خرجت مظاهرة وسط مدينة إدلب اليوم، السبت 6 من آذار، رفضًا لقرار رفع إيجارات محال تابعة لأوقاف محافظة إدلب شمال غربي سوريا، من قبل حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب وجزء من ريف حلب الغربي.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بتنفيذ نصوص عقودهم الأصلية، وعدم تجاوزها لأنها شرعية، بحسب تعبيرهم.
وقال عمار دعبول، أحد أصحاب المحال ومشارك في المظاهرة، إن نص العقد الأساسي يسمح للأوقاف كل ثلاث سنوات برفع أجور المحال بين 10 و35%.
وأضاف عمار أن أصحاب المحال دفعوا “فروغًا” أو هبات للأوقاف، ما أدى إلى نقل ملكية المحال إليهم.
ودفع عمار “فروغ” محله منذ عام 1990، مشيرًا إلى أن الحكومة إذا أرادت المحال فلتأخذها، لكن عليها أن تعيد المبلغ الذي دفعه كـ”فروغ” للمحل (تسعة دونمات أرض وثمانية آلاف دولار حينها، ويعادل هذا 2.7 كيلوغرام من الذهب حاليًا).
يقع محل عمار في الجهة الشمالية لجامع “الأقرعي” في مدينة إدلب، وسط ساحة البازار، ورفعت الأوقاف إيجاره من 20 دولارًا شهريًا إلى 100 دولار.
وكان أصحاب المحال تلقوا إنذارًا في شباط الماضي، برفع إيجارات المحال التابعة للأوقاف، ما أدى إلى رفض القرار الذي وجدوه ظالمًا ولا يراعي إيراداتها المالية، وانتقاد لجنة التقييم، حسب لقاءات سابقة أجرتها عنب بلدي مع أصحاب المحال.
وتحدث أصحاب المحال لعنب بلدي، في شباط الماضي، أنهم أجروا اجتماعًا فيما بينهم وسيطرحون الأمر على رئيس مجلس مدينة إدلب، خير الدين عيسى، وهو بدوره ينقل الصورة إلى الوزارة.
وفي حال لم تتجاوب الوزارة للوصول إلى حل يرضي الطرفين، سيضرب المعترضون دون دفع إيجار المحال.
“الإنقاذ”.. رفع الأجور منطقي
معاون وزير الأوقاف في حكومة “الإنقاذ” ومدير أوقاف إدلب، إياد المصري، قال، في حديث سابق إلى عنب بلدي، إن لدى مديرية أوقاف إدلب تقريبًا 390 عقارًا، ورفعت إيجارات 70 عقارًا فقط.
وأضاف مدير الأوقاف أن الإيجار رُفع للمثل (أي بنفس إيجار العقار الذي يماثله في المواصفات)، مشيرًا إلى أن العقارات التي رُفعت إيجاراتها كان أصحابها يدفعون بالأصل أجورًا قليلة، لأنهم دفعوا هبات لحكومة النظام السوري (سابقًا).
واعتبر المصري أن “هذا الأجر الزهيد ظلم”، لأن “الوقف هو حق الله أولًا ثم حق الواقف الذي أراد بوقفه الأجر، ثم الخطباء والأئمة، الذين تدفع رواتبهم من عائدات الوقف”.
وقارن مدير الأوقاف بين محل في وسط السوق يدفع مستأجره شهريًا 40 دولارًا، بينما يصل إيجار مثيله إلى 350 دولارًا.
أما بقية المحال (عدا الـ70)، فضاعفت الأوقاف إيجارها “الزهيد”، بحسب المصري، ليصل الإيجار إلى 60 دولارًا في السنة، بعدما كانت بحدود 30 دولارًا.
ولم يرفع الإيجار هذه المحال كسابقاتها لأنها قديمة البناء أو في “عبارات” فرعية، حسب المصري.
كيف جرت عملية التقييم
واشتكى أصحاب محال التقت بهم عنب بلدي سابقًا من آلية تقييم لجنة وزارة الأوقاف، وعدم إخبارهم مسبقًا بالرفع، إذ سبقت ذلك إشاعات بداية شباط الماضي، توقعت أن يكون رفع الإيجار بين 20 و50 دولارًا شهريًا، بينما ستصل إيجارات بعض المحال إلى 200 دولار بعد الرفع حسب أهمية المنطقة.
وأضاف أصحاب المحال أن المشكلة تكمن في أن اللجنة التي قيّمت الأجور تنظر إلى مستأجري المحال الأخرى (غير التابعة للأوقاف)، الذين يدفعون 300 أو 400 دولار شهريًا، لكن هؤلاء أنفسهم لا يستطيعون الاستمرار بالعمل نتيجة ارتفاع الإيجار وغلاء الأسعار، ويغلقون محالهم.
كما أن اللجنة لم تسأل أصحاب المحال أو تستفسر منهم، وعليه طالب مروان قواصرة أن يأتي أحد من وزارة الأوقاف إلى محله ويقيّم الوضع بنفسه.
ورد مدير أوقاف إدلب، إياد المصري، على تساؤل عنب بلدي حول آلية تقييم أجور المحال، أن الوزارة تجري تخمينًا للعقارات الوقفية بشكل سنوي أو موسمي، بحيث تتناسب الإيجارات مع الواقع، سواء كانت محال أو أراضي زراعية.
و”هذا الروتين يعلمه جميع المستأجرين. في مطلع العام نقوم بتخمين العقارات من قبل لجنة فيها خبير عقاري ومندوب من المديرية”، حسب قوله.
ثم يعلن التخمين بشكل علني، ومن كان له اعتراض يتقدم باعتراضه لـ”لجنة الطعون” في الوزارة.
وتنزل “لجنة الطعون” إلى الأسواق مع خبير عقاري آخر، وأحيانًا اثنين، وتطابق التخمين مع إيجار المحال المماثلة للعقار الوقفي، وتقدم تقريرها بمطابقة التخمين أو عدمه، ثم تقر الإيجارات بعد تقديم لجنة الطعون تقريرها.
وتُعتبر العقارات الوقفية ملكية من نوع خاص، فليست من أملاك الدولة كي تتصرف الحكومات بها كما تشاء، كما أنها ليست من أملاك الأفراد، رغم أن معظم الأملاك الوقفية هي بالأصل من الأملاك الخاصة للأفراد الذين تنازلوا عنها للأوقاف لتكون ثمارها مخصصة لأعمال البر والخير ومساعدة المحتاجين.
وهي جميع الأموال والعقارات الموقوفة والأوقاف الخيرية والأوقاف المنشأة لجهة من جهات الخير المحضة، ومثالها المساجد والتكايا والزوايا ودور التوحيد والمدارس والكتاتيب والمكتبات ودور الشفاء والمقابر والمقامات والمزارات وما شابهها، ويلحق بها جميع العقارات والأموال المنقولة وغير المنقولة الموقوفة على الجهات المذكورة.
–