راجع سعد المحمد (40 عامًا)، من سكان قرية الصالحية بريف الرقة الشمالي، الوحدة الإرشادية في قريته مرات عدة خلال الأيام الماضية للحصول على شهادة منشأ لتسليم محصوله لكن دون جدوى.
لا يدري سعد إن كان الانتظار يجدي نفعًا، وفق ما قاله لعنب بلدي، لكن على القائمين على “المجفف” إيجاد حل ينهي معاناة المزارعين التي بدأت مع حصاد موسم الذرة والبدء بتسليمه.
ويثير بطء تسلّم محصول الذرة للموسم الزراعي الحالي من قبل “المجفف”، وهي المؤسسة المعنية بتسلّم المحصول في الرقة، استياء المزارعين في أرياف المحافظة.
وقال مزارعون بريف الرقة، لعنب بلدي، إن “مجفف الذرة” يستقبل يوميًا بحدود 40 شهادة “منشأ”، لكن العدد المطلوب أكبر من ذلك بكثير.
و”مجفف الذرة” هو أحد مستودعات المحاصيل في الرقة، ويحوي خطًا آليًا للتجفيف، وكان متوقفًا عن العمل مدة سبع سنوات خلال الحرب، قبل إعادة تأهيله لتسلّم المحصول من الفلاحين وتخزينه أو توريده لمعامل زيت الذرة الموجودة في كل من الحسكة والقامشلي.
ويحتل محصول الذرة المرتبة الثالثة في أهم المحاصيل الزراعية بالرقة بعد كل من القمح والقطن، ويستخدم كأعلاف للدواجن، إضافة إلى استخدامه في المعجنات وأنواع من الخبز، وينتج منه الزيت النباتي.
التوجه للتجار
بينما قال مزارعون في ريف الرقة، إنهم قرروا بيع محصولهم للتجار بشكل مباشر، وذلك يرافقه انخفاض للسعر وخصم للرطوبة يقوم به التاجر بعد حساب وزن المحصول.
اضطر فاضل الشريف (47 عامًا)، من سكان قرية ميسلون بريف الرقة الشمالي، إلى نشر محصول الذرة خاصته على الطرقات العامة في القرية لتجفيفه قبل بيعه.
فاضل كان قد راجع “مجفف الذرة” عدة مرات دون الحصول على بطاقة “منشأ”، لذلك ارتأى تجفيفه على الطريق وبيعه للتجار تجنبًا للخصم من وزنه بحجة الرطوبة.
وطالب فاضل القائمين على “مجفف الذرة” بضرورة إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات والعوائق التي تواجه المزارعين في الموسم الزراعي الحالي والمواسم المقبلة.
مساحة واسعة
إداري في “لجنة الزراعة والري” بـ”الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، قال لعنب بلدي، إن بطء تسلّم “المجفف” يعود للمساحة الواسعة لموسم الذرة مقارنة بالعام الماضي، وعدم التزام المزارعين بموعد التسليم، على حد قوله.
وزادت المساحة بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالموسم الزراعي الماضي وبنسبة 70% من إجمالي المساحة المروية التي تتجاوز 200 ألف هكتار، وفق ما قاله إداري “لجنة الزراعة والري” (طلب عدم ذكر اسمه).
وفي 14 من تشرين الأول الماضي، حددت “الإدارة الذاتية” سعر شراء كيلوغرام الذرة الصفراء من الفلاحين بـ1100 ليرة سورية، خاضع لنظام الدرجات.
ومنعت “الإدارة الذاتية” نقل هذا المحصول بين “الإدارات” (المناطق) التي تسيطر عليها إلا بموجب مهمة رسمية من شركة “تطوير المجتمع الزراعي”، وضمن “الإدارة” (المنطقة) الواحدة بموجب شهادة “المنشأ”.
واشتكى مزارعون في مناطق شمال شرقي سوريا من تأثر موسم الذرة الحالي بتوقف عدد كبير من مشاريع الري، بالإضافة إلى جفاف أصاب بعض الآبار السطحية نتيجة انخفاض مستوى نهر “الفرات”.
ومنذ بداية العام الحالي، انخفضت نسبة تدفق نهر “الفرات” نحو الأراضي السورية حتى 181 مترًا مكعبًا بالثانية، رغم وجود اتفاقية موقعة في العام 1987 تحدد نسبة التدفق بـ500 متر مكعب بالثانية.
والذرة من المحاصيل القصيرة الموسم، التي تنتشر زراعتها بشكل أساسي في الأراضي المروية، وتتراوح مدة زراعتها بين ثلاثة وأربعة أشهر، وتختلف نوعيتها مع اختلاف نوع التربة الزراعية.
وكانت محافظات الجزيرة السورية، الرقة والحسكة ودير الزور، تشكّل سلة سوريا الغذائية قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، لكن المنطقة خسرت هذه الصفة تدريجيًا مع التغيرات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها.
–