“دعم” ضائع بين البلدية والكازية.. المازوت يباع بسعر مضاعف في درعا

  • 2021/01/17
  • 10:05 ص

تعبئة مازوت التدفئة من محطة الوقود - (صورة تعبيرية النهار)

درعا – حليم محمد

في مدينة طفس غربي محافظة درعا، ومع بدء أشهر الشتاء، قرر حسين ألا ينتظر دوره للحصول على مخصصاته من المازوت المدعوم الخاص بالتدفئة، بعد أن شهد تراكم أضابير السكان المستحقين للدعم في أدراج البلديات المحلية، “إن أردت انتظار دور توزيع مخصصات مازوت التدفئة المدعوم، لن أتسلّم حتى شهر نيسان”، قال الشاب الثلاثيني لعنب بلدي.

لجأ حسين عبد الكريم، كغيره من سكان المحافظة، لشراء مخصصاته بما يزيد على ضعف سعرها المقرر من حكومة النظام للحصول على دور مبكر، بعد أن عاقت “المحسوبيات” وإجراءات توزيع المحروقات وشروطها تسليم المواطنين حصصهم، التي لا تكاد تكفيهم لشهر.

المازوت المدعوم فقط عبر “البطاقة الذكية”

توزع مخصصات المازوت في درعا عبر “البطاقة الذكية”، التي تقدم لكل أسرة في المحافظة، منذ كانون الأول من عام 2018.

وحصرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك توزيع المحروقات بالبطاقة الإلكترونية من شركة “تكامل”الحكومية، إذ تخصص لكل أسرة حصة لا تزيد على 200 ليتر للفرد، بسعر مدعوم هو 180 ليرة لليتر، بناء على دور تنظمه وتشرف عليه البلديات المحلية، منذ أيلول 2020.

لكن تأخير التسليم، الذي تبرر محطات الوقود سببه بتأخر وصول الكميات المفترضة من المحروقات ونقصها، فتح باب الاستغلال والتلاعب بالقيمة الشرائية.

دفع حسين، الذي يعول عائلة مكونة من أربعة أفراد، “نحو 500 ليرة لليتر” لموزع مازوت يتعامل مع محطات الوقود، بعد أن سئم انتظار دوره للحصول على المازوت المدعوم.

عزت وزارة النفط والثروة المعدنية تأخر وصول كميات المحروقات إلى محطات الوقود، إلى “تأخر توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها بسبب العقوبات والحصار الأمريكي المفروض على سوريا”، وأصدرت قرارًا، في 10 من كانون الثاني الحالي، بتخفيض كميات المازوت الموزعة على المحافظات السورية بنسبة 24%، وكميات البنزين بنسبة 17%، ما ينبئ بمشاكل أكبر للمواطنين.

بين النقل والتدفئة.. محطات الوقود في درعا “مهددة”

أتاح نظام “البطاقة الذكية”، التي لا يميز الجهاز الإلكتروني الخاص بها تخصصها ما بين بطاقات التدفئة وبطاقات مركبات النقل، باب “السمسرة” و”المتاجرة” لاستغلال الحاجة إلى المازوت، إذ بإمكان محطات الوقود بيع مخصصات التدفئة لقطاع النقل والعكس بالعكس، وهو ما يخلق خللًا في التوزيع والتسليم.

وتستمر المخالفات، رغم تهديد محافظة درعا محطات ومراكز بيع الوقود بإلغاء ترخيصها في حال مخالفة توزيع المخصصات، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 10 من كانون الأول 2020، التي نقلت عن مدير فرع الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية، نعيم الجبر، قوله إن ذاك الإجراء فرضته ضرورة “عدالة التوزيع”.

ورصدت عنب بلدي آراء عدد من موزعي المازوت، وأوضحوا أن محطة الوقود لا تملك جهازًا مستقلًا لقطع مخصصات التدفئة أو النقل، وهو ما يمكّن أصحابها من مخالفة التوزيع.

ورفعت وزارة التجارة الداخلية، في 19 من تشرين الأول 2020، سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري الحر إلى 650 ليرة سورية، ولم تغير سعر مازوت التدفئة، الذي حافظ على سعره المدعوم 180 ليرة لليتر الواحد.

أميمة، المعلمة في مدرسة للتعليم الأساسي بريف درعا، لم تتمكن من الحصول على موعد محدد من البلدية لتسلّم مخصصاتها من المازوت، واستعانت أيضًا بوسيط لتأمين دورها، بعد دفع سعر يزيد الضعف على السعر المدعوم، إلا أن الكمية التي وصلتها ليست ما تحتاج إليه عائلتها المكونة من خمسة أفراد.
إذ انخفضت، خلال كانون الثاني من عام 2020، كمية المخصصات الموزعة على العائلات في درعا إلى النصف، في ظل غياب أي تصريحات رسمية للتبرير.

وتحتاج الأسرة المكونة من خمسة أشخاص، والتي تستعمل مدفأة واحدة في المنزل، إلى ما يعادل الثلاثة ليترات كحد أدنى، رغم ما  تشهده المنطقة من ارتفاع بدرجات الحرارة عن معدلاتها السنوية، وصل إلى ثلاث أو ست درجات مئوية.

وسائل بديلة للتدفئة

تحاول بعض العائلات التخفيف من استهلاك المازوت للتدفئة، وبعضها تعمل على الاستفادة من ساعات تشغيل الكهرباء، لتشغيل المدافئ الكهربائية، ولكن ذلك يزيد الحمولة على الشبكة ويدفعها للفصل المتكرر.

وتعتمد بعض العائلات على استخدام وسائل تدفئة بديلة كالحطب والغاز، إذ وصل سعر الطن من حطب الزيتون إلى 250 ألف ليرة سورية (86 دولارًا)، وسعر الطن من حطب الكينا 200 ألف، والطن من حطب العنب 175 ألفًا، لذلك يلجأ بعض الأهالي للتدفئة على أغصان الرمان واللوزيات التي يجمعها بعض سكان درعا من الحقول دون دفع ثمنها، رغم مشاكلها المتمثلة بصغر الأغصان.

وارتفع سعر الغاز الذي يستعمله بعض الأهالي، عبر مدافئ تعمل على الغاز، إذ وصل سعر الجرة في السوق السوداء إلى 40 ألف ليرة (14 دولارًا)، في حين لا تكفي المخصصات من الغاز المنزلي لأغراض الطبخ.

أما حسين فلم يجد بديلًا، بعد قرب نفاد مخصصات المازوت التي حصل عليها، ووصول سعر ليتر المازوت المباع في السوق السوداء إلى 1150 ليرة، سوى “مواجهة برد الشتاء بالأغطية”.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية