خطيب بدلة
الحكاية الأولى: في قديم الزمان، كان أحد الرجال مع زوجته في جلسة صفا، وفجأة، فتحت فمها، ودفعت العلكة بلسانها إلى الأمام، ونفختها حتى انفجرت، وانفلتت بضحك هستيري، وسرعان ما انقلب الضحك إلى سهسكة (مشفترة). انتظر الرجل حتى هدأت هذه العاصفة المفتعلة، وسأل الزوجة عن سبب هذا التصرف الأخرق، فاحتدت، وقالت له إنه آخر مَن يحق له أن ينتقدها، أو ينتقد أي أحد في الدنيا. سألها باستغراب: ليش بقى؟ فقالت له: لأنك، السنة قبل الماضية، أضعتَ المنجل في الحصاد.
الحكاية الثانية: بمناسبة انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، أحدث مؤيدو “داعش”، و”النصرة”، و”جند الأقصى”، و”جيش الإسلام”، هيصة وزنبريطة، ولغطًا لم نفهم منه سوى عبارات متداخلة تقول، إن حركة “طالبان” لم تنتصر على أمريكا انتصارًا عاديًا، من قفا اليد، بل مرغت أنفها بالوحل، ولعنت سنسفيل العم سام في قبره. وذهب بعض المهيصين إلى أن حركة “طالبان”، حالما تلتقط أنفاسها، وتتأكد من جلاء آخر جندي أمريكي ممرغ أنفُه بالوحل، وتتأكد من أن النساء الأفغانيات عاقلات، ومحتشمات، و”مَضبوبات” في بيوت أزواجهن، سوف تسيّر جيوشَها الجرارة إلى الشام، وتخلّص المسلمين من حكم الأسد النصيري، وتطرد داعميه من المجوس الإيرانيين، والملاحدة الروس، وفي الطريق، وطالما أن هذه الجيوش حلت في المنطقة، ستُنهي الوجود الصهيوني الغادر، وتحرر القدس، ليصلي فيها مشايخنا الأفاضل، لأن مشايخ أفغانستان يكونون في هذه الآونة مشغولين بتثبيت أركان دولة الخلافة التي ستكون قبلة للمسلمين بعد مكة والقدس، بعون الله.
الحكاية الثالثة: كتب أحد الأصدقاء، وهو إنسان مسلم، ودارس، ومتعمق في الدين، ولكنه معتدل، على صفحته: إن “طالبان” و”داعش” منظمتان إرهابيتان، ارتكبتا مجازر بحق المدنيين في سوريا والعراق وأفغانستان، وأوضح أن الجرائم التي تُرتكب بحق الأبرياء لا يسقطها التقادم، ولا يغسلها النصر على الأمريكيين، ولا تنفع معها توبة أو ندامة. علّق أحد مؤيدي “داعش” و”طالبان” على المنشور بأن كاتب “البوست” فلانًا الفلاني، متأمرك، غربي الهوى، صهيوني العقيدة، لم يأتِ في كلامه على ذكر فرنسا التي قتلت الملايين في الجزائر ومالي وإفريقيا، وستالين الذي أباد الملايين، وماو تسي تونغ الذي قتل عشرات الملايين، وجورج بوش الأب الذي أمر بارتكاب مجزرة في الجيش العراقي، وجورج بوش الابن الذي قتل مليون عراقي وشرد ثلاثة ملايين، وغزا أفغانستان، وأوباما عاشق الملالي الذي أسهم في قتل السوريين وتهجيرهم. (لم يناقش صاحب التعليق كلمة واحدة مما ورد في كلام الرجل صاحب البوست).
الحكاية الرابعة: كتبتُ معلقًا على الكلمة المصوّرة التي وجهها الشيخ الأستاذ أسامة الرفاعي إلى أهل درعا، وقدم خلالها معلومات من قبيل أن النظام السوري يقتل المدنيين، وأنه ضرب الغوطة وغيرها بالكيماوي، وأن الروس والإيرانيين يؤازرونه، والعالم كله صمت عن مجازره، وأن العرب لم يقدموا شيئًا للسوريين ولأهل درعا، وأن على الدرعاويين أن يتحدوا ويتضامنوا. وقلت: كل هذه المعلومات يعرفها أهل درعا، فما جدوى رسالته؟ رد عليّ أحد المتابعين بسؤال غريب، قال: خطيب بدلة، أنت شو قدمت لدرعا؟