بعد تجوالها في سوق مدينة إدلب واستفسارها عن أسعار الخضار المتنوعة، فوجئت جميلة الحسين (36 عامًا)، بأسعار الخضار التي طرأ ارتفاع في أسعارها بين ليلة وضحاها، فعادت أدراجها إلى المنزل خالية الوفاض، دون أن تتمكن من شراء أي شيء يؤكل.
تقول جميلة في حديثها لعنب بلدي، إنها أجرت حسبة بسيط بعد اطلاعها على الأسعار، لتكتشف أن طبقًا من السلطة، سيكلفها أكثر من 30 ليرة تركية، فكيف سيكون الأمر إن أرادت إعداد وجبة طعام كاملة، “لاشك أنه كارثي”، على حد تعبيرها.
وتشهد مناطق إدلب وشمال غرب سوريا ارتفاعًا غير مسبوق في معظم أسعار الخضراوات والفواكة، مع انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، الأمر الذي انعكس سلبًا على حياة المدنيين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهونها.
وتحتار ربات البيوت في ما يمكن إعداده لعوائلهن من أطعمة، بعد أن بات إحضار موادها الأساسية من الرفاهيات، حتى وإن كانت مجرد خضار فقط.
تضيف جميلة لعنب بلدي، أن عائد عمل زوجها في مجال البناء لا يتجاوز الـ35 ليرة تركية (3.60 دولار أمريكي)، يحصل عليها بعد عمل يوم كامل يبدأ من ساعات الصباح الباكر وحتى المساء، في حين لم تعد تلك الأجرة قادرة على تأمين ماتحتاجه العائلة المؤلفة من خمسة أفراد، خصوصًا بعد الغلاء الذي حاربهم حتى في قوت يومهم، حسب قولها.
وتعتمد معظم ربات البيوت النازحات في تحضير أنواع الأطعمة على الخضار، كونها أقل تكلفة من اللحوم بأنواعها، ولكن ومع ارتفاع أسعارها لم يعد بإمكانهن الحصول عليها.
وارتفع سعر كيلو البندورة في إدلب، اليوم الأربعاء 3 من تشرين الأول، من 3 ليرات إلى 7 ليرات تركية، أي ما يعادل 2500 ليرة سورية، والبطاطا من ليرتين إلى 6 ليرات.
أما الخيار فارتفع من ليرتين ونصف إلى 8 ليرات، والباذنجان من ليرتين إلى 5 ليرات، والفليفلة من 3 إلى 6 ليرات تركية.
تقنين واستغناء عن الطبخ اليومي
غلاء الخضار دفع ربات البيوت إلى التقنين بعملية الشراء، والاستغناء عن الطبخ اليومي في معظم الأحيان، والاكتفاء بما يتوفر في المنزل من مؤن وأطعمة.
سلمى حاج حمدو (49 عامًا)، لديها عائلة كبيرة مؤلفة من 8 أشخاص، ولم يعد بإمكانها شراء الخبز وبعض المواد الغذائية بما يتوفر لديها من مال.
وقالت سلمى لعنب بلدي، “وكأنهم يريدون لهذا الشعب أن يموت جوعًا، حتى أصبحت أسعار الخضار تنافس مثيلاتها على الجانب التركي، بل وأغلى منها، وتساءلت، “كيف للعوائل الفقيرة هنا أن تتدبر أمورها وأمور إطعام أبنائها مع كل هذا الغلاء الفاحش”.
وتابعت، “إن كنا عاجزين عن تأمين احتياجاتنا الأساسية من الخبز الذي نحتاج خمسة أكياس منه يوميًا، فكيف سيكون الحال مع شراء الخضار التي أصبحت أسعارها تحلق في السماء دون رقيب”.
ولا تخفي سلمى أن وجبات طعامهم اقتصرت على طبق المجدرة اليومي وسندويشات الزيت والزعتر، في كثير من الأحيان، بدل وجبة الخضار كل يوم، لعدم قدرة العائلة على تأمين ثمن ” الطبخة” بشكل دائم.
ما أسباب غلاء الخضار؟
وعن سبب كل هذا الغلاء، قال أحد البائعين، ويدعى صهيب السمان لعنب بلدي، إن هيئة “تحرير الشام”، العاملة في مدينة إدلب وريفها، منعت استيراد بعض المواد من تركيا لوجودها محليًا.
وارتفعت الأسعار نتيجة قلة الخضار في الأسواق بعد القرار الذي يصب في صالح المزارعين المحليين، لكن القرار أثر على شريحة واسعة من المدنيين الفقراء العاجزين عن تأمين الخضار، بسبب تردي أحوالهم المعيشية وانعدام فرص العمل، وفق ما أوضحه لعنب بلدي.
ويشكو الكثير من مدنيي إدلب ضعف الرقابة التموينية التي لا تمارس دورها في ضبط الأسعار، إذ أبقت المجال مفتوحًا أمام المستغلين من التجار الذين باتوا يرفعون الأسعار وفق أهوائهم.
اقرأ أيضًا: سكان الشمال السوري يتلقون ضربات تراجع الليرة التركية
وأثّر انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي على الوضع الاقتصادي والعمّال في شمال غربي سوريا، إذ ما زالوا يحصلون على أجور ثابتة ومتدنية بالليرة التركية، وسط ارتفاع أسعار تشهده تلك المناطق.
كما ارتفعت أسعار أغلب المواد والمنتجات في الأسواق، خصوصًا المنتجات الاستهلاكية اليومية والمحروقات، مقابل الدخل.
وبلغت قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي اليوم الأربعاء 3 من تشرين الأول 9.6 ليرة، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات.
شاركت في إعداد المادة مراسلة عنب بلدي في إدلب هاديا منصور