، ليبلغ إجمالي الإصابات 90 ألفًا و21 حالة، من ضمنها إجراء 603 تحاليل بلغ نسبة الإيجابية منها 31%.
كما سجلت المديرية 435 حالة شفاء جديدة، منها 360 حالة في إدلب، ليصبح إجمالي حالات الشفاء 53 ألفًا و610 حالات.
وسجلت 38 حالة وفاة سابقة كوفيات مرتبطة بالفيروس، ما يرفع إجمالي الوفيات إلى ألف و934 حالة.
وكان “الدفاع المدني ” أحصى 87 حالة وفاة بين 20 وحتى 27 من تشرين الأول الماضي، نقلتها الفرق المختصة إلى المستشفيات ومراكز العزل الخاصة بالفيروس في الشمال.
وإلى جانب الوفيات، نقل الفريق 222 إصابة إلى مراكز العزل الطبي، في الفترة نفسها من الشهر الماضي.
ومن 14 إلى 18 من شهر تشرين الأول الماضي، أعلن “الدفاع المدني” عن وصول حصيلة الوفيات المرتبطة بالفيروس إلى 40 حالة، ونقل 127 إصابة إلى مراكز العزل الطبي.
مدير المكتب الإعلامي في المديرية الجنوبية لـ”الدفاع المدني”، محمد حمادة، أوضح في حديث إلى عنب بلدي أن الأرقام التي يعلن عنها “الدفاع المدني” للوفيات ليست كلها جراء الإصابة بالفيروس، باعتبار أن تحديد سبب الوفاة مسؤولية الجهات الطبية المتخصصة، ولفت إلى وجود حالات وفاة مصابة بالفيروس، لكن سبب الوفاة قد لا يكون جراء الإصابة.
ويأتي عدد الوفيات المرتبطة الفيروس في الشمال السوري بشكل موجات، وتشهد المنطقة الآن الموجة الثانية، والتي بدأت منتصف شهر أب الماضي، وحتى الموجة نفسها لا تكون ثابتة، بحسب حمادة.
إقبال لأخذ اللقاح
وأشار حمادة إلى وجود إقبال نوعي من مختلف الفئات العمرية على أخذ اللقاح المضاد لفيروس “كورونا”، وفي مختلف المناطق شمال غربي سوريا، بعد انتشار تطمينات عديدة من مصادر وجهات طبية وعالمية، أفادت بأن اللقاح آمن ويحد من خطر المرض في حال أصاب الشخص الذي تلقى اللقاح.
ومع دخول فصل الشتاء في الشمال السوري، كانت المنطقة شهدت العام الفائت انخفاضًا ملحوظًا في أعداد الإصابات والوفيات ب”كوفيد 19” مع دخول الشتاء العام الفائت.
واقع صحي “منهك” ومخاوف من ارتفاع الإصابات
أكد حمادة أن انخفاض أعداد الوفيات لا يشير إلى انتهاء الذروة، لأن الوضع الصحي لا يزال دون المستوى المطلوب ولا يلبي الاحتياج الكامل، خصوصًا وأن الفيروس في كثير من البلدان عاود الانتشار، وبعض الدول تعرضت لأربع موجات منه، ولايزال منحنى الإصابات والوفيات ليس بالإيجابي، ومهدد بالعودة إلى الصعود التدريجي من جديد.
ولا تزال المخاوف موجودة من تصاعد مفاجئ في أعداد الوفيات، خصوصًا مع الواقع الصحي “المنهك” والاستنفاذ الكبير في المستلزمات الطبية، وسط إشغال كافة أسرّة العناية المركزة في المشافي الخاصة بالفيروس، وأسرّة مراكز العزل والتعويض غير المتكافئ للأكسجين، وهو أحد أهم المستلزمات الطبية المنقذة لحياة المصابين بالفيروس.
ويوجد أعداد كبيرة من المرضى بحاجة لرعاية طبية مستمرة داخل المشافي التي هي بالأساس مكتظة، وكل دقيقة نكسبها في شفاء أسرع للمريض تعني أن مريض آخر دخل في خطة العلاج والعكس صحيح، حسب حمادة.
كما يوجد عجز في الاستجابة، بسبب النقص الكبير في عدد أسرّة العناية المشددة، والبالغ عددها 173 سريرًا، فيما يبلغ عدد المنافس 157 منفسة، وهي لا تغطي العدد الهائل من الإصابات اليومية التي يتجاوز متوسطها ألف حالة،بحسب حمادة، كما أن النقص الحاد في الأكسجين يتجاوز 50٪ من الاحتياجات البالغة ألفين و156 جرة سعة 40 لتر، مغطى منها ألف و 78 جرة فقط.
الوضع الاقتصادي والقصف .. عوامل مساعدة
أكد حمادة أن الوضع الاقتصادي المتردي يمنع الكثيرين من الالتزام بإرشادات الوقاية، وغياب الخدمات الأساسية، وصعوبة تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي لاسيما في المخيمات.
وتفتقر تلك المخيمات للحد الأدنى من مقومات الحياة، سواء فيما يتعلق بمياه الشرب أو خدمات الصرف الصحي والخدمات الطبية، وشهدت تلك المخيمات اكتظاظاً شديداً بالمدنيين.
في حين ما يزال النظام وروسيا يستهدفان بالقصف الجوي والمدفعي بشكل يومي منازل المدنيين في ريفي إدلب وحلب وحماة، ويمنع هذا القصف أعداد كبيرة من المدنيين من العودة لمنازلهم والبقاء في المخيمات.
لا يمكن أن ينظر لانتشار فيروس “كورونا” في الشمال السوري بمعزل عن الظروف والسياق العام للحياة، فالقصف والعمليات العسكرية للنظام وحليفه الروسي سببت موجة نزوح كبيرة خلال العام الماضي، ويتجاوز عدد النازحين مليون ونصف مليون مدني لجأ أغلبهم إلى مخيمات الشريط الحدودي.
ودمرت قوات النظام وروسيا عشرات المشافي والمراكز الصحية خلال السنوات الماضية، مما زاد الأمر سوءاً.
وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثقت في 15 من آذار الماضي 863 حالة اعتداء على المنشآت الطبية،خلال عشر سنوات من الثورة في سوريا، استُهدف بعضها لأكثر من مرة، وحمّل التقرير النظام وحليفيه، الروسي والإيراني، مسؤولية قرابة 89% من هذه الحوادث.
مؤخرًا استُهدفت النقطة الطبية في بلدة مرعيان بجبل الزاوية جنوبي إدلب، بقذائف “كراسنبول” الموجهة بالليزر، في 8 من أيلول الماضي، وأدى ذلك إلى تدمير النقطة الطبية بالكامل، وخروجها عن الخدمة.
الظروف السابقة تصعب من قدرة المنظمات والقطاع الطبي على مواجهة فيروس كورونا، في الشمال السوري الذي يعيش حربًا منذ أكثر من عشر سنوات، واتخذت العديد من المنظمات اجراءات واستجابات للحد من انتشار الفيروس ومن هذه المنظمات:
“الدفاع المدني السوري”
بحسب حمادة تجلت استجابة الدفاع المدني السوري الفيروس كورونا على أربعة محاور، ويتعلق المحور الأول بعمليات نقل جثث الوفيات ودفنها وفق إجراءات احترازية عالية لضمان عدم انتقال العدوى، ، بعد أن تحدد الجهات الطبية سبب الوفاة.
ونقل المصابين والمشتبه بإصابتهم إلى المستشفيات و مراكز عزل متخصصة باستقبال حالات “كورونا”.
المحور الثاني يتعلق بتأمين معدات الحماية للكوادر المستجيبة للفيروس (متطوعو الخوذ البيضاء وكوادر طبية)،يقدم “الدفاع المدني” مستلزمات الحماية الشخصية التي تم إنتاجها في معامل الدفاع المدني مثل الكمامات والأقنعة البلاستيكية وبدلات حماية للكوادر الطبية.
المحور الثالث يعتمد دعم القطاع الطبي، فقد أنشأ الدفاع المدني السوري معملاً لإنتاج الأكسجين، وتأمين الاحتياجات الأساسية والمستهلكات الطبية، كما دعم الدفاع المدني السوري ثلاثة مستشفيات في إدلب ببعض الأجهزة الطبية الضرورية لمواجهة الفيروس، مثل المنافس وأجهزة الرذاذ.
يتعلق المحور الرابع بالتوعية والمبادرات، حيث تعمل فرق “الدفاع المدني” على توعية المدنيين، سواء عبر الجلسات الفيزيائية والطلاب في المدارس أو البروشورات والملصقات، أو عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أطلقت متطوعات “الدفاع المدني” مبادرة للرعاية المنزلية للمصابين بفيروس كورونا، وذلك لتقديم الرعاية الصحية لهم داخل منازلهم وتشمل الإسعافات الأولية، وجلسات الرذاذ، وقياس أكسجة، وفتح أوردة.
“مديرية صحة إدلب” ومنظمات إنسانية
في سياق متصل، وقعت “مديرية صحة إدلب” ومنظمة “UOSSM France” مذكرة تفاهم بخصوص دعم مركز الرعاية الصحية الأولية في بلدة باريشا بريف إدلب الشمالي، من أجل التعاون والتنسيق بين المديرية وكافة المنظمات الشريكة، لتأمين الرعاية الطبية اللازمة للأهالي في محافظة إدلب، اليوم الثلاثاء 9 من تشرين الثاني.
كما وزعت “المديرية” كمية من المعقمات والكمامات وواقيات الوجه والمستهلكات الطبية الأخرى على المشافي ومراكز العلاج المجتمعي، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة.
وافتتحت “المديرية” بالتعاون مع منظمة “أطباء بلا حدود” و”مشفى الرحمة”، يوم أمس الاثنين، مركزًا للعلاج المجتمعي في مدينة دركوش بمنطقة جسر الشغور،
وفي شهر تشرين الماضي أطلق فريق “ملهم التطوعي”، بالتعاون مع منظمة “بنفسج” و”فريق حرية”، حملة “نفَس”، في تشرين الأول الماضي، لجمع تبرعات تغطي تكلفة ألف جرة أكسجين يوميًا، بسبب النقص الحاد في الأكسجين، الذي يعتبر أهم المستلزمات الطبية.